ما هي الأمراض الوراثية؟ وكيف تنتقل من شخص لآخر؟ وما أنواعها المختلفة؟ وهل توجد تحاليل أو فحوصات معينة يتم عملها لمعرفة الإصابة بهذه الأمراض؟ تعرفوا من خلال الفقرات التالية على كل ما يجب معرفته عن هذه الأمراض وأبرز أنواعها وكيفية تشخيصها واحتمال علاجها والوقاية منها ومعلومات أخرى عديدة وهامة يجب الإطلاع عليها.
تعريف الأمراض الوراثية
الأمراض الوراثية (بالإنجليزية Genetic Disorders) هي الأمراض التي تحدث عند ظهور طفرة (تغير ضار يُصيب الجين) تؤثر على الجينات، أو هي الأمراض التي تحدث نتيجة امتلاك الشخص لكمية خاطئة من المواد الجينية. والجينات مصنوعة من الحمض النووي DNA والذي يحتوي على الإرشادات والتعليمات الخاصة بوظائف والخصائص المميزة للخلايا التي تجعل الإنسان على ما هو عليه.
ويتلقى الشخص نصف الجينات من الأم والنصف الآخر من الأب ويمكن أن يرث طفرة جينية من أحدهما أو كليهما. وأحياناً تتغير الجينات نتيجة وجود مشاكل في الحمض النووي، مما يزيد من احتمال الإصابة بالأمراض الوراثية، وبعض أعراض تلك الأمراض قد تظهر عند الولادة أو تتطور بتقدم العمر.
كيف تنتقل الأمراض الوراثية؟
كما ذكرنا سابقاً الأمراض الوراثية هي حالات تحدث نتيجة تغيرات أو طفرات في الحمض النووي داخل خلايا جسم الإنسان، ومعظم الخلايا في الجسم تحتوي على خيوط طويلة من الحمض النووي تقوم بتوفير التعليمات الخاصة بالخلايا، كما يلتف كل خيط من خيوط الحمض النووي حول بروتين يعرف باسم الهيستون Histone مكوناً الكروموسوم.
وتحتوي الكروموسومات على أجزاء صغيرة من الحمض النووي تُعرف باسم الجينات، وتقدم هذه الجينات تعليمات محددة للجسم، وكل خلية تحتوي في الوضع الطبيعي على 23 زوج من الكروموسومات، وكل زوج مقدم من أحد الوالدين، لذا يكون لدى الإنسان نسختين من كل جين.
وحدوث تغير أو وجود خطأ في الحمض النووي يمكن أن يتسبب في حدوث مشكلة جينية، ونظراً لأن الجينات تنتقل من الوالد أو الوالدة إلى الطفل، فإن هذه الحالات تكون وراثية في العديد من الحالات، ولكن يجب التنويه إلى أنه ليس بالضرورة أن كل شخص لديه حالة جينية أو وراثية في العائلة، أنه سيعاني أو سيتعرض لأعراض هذه الحالة.
أنواع الأمراض الوراثية
تتضمن أشهر الأمراض الوراثية ما يلي:
اضطرابات الكروموسومات Chromosomal disorders
يؤثر هذا النوع على التكوين الذي يحمل الجينات أو الحمض النووي داخل كل خلية (الكروموسوم)، وعند وجود هذا النوع يفتقد الشخص الكروموسوم أو يتواجد بشكل متكرر. وتتضمن أمثلة هذا النوع ما يلي:
- متلازمة داون Down Syndrome (الطفل المنغولي).
- متلازمة اكس الهش Fragile X Syndrome.
- متلازمة كلاينفلتر Klinefelter Syndrome.
- متلازمة ثلاثية إكس Triple X Syndrome.
- متلازمة تيرنر Turner Syndrome.
- متلازمة ادوارد (Trisomy 18) Edwards Syndrome.
- متلازمة باتو (Trisomy 13) Patau’s Syndrome.
الاضطرابات متعددة العوامل Multifactorial disorders
الاضطرابات متعددة العوامل أو الاضطرابات المعقدة هو الأمراض التي تنشأ من مزيج أو خليط الطفرات الجينية وعوامل أخرى، وتتضمن التعرض للمواد الكيميائية أو الحمية الغذائية أو استخدام بعض أنواع الأدوية أو التدخين وشرب الكحوليات. وتتضمن أمثلة هذا النوع من الأمراض الوراثية ما يلي:
- مرض ألزهايمر في مرحلة عمرية متأخرة Late-onset Alzheimer’s disease.
- التهاب المفاصل Arthritis.
- اضطراب طيف التوحد Autism spectrum disorder (في بعض الحالات).
- مرض السرطان (في العديد من الحالات).
- مرض الشريان التاجي Coronary artery disease.
- مرض السكري Diabetes.
- الصداع النصفي Migraine headache.
- الصلب المشقوق Spina bifida.
- بعض أنواع عيوب القلب الخلقية.
الاضطرابات أحادية المنشأ Monogenic disorders
الاضطرابات أحادية المنشأ أو ما يُعرف أيضاً باسم اضطرابات الجين الواحد هي مجموعة من الأمراض التي تحدث نتيجة وجود طفرة جينية واحدة فقط، وتتضمن ما يلي:
- التليف الكيسي Cystic fibrosis.
- الصمم الخلقي (عدم السمع منذ الولادة).
- الحثل العضلي الدوشيني (مرض دوشين) Duchenne muscular dystrophy.
- ارتفاع كوليسترول الدم العائلي Familial hypercholesterolemia.
- ترسب الأصبغة الدموية (فرط حمل الحديد) Hemochromatosis.
- الورم العصبي الليفي من النوع الأول Neurofibromatosis type 1.
- الأنيميا المنجلية Sickle cell disease.
- مرض تاي ساكس Tay-Sachs disease.
الأمراض الوراثية النادرة Rare genetic disorders
تحدث هذه الاضطرابات لنسبة قليلة جداً من الأشخاص، ولكن تتضمن هذه الفئة الكثير من الأنواع، وتتضمن بعض أبرز هذه الاضطرابات ما يلي:
- الداء النشواني AA.
- سوء تغذية الكظرية وبيضاء الدماغ Adrenoleukodystrophy.
- متلازمة اهلرز دانلوس Ehlers danlos syndrome.
- أمراض الميتوكوندريا Mitochondrial diseases.
- متلازمة آشر Usher syndrome.
الأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب
نظراً لانتقال وتوارث الجينات بين أفراد العائلة، فإن الزواج ما بين الأقارب يمكن أن يزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع الأمراض الوراثية المعروفة باسم الاضطرابات المتنحية Recessive disorders والتي يمكن أن تتسبب في حدوث مجموعة مختلفة من الأمراض والمشاكل، وتتضمن أمثلة هذه الاضطرابات ما يلي:
- خلل الحركة الهدبي الأولي (متلازمة كارتاجنر) Primary Ciliary Dykinesia (PCD).
- الثلاسيميا Thalassemia (أنيميا البحر المتوسط).
- مرض تاي ساكس Tay-Sachs disease.
أعراض الأمراض الوراثية
تختلف أعراض الأمراض الوراثية باختلاف نوع المرض الموجود وأعضاء الجسم المتضررة ومدى حدة المرض نفسه، وقد تتضمن بعض الأعراض الشائعة لهذا الأمراض ما يلي:
- تغيرات واضطرابات سلوكية.
- مشاكل في التنفس.
- صعوبات ذهنية (عدم قدرة الدماغ على استيعاب المعلومات).
- تأخر في التطور والنمو، ويتضمن هذا صعوبة في التحدث والمهارات الاجتماعية.
- مشاكل في الأكل والهضم مثل صعوبة البلع أو عدم قدرة الجسم على معالجة المواد والعناصر الغذائية.
- تغيرات واضطرابات في الأطراف والوجه مثل فقدان الأصابع أو وجود شفة أرنبية.
- اضطرابات في الحركة نتيجة تصلب العضلات أو ضعفها.
- مشاكل عصبية مثل التعرض لنوبات تشنجية أو سكتات دماغية.
- ضعف النمو.
- قصر القامة.
- خسارة السمع أو البصر.
تحليل الأمراض الوراثية
في حالة وجود تاريخ عائلي متعلق بالأمراض الوراثية، يُنصح بالذهاب لطبيب مختص في هذا النوع من الأمراض لمعرفة هل يجب الخضوع لأي فحوصات أم لا. والتحاليل المعملية عادة ما تُستخدم لمعرفة هل الطفرات الجينية مسئولة عن المرض الموجود أم لا، وفي العديد من الحالات قد يحمل الشخص طفرة جينية متوراثة ولكن لا يعني هذا بالضرورة إصابته بأمراض.
وفي حالة وجود تاريخ عائلي للإصابة بالأمراض الوراثية يمكن أن تتضمن التحاليل والفحوصات التي يطلبها الطبيب ما يلي:
- اختبار أو فحص الناقل Carrier testing: فحص دم يُستخدم لمعرفة هل الشخص أو شريكه يحمل طفرة مرتبطة بالأمراض الوراثية، ويتم النصح بهذا التحليل لجميع الأشخاص الذين يفكرون في الإنجاب، حتى في حالة عدم وجود تاريخ عائلي خاص بالأمراض أو الاضطرابات الوراثية.
- فحص ما قبل الولادة Prenatal screening: يتضمن هذا الفحص تحليل دم للمرأة الحامل لمعرفة احتمالات إصابة الجنين باضطراب وراثي خاص بالكروموسومات.
- الاختبارات التشخيصية قبل الولادة Prenatal diagnostic testing: تُستخدم لمعرفة احتمال إصابة الجنين ببعض الاضطرابات الوراثية، وعادة ما تتم باستخدام عينة من السائل الموجود في الرحم (بزل السلى Amniocentesis).
- فحص حديثي الولادة Newborn screening: خلال هذا الفحص يتم استخدام عينة من دم الطفل حديث الولادة، لتقييم احتمال وجود أي طفرات قد تؤدي للإصابة بأي نوع من أنواع الأمراض الوراثية لسرعة التشخيص والعلاج.
هل يمكن علاج الأمراض الوراثية؟
معظم أنواع الأمراض الوراثية ليس لها علاج نهائي، ولكن بعض العلاجات يمكن أن تقلل أو تبطئ من تقدم المرض وتقلل من تأثيره على نواحي الحياة المختلفة. ويعتمد نوع العلاج المناسب على نوع المرض الموجود وحدته، وفي بعض الأحيان قد لا يتم تقديم علاج طبي ولكن يخضع المريض للمراقبة لاكتشاف المضاعفات مبكراً وتقليلها. وتتضمن خيارات العلاج التي يتم اتباعها عادة ما يلي:
- الأدوية الطبية للتحكم في الأعراض.
- العلاج الكيميائي لتقليل نمو الخلايا غير الطبيعية.
- استشارة أخصائي تغذية للحصول على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم في تلك الفترة.
- العلاج الطبيعي وعلاج مشاكل التحدث للحد من الإعاقات المحتمل ظهورها.
- نقل الدم لاستعادة مستويات خلايا الدم الصحية في الجسم.
- الجراحة أحياناً لإصلاح أي تكوينات غير طبيعية أو لعلاج أي مضاعفات قد تظهر.
- العلاج الإشعاعي في حالات السرطان.
- نقل الأعضاء، في حالة فشل عضو معين عن أداء وظائفه.
هل يمكن تجنب الأمراض الوراثية؟
للأسف لا يوجد الكثير مما يمكن عمله لتجنب الإصابة بالأمراض الوراثية، ولكن استشارة طبيب مختص والخضوع للفحوصات اللازمة يمكن أن يساعد في معرفة الأحطار وتقييم الوضع، كما يمكن أن يساعد في معرفة احتمال نقل هذه الأمراض للأبناء. وبعض أنواع هذه الأمراض قد تؤثر على معدل الحياة، ولكن في حالات أخرى يمكن أن يتم التحكم في الوضع ومدى تقدم المرض وقد يزيد هذا من معدل الحياة أو يجعل الشخص قادر للعيش مع الحالة.