استئصال الرجفان الأذيني هو إجراء طبي يهدف لعلاج مشكلة عدم انتظام ضربات القلب التي تبدأ في الغرف العلوية للقلب (الأذينان). ويمثل استئصال الرجفان الأذيني نوع من عمليات استئصال الأنسجة القلبية، وتعتمد فكرته على إحداث تندب أو تدمير لجزء من أنسجة القلب، وبالتالي يعيق سير الإشارات الكهربية المسببة لعدم انتظام ضربات القلب.
ويتم اللجوء لاستئصال الرجفان الأذيني في حالة فشل الأدوية والتدخلات الجراحية الأخرى في السيطرة على عدم انتظام ضربات القلب. ونادراً ما يكون هذا الإجراء هو الخيار العلاجي الأول لمريض الرجفان الأذيني.
وعلاج الرجفان الأذيني عادة ما يحسن من الأعراض كالإرهاق وصعوبة التنفس. وفي حالة لم يتم علاجه، فإن الرجفان الأذيني يزداد سوءاً بمرور الوقت.
أنواع عملية استئصال الرجفان الأذيني
يعتمد استئصال الرجفان الأذيني المناسب لكل مريض على سبب عدم انتظام ضربات القلب ووجود أمراض قلبية أخرى من عدمه. ويوجد ثلاثة أنواع من عمليات استئصال الرجفان الأذيني:
عملية الاستئصال بالقسطرة
عند القيام بهذا الإجراء، يقوم الطبيب بإرسال خيط طويل ورفيع (القسطرة) إلى داخل القلب مع استخدام حرارة أو برودة عالية، فيتسبب هذا في حدوث ندبات دقيقة في أماكن معينة من عضلة القلب،
ويؤدي ذلك إلى إيقاف الإشارات الكهربية المسببة لعدم انتظام نبض القلب. كما يمكن تسمية هذا النوع بفصل الوريد الرئوي، وهو نوع من عملية الاستئصال بالقسطرة.
تقنية المتاهة
المتاهة هي إحدى تقنيات عملية الاستئصال، والتي تستخدم خلال عمليات القلب المفتوح، حيث يقوم الطبيب المعالج بإحداث نمط من الأنسجة الندبية شبيه بالمتاهة في الغرف العلوية من القلب، وذلك باستخدام مبضع أو أداة كي خاصة. وتعمل تقنية المتاهة كما تفعل عملية الاستئصال بالقسطرة، حيث تسعى لإيقاف الإشارات الكهربية المسببة لـ اضطراب ضربات القلب.
وتقنية المتاهة تناسب المرضى الذين فشلت معهم الخيارات العلاجية الأخرى، وكذلك المرضى الذين سوف يخضعون لجراحات قلب مفتوح لعلاج مشاكل قلبية أخرى مثل جراحات قنطرة الشريان التاجي وإصلاح صمامات القلب.
عملية استئصال العقدة الأذينية البطينية
في ذلك النوع من عمليات الاستئصال، يقوم الطبيب باستخدام القسطرة لإحداث تندب في منطقة من القلب تسمى العقدة الأذينية البطينية. وتمثل تلك العقدة نقطة الاتصال الكهربي بين غرفتي القلب العلويتين وغرفتيه السفليتين. وبهذا، يمنع التندب توصيل الأذينين للإشارات الكهربية المسببة للمشكلة إلى البطينين.
وعملية استئصال العقدة الأذينية البطينية تكون مناسبة للمرضى الذين لا يستجيب الرجفان الأذيني لديهم للخيارات العلاجية الأخرى، كما قد يحتاج المريض لتركيب منظم لضربات القلب بعد عملية استئصال العقدة الأذينية البطينية.
طريقة عمل تقنية استئصال الرجفان الأذيني
كل نبضة من القلب تُحفزها إشارة كهربية تصدر بشكل طبيعي من خلايا متخصصة في الغرفة العلوية اليمنى من القلب (خلايا توليد النظم). تلك الإشارة الكهربية تكون مصابة بخلل في مرضى الرجفان الأذيني، مما يجعلها تتحرك بسرعة أعلى بكثير من الطبيعي، مما يسبب ارتجاف (رجفان) عضلة القلب بدلاً من انقباضها
بقوة وفاعلية.
وتلك البقع التي تصدر إشارات سريعة تسمى النقاط الساخنة، ولاستعادة ضربات القلب الطبيعية، يجب عزل مصدر تلك النقاط الساخنة عن باقي أنسجة القلب.
والتقنية الأكثر شيوعاً لعلاج الرجفان الأذيني هي عملية الاستئصال بالقسطرة، حيث يقوم الطبيب بتمرير خيط أو أكثر خاص بالقسطرة عبر الأوعية الدموية وصولاً للقلب. ويتم استخدام القسطرة لتكوين خريطة للإشارات الكهربية في القلب، وبعد اكتشاف المناطق المسببة للمشكلة يتم تدميرها من خلال الحرارة أو البرودة العالية على تلك النقاط.
ويؤدي ذلك إلى تكون ندبات تمنع وصول الإشارات الكهربية المختلة، وبالتالي يعود نبض القلب إلى معدله الطبيعي.
واستخدام البرودة العالية لإحداث التندب يسمى (الاستئصال بالتبريد)، والذي يُعتبر تقنية أحدث، حيث يقوم الطبيب بإدخال القسطرة من المنطقة الأربية وصولاً إلى القلب، حيث النقاط المسببة لاضطراب ضربات القلب، ومن ثم يستخدم الطبيب القسطرة لنفخ بالون دقيق يؤدي لتجميد المنطقة المستهدفة. وينتج عن ذلك نسيج ندبي يعيق تحرك الإشارات الكهربية المختلة. وتلك التقنية تستهلك وقت أقل من الاستئصال بالحرارة، ولكن قد يكون لها مخاطر ومضاعفات مشابهة.
لماذا يتم إجراء عملية استئصال الرجفان الأذيني؟
عملية استئصال الرجفان الأذيني تساعد في تخفيف حدة الأعراض والعلامات، كما تساعد على تحسين جودة الحياة. وقد تمثل خياراً للمصابين بالرجفان، والذي لا يتحسن مع العلاجات الدوائية الأخرى. وقد يلجأ الطبيب لتلك العملية كخطوة أولى في بعض المرضى في حالة رفضهم للخيارات الدوائية الأخرى خوفاً من آثارها الجانبية.
معلومة عن الرجفان الأذيني
خلال الرجفان الأذيني فإن غرفتي القلب العلويتين (الأذينين) ينبضا بشكل عشوائي وغير منتظم، وبلا تناغم مع انقباضات البطينين. والمصابون بتلك الحالة قد يشعروا بخفقان في الصدر وصعوبة تنفس وضعف عام. وتلك الحالة ترفع من خطر حدوث السكتات الدماغية، وعادة ما تزداد الحالة سوءاً إذا تُركت دون علاج.
مخاطر استئصال الرجفان الأذيني
تختلف مخاطر عملية استئصال الرجفان الأذيني بناءاً على إذا ما كان سيتم إجرائها من خلال القسطرة أم من خلال عملية القلب المفتوح، والتي تُعتبر أقل شيوعاً. ومن المخاطر التي قد تحدث:
- النزيف أو العدوى في مكان الجرح أو مكان دخول القسطرة.
- تلف وتضرر الأوعية الدموية.
- تعرض القلب للوخز.
- تلف وتضرر صمامات القلب.
- تلف وتضرر النظام الكهربي الطبيعي للقلب، والذي قد يضاعف من مشكلة اضطراب ضربات القلب، وقد يحتاج تركيب منظم لضربات القلب
- الجلطات في الساقين والرئة (جلطات الأوردة).
- السكتات الدماغية أو الأزمات القلبية.
- ضيق الأوردة التي تنقل الدم بين الرئة والقلب (ضيق الوريد الرئوي).
- الوفاة قد تحدث في بعض الحالات رغم ندرتها.
لذا يجب مناقشة جميع المخاطر مع الطبيب المعالج، لمقارنتها بفوائد عملية استئصال الرجفان الأذيني قبل أخذ القرار النهائي.
كيف تستعد لإجراء استئصال الرجفان الأذيني؟
بداية يقوم الطبيب بإجراء الفحص داخل العيادة، كما يطلب القيام ببعض الفحوصات التي تساعد في تقييم حالة القلب. وبناء على تلك المعطيات يقوم الطبيب بمناقشة المخاطر والفوائد المرتبطة بعملية استئصال الرجفان الأذيني، تبعاً لظروف كل حالة.
ويجب أن يخبر المريض طبيبه في حالة كان يعاني من حساسية تجاه أي نوع من الأدوية أو مكوناتها. ويجب على السيدات مناقشة موضوع الحمل والتخطيط له مع
الطبيب المعالج.
ويحتاج المريض الامتناع عن الطعام والشراب خلال الليلة السابقة للعملية. وإن كان المريض منتظم على عدة علاجات دوائية، فيجب أن يناقش مع طبيبه أيهم يجب أن يستمر عليه قبل العملية، وأيهم يجب إيقافه. وفي بعض الحالات، يُطلب من المريض التوقف عن تناول أدوية علاج اضطراب ضربات القلب قبل العملية ببضعة أيام.
وإذا كان المريض لديه أي تركيبات صناعية في القلب أو الصمامات أو منظم لضربات القلب، فمن الضروري إخبار طبيبه بذلك؛ لتحديد إذا ما كان الأمر يستدعي اتخاذ أي إجراءات احترازية إضافية.
ماذا تتوقع في عملية استئصال الرجفان الأذيني؟
الطريقة الأكثر شيوعاً لإجراء عملية استئصال الرجفان الأذيني هي الاستئصال باستخدام القسطرة. والطرق الأخرى كعملية استئصال العقدة الأذينية البطينية وتقنية المتاهة، يتم اللجوء إليها عادة خلال عمليات القلب المفتوح.
خلال عملية استئصال الرجفان الأذيني بالقسطرة
يتم إجراء عملية استئصال الرجفان الأذيني بالقسطرة في المستشفى، قبل العملية يقوم الطبيب بتركيب خط وريدي في الساعد أو اليد، ويتم إعطاء مهدئات لمساعدة المريض على الاسترخاء. وفي بعض الحالات، قد يتم اللجوء للتخدير الكلي من أجل وضع المريض في حالة شبيهة بالنوم.
وبعدما تبدأ الأدوية تأثيرها، يبدأ الطبيب بوضع تخدير موضعي حول وريد في المنطقة الأربية أو العنق أو الكتف، ثم يقوم الطبيب بإدخال إبرة داخل الوريد، ويمرر من خلالها أنبوب رفيع. بعدها يقوم الطبيب بإدخال القسطرة عبر الأنبوب الرفيع، ويوجهها إلى عدة أماكن في قلب المريض. وقد يحقن الطبيب بصبغة داخل القسطرة لمساعدته على رؤية الأوعية الدموية والقلب باستخدام الأشعة السينية.
ويوجد على طرف القسطرة أقطاب كهربية دقيقة، تجعل من الممكن إرسال نبضات كهربية إلى القلب، كما يمكنها قياس النشاط الكهربي للقلب. وتلك الإجراءات الخاصة بتحديد سبب اضطراب ضربات القلب تسمى فحص الوظائف الكهربية للقلب.
وبعدها يستخدم الطبيب القسطرة لضخ حرارة أو برودة للمنطقة المستهدف تدمير أنسجتها وإحداث نسيج ندبي بها. وتلك العملية عادة ما تحتاج فترة تتراوح بين ثلاث وست ساعات، وبعض الحالات الأكثر تعقيداً قد تتطلب زمن أطول.
وخلال العملية، من الممكن أن يشعر المريض بعدم ارتياح طفيف خلال حقن الصبغة عبر القسطرة أو عند ضخ الشحنات عبر القسطرة. ويجب إخبار الطبيب فوراً في حالة الشعور بأي ألم شديد أو ضيق في التنفس.
مرحلة ما بعد استئصال الرجفان الأذيني
بعد انتهاء العملية، يتم نقل المريض إلى غرفة الإفاقة، حيث يرتاح في هدوء لست ساعات تجنباً لحدوث نزيف في موضع دخول القسطرة. خلال تلك الفترة، يتم مراقبة نبض القلب وضغط الدم بشكل مستمر لاكتشاف أي مضاعفات محتملة.
ويعتمد قرار خروج المريض وذهابه للمنزل في نفس اليوم على تقييم الطبيب المعالج للحالة الصحية العامة للمريض بعد العملية. وفي حال توجه المريض للمنزل في نفس اليوم، يجب أن يكون هناك من يقود له السيارة ويوصله للمنزل.
وقد يشعر المريض بحرقة طفيفة بعد العملية، لكن ذلك الشعور لا يفترض أن يستمر لأكثر من أسبوع واحد، وعادة ما يتمكن المريض من العودة لأنشطته المعتادة خلال أيام قليلة بعد عملية استئصال الرجفان الأذيني بالقسطرة.
نتائج استئصال الرجفان الأذيني
عملية استئصال الرجفان الأذيني قد تساعد في تخفيف أعراض وعلامات عدم انتظام ضربات القلب، كما قد تساعد في تحسين جودة الحياة، لكن الدراسات لا تظهر انخفاض في مخاطر حدوث السكتات الدماغية، لذا قد يوصى الطبيب باستمرار تناول أدوية الوقاية من الجلطات.
وقد يعود عدم انتظام ضربات القلب للظهور، وقد يكون ذلك بعد ثلاث سنوات كاملة في بعض الحالات. وعودة المشكلة أكثر حدوثاً في كبار السن، والمصابين بأمراض قلبية أخرى، والمصابين بـ ارتفاع ضغط الدم، والذين لديهم تاريخ صحي سابق بصعوبات في علاج الرجفان الأذيني.
لذا فإن المتابعة المنتظمة مع الطبيب المعالج ضرورية للغاية، وعادة ما يكون موعد المتابعة والتقييم الأهم بعد مرور ثلاثة شهور على العملية. وفي حالة عودة الرجفان الأذيني للظهور من جديد، قد يوصي الطبيب بخطة علاج دوائية للتعامل معه، ولكن بعض الأشخاص قد يحتاجون للخضوع لعملية استئصال الرجفان الأذيني مرة أخرى.
والجمعيات العلمية المهتمة بصحة القلب توصي بمنح المريض فرصة للتعافي بعد العملية لا تقل عن ثلاثة شهور قبل التفكير في إجراء عملية استئصال الرجفان الأذيني مرة أخرى.
وحتى بعد نجاح عملية استئصال الرجفان الأذيني، يوصي الأطباء باستخدام أدوات لقياس نبض القلب باستمرار مثل مراقب النبض المتخصص. وفي حالة استمرار اضطرابات نبض القلب، قد يوصي الطبيب بزرع منظم دائم لضربات القلب.