ما هو مرض بهجت؟ وما علامات الإصابة به؟ وهل يوجد فحوصات تساعد في تشخيصه؟ تعرفوا على هذا المرض بشكل مفصل من خلال الفقرات التالية وأعراضه التي تظهر في أماكن مختلفة في الجسم بالتفصيل وكيف يمكن تشخيص هذا المرض وعلاجه ومعلومات أخرى هامة عنه.

ما هو مرض بهجت؟

مرض بهجت أو متلازمة بهجت (يُعرف أحياناً باسم Behçet’s syndrome أو Silk Road disease) هو أحد الاضطرابات الالتهابية طويلة المدى أو المزمنة (النادرة) التي تؤثر على أوعية الجسم الدموية والتي يمكن أن تؤدي لحدوث أعراض مختلفة، بما في ذلك مشاكل في الأوعية، وقرح فموية وجلدية، ومشاكل في العين وأجزاء أخرى في الجسم.

ويتميز أيضاً هذا المرض بأنه مرض انتكاسي وخامل في نفس الوقت، بمعنى أنه في بعض الأحيان قد لا تظهر أي أعراض، ولكن خلال إحدى هجماته أو نوباته قد تزداد حدة الأعراض لفترة من الوقت، كما أن الأعراض تختلف حدتها من شخص لآخر خلال عدة أسابيع أو أكثر.

ويمكن أن يحدث هذا المرض في أي عمر، ولكن في العديد من الحالات تبدأ الأعراض في الظهور ما بين عمر 20 و30 عام، ويتأثر الرجال والنساء بهذا المرض بنسب متساوية.

أعراض مرض بهجت

يؤثر هذا المرض على كل مريض بشكل مختلف، فبعض الأشخاص قد يعانون من نوبات تظهر فيها الأعراض وتختفي على مدار عدة أسابيع، كما يمكن أن تظهر الأعراض وتختفي من تلقاء نفسها بدون علاج. ويتسبب مرض بهجت في مجموعة مختلفة من الأعراض التي تؤثر على مناطق مختلفة من الجسم، وإليكم بالتفصيل ما يُسببه هذا المرض لأجزاء الجسم المختلفة:

مرض بهجت في الفم:

تُعتبر تقرحات الفم المؤلمة من أول الأعراض التي تُشير لاحتمال الإصابة بهذا المرض، ويمكن أن يتسبب هذا المرض في جعل قرحة واحدة تتطور على مدار الوقت وتزداد في العدد. ويمكن أن تتكون تلك القرح في أي مكان في الفم مثل اللسان والشفتين واللوز وبطانة الخدين وسقف الفم ومؤخرة الحلق. وعادة ما تختفي تلك القرح خلال 10 إلى 20 يوم مع ترك ندبات في بعض الأحيان.

وقرح الفم الناتجة عن مرض بهجت يمكن أن تتميز بالخصائص التالية:

تكون مؤلمة.
سطحية أو عميقة.
دائرية أو بيضاوية.
لها قاعدة بيضاء أو صفراء مع وجود هالة حمراء اللون تحيط بالقرحة.
تتراوح في الحجم ما بين 1 إلى 20 ملليمتر.

مرض بهجت في الجهاز التناسلي:

وفقاً لبيانات معهد NIAMS أكثر من نصف المصابين (الرجال والنساء) بمرض بهجت سوف يتعرضون للإصابة بجروح أو تقرحات تناسلية، فقد يُصاب الرجال بقرح على كيس الصفن والقضيب (أجزاء مختلفة منه) وتكون تلك القرح مصحوبة بحالة تُعرف باسم التهاب البربخ Epididymitis.

كما يمكن أن تعاني النساء من قرح على الفرج والمهبل وعنق الرحم، وعادة ما تظهر تلك القرح بالشكل التالي:

تكون مؤلمة وحمراء اللون ومفتوحة.
يمكن أن تكون كبيرة وعميقة.
عند شفاء تلك القرح عادة ما تترك ندبات في المنطقة المصابة.

التقرحات الجلدية:

الأشخاص المصابين بمرض بهجت يمكن أن يعانوا أيضاً من التهاب الخلايا الدهنية تحت الجلد (الحمامى العقدية) الذي يجعل الجلد يُصاب بعقيدات حمراء وضعيفة ومتقرحة. وقد تظهر بشكل مشابه لبثور أو كدمات مليئة بالصديد، كما قد تظهر تأثيرات هذا المرض على الجلد بأشكال أخرى.

مرض بهجت في العين:

الأشخاص المصابون بمرض بهجت عادة ما يختبرون التهابات في الطبقة الوسطى من العين (التهاب العنبية Uveitis) وقد يؤثر هذا الالتهاب على مقدمة العين أو مؤخرة العين والشبكية وقد تظهر أعراض مثل الألم والرؤية الضبابية والحساسية للضوء وإنتاج زائد للدموع. ومشاكل العين الناتجة عن مرض بهجت يمكن أن تُسبب مضاعفات خطيرة في حالة عدم علاجها بما في ذلك العمى أو فقدان جزئي للرؤية.

مشاكل الأوعية الدموية:

الأشخاص المصابون بمتلازمة بهجت قد يعانون من حالة تُعرف باسم التهاب الوريد الخثاري مصحوبة بأعراض مثل احمرار وألم وتورم إحدى الأطراف نتيجة وجود جلطة دموية. والتهاب الأوعية والشرايين يمكن أن يؤدي لمشاكل صحية خطيرة مثل الجلطات الدموية وتمدد الأوعية الدموية وضيق الأوعية أو انسدادها.

التهاب المفاصل:

يمكن أن تتأثر بعض المفاصل بالالتهابات المرتبطة بهذا المرض، ويمكن أن تتضمن المفاصل المتأثرة الركبتين والكاحلين والمعصمين والكوعين، كما أن بعض الأشخاص المصابين بمرض بهجت قد يعانون من ألم أسفل الظهر أو ألم في الأرداف نتيجة التهاب في إحدى مفاصل الحوض. وفي العديد من الحالات قد يختفي الألم والتورم أو التصلب خلال عدة أسابيع.

مشاكل الرئة:

على الرغم من ندرة حدوث هذه المشاكل، إلا أنه في بعض الحالات يمكن أن تتأثر الرئتان عند الإصابة بمتلازمة بهجت، ويمكن أن تتسبب هذه المشاكل في ظهور أعراض مثل:

الكحة أو السعال.
قصور التنفس.
تمدد الأوعية في الشريان الرئوي.

مشاكل الجهاز العصبي المركزي:

يمكن أن يؤدي مرض بهجت إلى حدوث التهاب في الدماغ وجذع الدماغ، وقد يتسبب هذا في حدوث أعراض مثل الصداع والارتباك والسكتات الدماغية وتغيرات في الشخصية وارتباك وضعف في التوزان وفقدان في الذاكرة. كما يمكن أن تحدث بعض الأعراض الأخرى التي عند ظهورها ينصح الرجوع للطبيب على الفور مثل:

الحمى.
الصداع.
تصلب العنق.
صعوبة في تناسق الحركات.

أعراض أخرى:

في بعض الحالات يمكن أن تحدث مشاكل أو أمراض في الكلى أو القلب، كما يمكن أن يعاني البعض من التهاب الغضروف (متلازمة MAGIC)، وتتسبب هذه المتلازمة في التهاب الغضاريف والأنسجة الضامة الأخرى.

أسباب مرض بهجت

السبب المحدد وراء حدوث هذا المرض غير معروف، ولكن يُعتقد أنه أحد الأمراض المناعية الذاتية وفي هذه الحالة يقوم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ بالتفاعل تجاه مادة طبيعية أو عملية طبيعية في الجسم مما يؤدي لحدوث أعراض الالتهاب. وبعض الأشخاص يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، مقارنة بالآخرين مثل:

يمكن أن يحدث لجميع الأعمار والأنواع ولكنه أكثر شيوعاً لدى الأشخاص في عمر العشرين والثلاثين، ويختبر الرجال عادة أعراض أكثر حدة من النساء.
قد تلعب المواقع الجغرافية دوراً في احتمال الإصابة بهذا المرض، فهذه الحالة أكثر شيوعاً لدى الرجال من الشرق الأوسط وآسيا، والنساء من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى.
قد يكون هناك عوامل وراثية قد تؤثر على فرص الإصابة بهذا المرض، كما يمكن أن يرتبط المرض أيضاً بالبكتيريا والفيروسات والعوامل البيئية، وما زال الأمر بحاجة لمزيد من الدراسات.

هل مرض بهجت وراثي؟

لا يوجد دليل واضح يقترح أن هذا المرض هو مرض وراثي، فأغلب الأشخاص يُصابون به بشكل عشوائي دون وجود أي علاقة أو رابط عائلي، وعلى الرغم من أنه تم الإبلاغ بوجود نسبة صغيرة من الحالات تحدث في نفس العائلة، إلا أنه لا يوجد نمط وراثي واضح يؤكد حدوثه بالوراثة.

تحليل مرض بهجت وتشخيصه

لا يوجد تحليل معين وحيد يمكن القيام به لتأكيد الإصابة بهذا المرض، وعادة ما يتم تشخيص هذا المرض وفقاً للأعراض وعدد مرات عودة القرح الفموية (على الأقل 3 مرات في السنة) بالإضافة إلى ظهور اثنين على الأقل من التالي:

القرح التناسلية.
التهاب العين.
مشاكل الجلد.

ولعمل التشخيص الصحيح يجب استبعاد الأمراض الأخرى التي تتسبب في حدوث تقرحات الفم والتي تُشبه التقرحات الناتجة عن مرض بهجت، لذا قد يطلب الطبيب بعض تحاليل الدم والتي يمكن أن تساعد في استبعاد تلك الحالات، بما في ذلك مرض الذئبة ومرض كرون والأشكال الأخرى لالتهاب الأوعية الدموية.

هل مرض بهجت خطير؟

يمكن التحكم في العديد من أعراض مرض بهجت ومن غير المرجح أن تتسبب هذه الأعراض في مضاعفات صحية دائمة، ولكن علاج بعض الأعراض أمر هام لتجنب المشاكل طويلة الأمد، ففي حالة عدم علاج التهاب العين يزداد خطر الإصابة بفقدان الرؤية بشكل دائم.

ويُعتبر هذا المرض اضطراب من الاضطرابات التي تُصيب الأوعية الدموية، لذا يمكن أن تحدث بعض مشاكل القلب والأوعية الخطيرة، وذلك يتضمن السكتة الدماغية، كما أن التهاب الشرايين والأوعية يمكن أن يؤدي إلى تكون جلطات الدم.

وتم الإبلاغ عند حدوث الوفاة فيما يقرب من 5% من المصابين بهذا المرض، وعادة ما تتضمن أسباب الوفاة وجود ثقب في الأمعاء والسكتات الدماغية وتمزق أوعية الدم المتضخمة والضعيفة.

هل مرض بهجت معدي؟

لا يوجد ما يُشير إلى أن مرض بهجت هو مرض معدي أو ينتقل من شخص لآخر.

مرض بهجت والإنجاب

لا يُعتقد بوجود علاقة ما بين مرض بهجت وبين حدوث مضاعفات في الحمل والولادة، ولكن الأدوية التي تُستخدم للتعامل مع المرض يمكن أن تضر الطفل غير المولود، لذا من الأفضل التخطيط ومناقشة الحمل أولاً وبعناية مع الطبيب في حالة الإصابة بهذا المرض.

وجدير بالذكر أنه في بعض الأحيان قد تتم ولادة الطفل وهو مصابة بمتلازمة بهجت (يُعرف باسم مرض بهجت لحديثي الولادة Neonatal Behçet’s disease)، ولكنها حالة نادرة للغاية وعادة ما تختفي من تلقاء نفسها خلال 6 إلى 8 أسابيع.

هل يوجد علاج لمرض بهجت؟

على الرغم من عدم وجود علاج واقي لهذا المرض في الوقت الحالي، إلا أن هناك بعض الأدوية المختلفة التي يمكن استخدامها للتحكم في الأعراض مثل:

الستيرويدات القشرية مثل بريدنيزون Prednisone وتُستخدم هذه الأدوية لكبح الالتهاب والوظيفة المناعية.
دواء كولشيسين Colchicine والذي يمكن أن يساعد في قرح الفم والأعضاء التناسلية وألم المفاصل.
الأدوية المثبطة للمناعة مثل ميثوتريكسيت Methotrexate وازاثيوبرين Azathioprine وسيكلوفوسفاميد Cyclophosphamide وسيكلوسبورين Cyclosporine. كما يمكن استخدام أدوية أخرى في الحالات الأكثر حدة.
دواء ابريميلاست Apremilast الفموي الذي يمكن أن يُستخدم لعلاج القرح الفموية في المصابين بمرض بهجت.

ووفقاً لحدة المرض، قد يقترح الطبيب أدوية أخرى مثل قطرات العين وغسول الفم ومراهم للجلد للتحكم في المرض وأعراضه قبل تحديد استخدام أي أدوية أخرى.