لا شك أننا نتعرض لأصعب فترات حياتنا بسبب جائحة فيروس كورونا الجديد، ومع توجه أنظار العالم أجمع لدراسة هذا الفيروس وطرق علاجه وأيضاً تأثيره على الأشخاص حول العالم، فمن الطبيعي أن يظهر على الساحة الطبية العديد من الحالات والمشاكل الصحية والنفسية غريبة الأطوار وعلى رأس هذه الحالات متلازمة الكوخ cabin fever! فما مدى الخطورة، تعالوا نعرف.
مع تطور الوضع حول العالم بسبب الفيروس التاجي وانتشاره وتفشيه في جميع الدول تقريباً، كان العزل المنزلي هو الحل الأمثل للحد من انتشار العدوى ومنعها، ونظراً لأن الجميع يخشى أن يصيبه الفيروس فقد التزموا البيت فعلاً وهذا منذ انتقال المرض بين دولة وأخرى في بداية هذا العام! وها نحن نتحدث عن فترة طويلة جداً قضاها معظم الأشخاص في البيت دون أي نشاطات إجتماعية أو تعاملات يومية بينهم والوضع مستمر وأصبح من مجرد أيام لأسابيع لشهور ولا أحد يعرف ما القادم فالوقت يمضى بدون أي معنى في عصر الكورونا!
وهذا هو السبب الذي فجر مشكلة نفسية جديدة تعرف بإسم متلازمة الكوخ وهذا المصطلح غير المألوف قد يعبر كثيراً عن حالتك النفسية هذه الفترة التي وصفها البعض بحافة الجنون نتيجة العزل المجتمعي.
وقد أعلن عالم النفس الإكلينيكي “Scott Bea” أن هذا بسبب عزل الناس لأنفسهم عن العالم ومن حولهم لمنع انتشار فيروس كورونا الجديد، ولكن لست وحدك فجميعاً نمر بنفس الوضع.
ما هي متلازمة الكوخ؟
تم استخدام مصطلح متلازمة الكوخ مؤخراً للتعبير عن الحالة النفسية التي وصل لها البعض بسبب العزل المنزلي وهي حالة توضح مدى الشعور بالملل والإرهاق الذي يتسبب فيه العزل داخل المنزل لأيام طويلة، ليس هذا فقط فهي تعبر أيضاً عن سلسلة ومجموعة من العواطف والأحاسيس السلبية والمؤلمة في آن واحد ويواجهها العديد من الأشخاص المعزولين والمنفصلين عن العالم الخارجي لفترات طويلة وهذا ما تواجهه أكثر من دولة الآن!
بالإضافة إلى أن هذه المشاعر السلبية تزداد في أوقات انتشار الأوبئة العالمية التي تهدد الحياة بالضبط كما نعيش هذه الفترة. وإلى الآن لا يمكن تصنيف هذه المتلازمة بالإضطراب النفسي المعروف، لكن هذا لا يعني أنها غير حقيقة أو ملموسة على أرض الواقع. وبالأخص لدى الأشخاص الذين لا يقدرون على تلبية أقل متطلبات حياتهم اليومية .. فالأمر في غاية الصعوبة.
أعراض متلازمة الكوخ
في أحيان كثيرة تتجاوز أعراض هذه المتلازمة حدود الملل والإرهاق والتعلق داخل المنزل، لكنها تصل لحد الشعور الشديد بالعزلة وأعراض أخرى أهمها:
- الشعور بالأرق
- التهيج
- انخفاض الطاقة والدافع
- الشعور باليأس
- صعوبة شديدة في التركيز
- عدم انتظام النوم سواء أرق أو نعاس
- صعوبة في الاستيقاظ لليوم التالي
- الخمول
- فقد الثقة بالآخرين
- انعدام الصبر
- الحزن الشديد
- الاكتئاب
وللأسف فإن الحالة المزاجية للشخص لها دور رئيسي في تحديد مدى تأثير هذه المتلازمة عليه ودرجة شدتها وصعوبتها.
كيف يمكن الحد من تأثير متلازمة الكوخ على النفسية؟
لابد أن يعرف الناس حول العالم بهذه الحالة ومواجهتها بشكل صحيح خاصة وأنها غريبة على الكثير منهم وقد يصاب بها الكثير دون الشعور بها، وهناك عدة طرق إيجابية ونصائح طبية يمكن الاستعانة بها للتخلص من هذه الحالة السلبية أو على الأقل تقليل أعراضها وذلك وفقاً لما أوضحه دكتور “Scott Bea”.
ومن أهم هذه النصائح:
الالتزام بالروتين:
لكن ليس كروتينك السابق الذي كنت تعتمد عليه منذ بداية جائحة كورونا خاصة وإذا كنت تعمل من المنزل، لكن عليك خلق روتين ثابت وهاديء ومفيد لنفسك لأن هذا سيقلل ويخفف كثيراً من القلق وسيساعدك على التخلص من الصوت الذي يزعجك داخل رأسك .. وهو ماذا سأفعل وإلى أين نحن ذاهبون!
العادات الصحية السليمة:
من الواضح أن الإعتماد على العادات الصحية السليمة كالتغذية السليمة وإضافتها إلى الجدول اليومي لك، سيساعد كثيراً في الحد من هذه المتلازمة، كتناول وجبات مغذية وكما هو واضح فالحجر المنزل أنسب وقت لإعداد هذه الوجبات بفن وطريقة جذابة أكثر.
أيضاً عليك اللجوء للتمارين الرياضية، فهي مفيدة للصحية الجسدية والعقلية خلال هذه الفترة، فالنشاط البدني المنتظم سيحسن كثيراً من التوتر والاكتئاب والقلق وسيساعدك على النوم بشكل منتظم وصحي أكثر، جرب المشي أو الركض يومياً خاصة مع تقنين الإغلاق المجتمعي هذه الفترة في عدة دول. أو قم بتقليد بعض التمارين الموجودة بالإنترنت.
أيضاً النوم عليه عامل كبير جداً في تحسين حالتك المزاجية، فحاول تنظيم ساعات نومك سواء ساعة خلودك للنوم أو استيقاظك منه. وقلل من القيلولة لأنها ستجعلك غير قادر على النوم ليلاً في توقيت مناسب غير متأخر.
حاول تجربة شيء جديد:
قد تقودك تجربة شيء جديد ومفيد مثل تجربة هواية جديدة.. للتحسن، فمن الممكن الإشتراك في برامج التعليم الإلكترونية، تعلم لغات جديدة أو أكلة جديدة والقيام بإعدادها، تعلم الرسم أو العزف.. فهناك الكثير من الأشياء التي تنقصنا وقد حان الوقت لتطويرها. وإذا كنت لا تسعى لتعلم شيء جديد فعليك فقط ممارسة طقوسك ومهامك اليومية بطرق جديدة.
الاتصال بالآخرين:
اتصالك بالآخرين ليس معتمداً فقط على التجمعات أو اللقاءات فمن الممكن جنى ثمار وفوائد الإتصال بالآخرين عن طريق التواصل بالمكالمات أو عبر الإنترنت، وهذا سيحد كثيراً من الوحدة والعزلة الاجتماعية والتي تساهم في حدوث مشاكل صحية وعقلية وجسدية، كالاكتئاب ومشاكل النوم وصولاً لمشاكل القلب والخرف.
التأمل:
يمكن لممارسة تمارين اليقظة الذهنية وممارسات التأمل في تقليل التوتر والقلق وتحسين انتباهك، وهو أمر مهم يفصلك تماماً عن أي تفكير في التقارير والأخبار اليومية المزعجة. أيضاً قضاء بعض الوقت مع نفسك خلال اليوم بشكل هاديء ومنظم مع صفاء الذات، مهم جداً خاصة إن كنت تقيم مع أسرتك أو أفراد آخرين في منزل واحد.
استخدم عقلك:
لا تستهن أبداً بحل مشكلة بسيطة سواء لنفسك أو غيرك أو مواجهة تحدي مهني جديد، فالشعور بالإنجاز والرضا الناتج عن ذلك مفيد جداً هذه الفترة.
اقرأ أكثر:
القراءة نشاط مهم ومفيد جداً ويحسن من الحالة المزاجية فإذا كنت غير معتاد عليه فهذه فرصة جيدة لتجربته، فيمكنك الهروب من الواقع قليلاً والدخول لمغامرات روائية جديدة ومفيدة.
ضع خططك:
بالتأكيد هذه الأيام فرصة جيدة لإعادة حسابات كثيرة ووضع الخطط المستقبلية، سواء الشخصية أو العملية. يمكنك وضع خريطة كاملة لشكل حياتك بعد انتهاء الكورونا وعودة الأمور لطبيعتها.
وفي النهاية عزيزي القاريء فنحن نعرف أن العزلة ليست أمر طبيعي فهي حالة مزعجة جداً، وذلك لأننا نميل جميعاً للحياة الإجتماعية وهذا ما يجعل أمر البقاء في المنزل في غاية الصعوبة. لكن بيدك أطراف الخيط حاول أن تسيطر على أي مشاعر سلبية قد تتعرض لها خلال هذه الفترة أو حتى بعد انتهائها لأنها بالتأكيد ستؤثر على الكثير منا. ولا تنسى أنك تشارك بدور كبير في إنقاذ العالم من جائحة هائلة وخطيرة وتساعد في منع انتشارها أكثر! وهذا الشعور كافي جداً لسلامك النفسي، ودمت بخير.