هل تساءلت يوما كيف يتوقف النزيف أثناء العمليات الجراحية وكيف يتوقف الدم إذا أصبت بجرح؟ كل هذا يعتمد على قدرة الدم على التجلط بطريقة طبيعية بحيث يتوقف أي نزيف بعد فترة قصيرة، ولكن ماذا يحدث عندما يصبح هناك خلل في تجلط الدم؟ هذا ما يسمى بمرض سيولة الدم أو الهيموفيليا، تعرف في هذا المقال على أعراضه ومخاطره وطرق علاجه.
ما هو مرض سيولة الدم؟
هو اضطراب وراثي من اضطرابات الدم حيث يحدث فيه عدم قدرة الدم على التجلط بطريقة طبيعية مما يسبب النزيف الحاد أثناء العمليات الجراحية أو بعد الإصابة بجرح، ويحدث ذلك بسبب نقص مستوى البروتينات في الدم التي تسمى عوامل التجلط وهي التي تساعد على إيقاف النزيف، في بعض الأحيان قد تحدث هذه السيولة في الدم في مراحل متأخرة وليس منذ الولادة، كما في حالة السيولة في الدم للحامل في شهور الحمل الأخيرة أو أثناء الولادة، أو مع بعض المسنين.
أسباب سيولة الدم
يحدث هذا المرض بسبب نقص مستويات بروتينات عوامل التجلط في الدم، أغلب مرضى السيولة يصابون به لعوامل وراثية وجينات يتوارثونها من أفراد أسرتهم، ولكن هناك حوالي 30% من المرضى لا يوجد لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالمرض، ولكن تظهر لديهم تحولات جينية في مراحل متقدمة بسبب قيام الجهاز المناعي بمهاجمة أي تجلطات دموية، ويرتبط ذلك بعدة حالات أهمها:
- الحمل.
- اضطرابات المناعة الذاتية.
- السرطان.
- مرض التصلب المتعدد.
أعراض سيولة الدم
يعتمد ظهور الأعراض على حسب شدة السيولة كما يلي:
السيولة الخفيفة في الدم
حيث تكون نسبة عوامل التجلط فيها من 5% إلى 50% وبوجود هذه النسبة قد لا تظهر أعراض واضحة إلا بعد الإصابة بجرح أو بعد عملية جراحية أو بعد خلع الأسنان قد يستمر النزيف لفترة أطول من الطبيعي.
سيولة الدم المتوسطة
حيث تكون نسبة عوامل التجلط فيها ما بين 1% و 5% وتظهر الأعراض مشابهة للسيولة الخفيفة في هيئة طول فترة النزيف بعد الجروح أو أثناء جراحة، ولكن قد تظهر أعراض أخرى مثل:
- ظهور الكدمات بسهولة.
- ظهور علامات نزيف داخلي حول المفاصل في حالة السقوط عليها أو صدمتها فيشعر المريض بألم بسيط ووخز وقد يتطور إلى ألم شديد وتورم وسخونة في المفاصل.
السيولة الشديدة في الدم
وتكون نسبة عوامل التجلط فيها أقل من 1%، وتظهر الأعراض مشابهة للسيولة المتوسطة ولكن أيضا يمكن ان يحدث نزيف بدون سبب وبشكل متكرر مثل:
- نزيف الأنف.
- نزيف اللثة.
- نزيف المفاصل.
- نزيف العضلات.
وإذا لم يتم علاج السيولة قد يتطور الأمر ليصاب المريض بتشوه في المفاصل قد يتطلب جراحة لاستبدالها، أو الإصابة بنزيف داخلي أكثر خطورة.
مخاطر زيادة سيولة الدم
إذا لم يتم اكتشاف السيولة وعلاجها بشكل مناسب قد تحدث عدة مضاعفات لسيولة الدم وتشمل:
- النزيف الداخلي الحاد: وهو استمرار النزيف الداخلي في الجزء العميق من العضلات مما يسبب تورم الأطراف وزيادة الضغط على الأعصاب بها مما يؤدي إلى الشعور بالألم والوخز.
- الإصابة بالعدوى: فالأشخاص المصابين بسيولة الدم قد يكونوا أكثر حاجة لنقل الدم مما يجعلهم عرضة للإصابة بالعدوى في حالة نقل دم ملوث ولكنها حالة نادرة في الوقت الحالي بسبب تقدم الطب وقدرته على فحص الدم واكتشاف الأمراض به.
- تلف المفاصل: ويحدث بسبب الإصابة المتكررة في المفاصل والنزيف بها مما يؤدي لالتهاب المفاصل وتشوهها تماما.
- نزيف المخ: الإصابات الخفيفة في الرأس قد تكون لها عواقب كبيرة لدى مرضى الهيموفيليا لأن هذه الإصابة قد تسبب نزيف داخلي في المخ لذلك يجب طلب المساعدة الفورية في حالة إصابة الرأس وظهور أعراض نزيف المخ.
- تكوين أجسام مضادة لعوامل التجلط: في بعض الأحيان قد يقوم الجهاز المناعي برد فعل عكسي لعوامل التجلط التي يتم العلاج بها، فيقوم بتكوين أجسام مضادة تقاوم العلاج فيصبح غير فعال.
تشخيص السيولة في الدم
عادة ما يتم تشخيص الهيموفيليا في عمر مبكر في الطفولة، ولكن في حالات السيولة الخفيفة قد لا يتم اكتشاف الإصابة إلا بعد البلوغ بسبب الإصابات المتكررة الي تسبب النزيف، ولكن عادة ما يتم القيام بتحاليل السيولة للطفل إذا كان أحد الأبوين لديه نفس المرض.
من الضروري أيضا إجراء تحليل سيولة الدم للحامل إذا كانت تعتقد أنها مصابة أو إذا كان أحد في عائلتها حامل للمرض، أو كان لديها طفل آخر مصاب بسيولة الدم.
والفحوصات التي قد يطلبها الطبيب تشمل:
- تحليل عوامل التجلط: فنسبة سيولة الدم الطبيعية يجب أن تكون عوامل التجلط بها أعلى من 50% وإذا قلت هذه النسبة فيتم تشخيص الإصابة بالسيولة.
- تحليل DNA: ويتم به الكشف عن الطفرات الجينية في العائلة.
علاج سيولة الدم
للأسف لا يوجد علاج يشفي من السيولة نهائيا ولكن يوجد علاج يعمل على منع أعراض السيولة وتقليل النزيف وتكون تجلطات الدم بشكل طبيعي، فعلاج السيولة الحادة يتطلب تلقي بدائل لعوامل التجلط الطبيعية عن طريق حقن وريدية والتي يتم أخذها باستمرار وانتظام لمنع النزيف والحفاظ على السيولة الطبيعية للدم، ويتم الحصول على عوامل التجلط البديلة إما عن طريق دم متبرع من شخص آخر أو بتصنيعها في معامل مخصصة لذلك.
وهناك بعض العلاجات الأخرى المساعدة والتي تشمل:
- حقن ديسموبريسين Desmopressin: والتي تقوم بتحفيز الجسم على إنتاج عوامل التجلط الطبيعية في حالات السيولة الخفيفة.
- أدوية تحافظ على منع التجلطات الطبيعية من التكسر.
- عمل إسعافات أولية في حالة الجروح بشكل سريع واستخدام كمادات الثلج لوقف النزيف.
- في حالة القيام بنقل الدم باستمرار قد يكون من الضروري أن يحصل المريض على لقاحات ضد الفيروسات المختلفة مثل لقاح فيروسات الكبد.
محاذير مع الإصابة بسيولة الدم
هناك بعض المحاذير التي يجب أن يعرفها مريض السيولة:
- تجنب تناول بعض الأدوية المسكنة التي تزيد من السيولة مثل الأسبرين والإيبوبروفين، ويمكنك تناول الأسيتامينوفين كبديل آمن.
- تجنب تناول الأدوية المضادة للتجلط مثل الهيبارين والوارفارين.
- تجنب خلع أسنان طفلك بمفردك في المنزل والأفضل خلعها في عيادة الطبيب وإخبار الطبيب بحالته.
- حاول الحفاظ على طفلك من الإصابات قدر الإمكان أثناء لعبه أو ممارسته أنشطة رياضية.
وأخيرا يجب ان تعرف أنه لا يوجد طريقة للوقاية من سيولة الدم ولكن هناك طرق للتعايش مع المرض والالتزام بالأدوية لمنع حدوث أي مضاعفات، وإذا كان لديك أي استفسار يمكنك استشارة أحد أطبائنا من هنا.