يعتبر الكالسيوم من العناصر المهمة التي يجب توافرها باستمرار في جسم الإنسان؛ لما يلعبه من دور هام في صحة العظام وسلامة الأسنان، لكن على الجانب الآخر قد يتسبب تواجده بكميات كبيرة أمراضا خطيرة مثل التكلس. فما هو التكلس ولماذا قد يحدث؟ وكيف يمكن علاجه؟ لمعرفة كل هذا تابع معنا هذا المقال.
ما هو التكلس؟
تُخزن كميات كبيرة من الكالسيوم في العظام والأسنان، بالإضافة لاحتواء الدم أيضا على نسب من الكالسيوم، لكنها تمثل 1% فقط من القيمة الكلية للكالسيوم في الجسم، ومع الوقت يمكن أن يترسب الكالسيوم في الشرايين، المفاصل، الكلى، وغيرهم، مما قد يسبب الإصابة بعدوى أو حتى تطور المرض ليصبح سرطان.
ولمعرفة علاج هذا المرض يجب معرفة مكان حدوثه في الجسم أولا؛ لتحديد الأسباب والتوصل لعلاج مناسب. وسنتحدث تاليا عن أنواعه.
أنواع التكلس
تعتمد أنواع التكلس على مكان حدوثه، وتشمل:
تكلس الشرايين (Artery calcification)
يمكن أن يبدأ تكلس الشرايين في سن مبكرة، لكن عادة ما يتم اكتشافه عند البالغين الذين تعدى عمرهم الـ40 عاما. ويرى الباحثون أن حوالي 90% من الرجال و67% من النساء ممن تزيد أعمارهم عن 70 عاما، قد يتفاقم مرض تكلس الشرايين لديهم.
ولا توجد أعراض واضحة مميزة لتكلس الشريان، ومع ذلك يمكن للطبيب توقع مكان حدوثه عن طريق المضاعفات في القلب والأوعية الدموية.
تكلس التأمور “غشاب القلب” (Pericardial calcification)
حيث تحل الطبقة المتكلسة السميكة محل الطبقة الطبيعية المحيطة بالقلب أو التامور، وتُصعب هذه البطانة السميكة من امتلاء القلب بالدم الذي يحتاجه.
وتشبه أعراضه الأعراض التي تصاحب فشل القلب، مثل ضيق في التنفس عند القيام بمجهود بدني أو عند الانحناء للأمام، وفي حالات أخرى يمكن ألا يشعر الأشخاص المصابون بتكلس التأمور بأي أعراض.
تكلس الكلى (Kidney calcification)
هي حالة مرضية تحدث بسبب تراكم رواسب الكالسيوم أو الفوسفات في الكلى، وتتسبب في ارتفاع نسبة الكالسيوم أو الفوسفات في البول. ويمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى مضاعفات خطيرة مثل تكون حصوات على الكلى.
ولا يعاني العديد من الأشخاص من أي أعراض عن إصابتهم بتكلس الكلى، لكن عند حدوث مضاعفات يمكن أن يشعروا بألم ناحية الكلية المصابة؛ وذلك لاحتمال تكون حصوات ملحية، والتي يستطيع الطبيب المختص رؤيتها عند إجراء فحوصات بالأشعة السينية. بالإضافة لفحص الدم والبول؛ ليرى نسب الكالسيوم والفوسفات.
تكلس المفاصل والأوتار (Joint and tendon calcification)
يعد تكلس المفاصل والأوتار شائع نسبيا، حيث وجدت بعض الدراسات أن حوالي 3-15٪ من الناس لديهم تكلس في المفاصل والأوتار، ويسمى بالتهاب الأوتار الكلسي. لذلك يجد أطباء الأشعة تكلس المفاصل والأوتار في عدة حالات أثناء الفحص بعد ظهور عدة اعراض.
تكلس الدماغ (Brain calcification)
يحدث تكلس الدماغ بسبب تراكم رواسب الكالسيوم غير الطبيعية في الأوعية الدموية في الدماغ. وتتكون هذه الترسبات عادةً في العقد القاعدية، والتي تساعد في حركة الجسم. ومثل باقي الأنواع فإن رواسب الكالسيوم في الدماغ ستكون مرئية فقط باستخدام التصوير بالأشعة.
تكلس الثدي (Breast calcification)
يُصنف الأطباء تكلسات الثدي بناءاً على حجم رواسب الكالسيوم، فالتكلسات الكبيرة هي رواسب كبيرة، أما التكلسات الدقيقة تكون على شكل بقع صغيرة، وتكلس الثدي عادة ليس علامة على الإصابة بالسرطان، لكن عند تجمع الرواسب معًا في منطقة تتكاثر فيها الخلايا بسرعة قد يكون علامة على الإصابة بالسرطان.
أعراض التكلس
في العادة لا توجد اعراض واضحة للتكلس، لكن يمكن اكتشافه من خلال التصوير بالاشعة السينية. وبالرغم من أنه في العادة يكون طبيعيا ولا يمكنك الشعور به، إلا أن هناك بعض الحالات التي قد تشعر بالاضطراب بسبب حدوث عملية التكلس.
وتشمل الأعراض الآتي:
- نتوءات عظمية (قد تظهر على شكل كتل تحت الجلد).
- ألم في العظام.
- ضعف الرؤية.
- زيادة نسبة كسور العظام.
- تقلصات العضلات.
- الجير على الأسنان.
- تشوهات، مثل انحناء العمود الفقري.
مضاعفات التكلس
يمكن أن يتسبب التكلس في بعض الأوقات حالات خطيرة والتي يجب تقييمها على الفور في حالات الطوارئ. وتشمل هذه الحالات الآتي:
- التشنجات أو النوبات أو الرعشة.
- الغثيان مع أو بدون قيء.
- ألم شديد في العظام.
- صداع حاد ومستمر.
- ألم مفاجيء في البطن أو الحوض وقد يكون شديدا.
- ألم شديد أسفل الظهر.
أسباب التكلس
تلعب العديد من العوامل دورا في زيادة نسبة حدوث التكلس، مثل:
- حالات العدوى.
- زيادة مستويات الكالسيوم في الدم.
- مشاكل وراثية تؤثر على العظام والعضلات.
- اضطرابات المناعة الذاتية.
- التهابات مزمنة.
هل الأطعمة الغنية بالكالسيوم تسبب مرض التكلس؟
وفقا لجامعة هارفرد، هناك اعتقاد خاطيء شائع بين البعض أن سبب حدوث التكلس هو تناول الأطعمة المليئة بالكالسيوم، لكن لم يجد العلماء أي علاقة بين تناول الأطعمة التي تحتوي على الكالسيوم ومخاطر ترسب الكالسيوم حتى الآن.
التشخيص
يتم التشخيص عادة عن طريق استخدام الأشعة السينية؛ لتصوير والتقاط بعض الصور للأعضاء الداخلية والتي ستساعد الطبيب في معرفة إن كان هناك تكلس أم لا على الفور.
وقد يطلب الطبيب أيضا اختبارات الدم والبول؛ لمعرفة نسب الكالسيوم والفوسفات في الجسم. بالإضافة لذلك فقد يطلب الطبيب عمل خزعة (biopsy) لتحليل بعض الخلايا والتأكد من عدم وجود سرطان.
علاج التكلس
يعتمد العلاج على عدة عوامل، وهي:
- أين توجد ترسبات الكالسيوم؟
- ما هو سبب حدوثها؟
- هل حدثت مضاعفات أم لا؟
وبالتالي يشمل العلاج حسب النوع ما يلي:
- لعلاج تكلس الشرايين: لا تعتبر تكلسات الشرايين الصغيرة خطرا، لكن في حالة حدوث مضاعفات، يجب استشارة الطبيب فورا قبل أن تحدث مضاعفات خطيرة كالإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- لعلاج تكلس صمامات القلب: قد تحتاج لجراحة لفتح الصمام أو استبداله إذا كان تراكم الكالسيوم شديدا لدرجة تؤثر على طريقة عمل الصمام.
- لعلاج تكلس الكلى: قد يصف الطبيب أدوية مدرة للبول، مثل ثيازيد (Thiazide)، مما يساعد في تجنب حدوث حصوات الكلى.
- لعلاج تكلس المفاصل: قد تشمل العلاجات تناول الأدوية المضادة للالتهابات واستخدام كمادات ثلج، وإن لم يزل الألم، فقد يوصي الطبيب بإجراء عملية جراحية.
الوقاية من الإصابة بالتكلس
إليك بعض النصائح لتحمي نفسك من الغصابة بهذا المرض:
- الانتظام في إجراء اختبارات الدم بشكل دوري، خاصة لمن يزيد عمره عن 65.
- إن كنت تعاني من مشاكل في القلب أو الكلى، فيُفضل إجراء اختبار التكلسات، خاصة لمن يقل عمره عن 65.
- استشارة الطبيب عند تناول أدوية تؤثر على كيفية استخدام جسمك للكالسيوم، مثل: أدوية الكوليسترول، وأدوية ضغط الدم.
- استشارة الطبيب عند تناول مكملات الكالسيوم، حيث أن تناولها بشكل مستمر يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم بشكل كبير.
- معرفة كمية الكالسيوم المناسبة التي تحتاجها يوميا، وذلك عن طريق استشارة الطبيب لمعرفة الكمية المناسبة لعمرك.
- الإقلاع عن التدخين، حيث يرتبط التدخين بزيادة التكلسات في القلب والشرايين.
في النهاية ما زالت هناك العديد من الأبحاث التي تعمل على فهم مرض التكلسات بطريقة أفضل؛ لأن بعض أنواع التكلس خطيرة، وقد يكون البعض الآخر مجرد علامة على إصلاح الأنسجة. وفي أغلب الوقت قد لا يسبب أي أعراض؛ لذلك يفضل متابعة طبيبك المختص بشكل دوري.