متلازمة الشخص المتيبس هي عبارة عن مرض من أمراض المناعة الذاتية التي تؤثر على الجهاز العصبي، حيث تؤثر بالتحديد على المخ والحبل الشوكي، فقد تتضمن الأعراض حدوث تيبس في عضلات الجذع والأطراف.
وتزيد متلازمة الشخص المتيبس من حساسية الشخص تجاه الضوضاء واللمس، والاجهاد العاطفي، وبالتالي حدوث تشنجات العضلات، وقد يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة الشخص المتيبس من الأوضاع الغير طبيعية مثل الانحناء. وتؤثر المتلازمة على النساء ضعف ما تؤثر به على الرجال.
وترتبط متلازمة الشخص المتيبس ببعض أمراض المناعة الذاتية الأخرى مثل السكري، والتهاب الغدة الدرقية، والبهاق، والأنيميا الخبيثة. ويمكن تشخيص متلازمة الشخص المتيبس من خلال إجراء فحص الدم للكشف عن الأجسام المضادة لحمض الجلوتاميك الكربوكسيلي (GAD)، وذلك لأن الأشخاص المصابون بالمتلازمة يعانون من أرتفاع الأجسام المضادة لهذا الحمض.
أعراض متلازمة الشخص المتيبس
تتميز متلازمة الشخص المتيبس بوجود مجموعة من العضلات المتيبسة في منطقة الجذع والأطراف. وبالتالي يتسبب هذا في حدوث تصلب للعضلات، ينتج عنه أوضاع غير طبيعية مثل الانحناء.
ويمكن أن يتسبب تيبس العضلات في حدوث بعض التشنجات العضلية للأشخاص المصابين، كما أن يمكن أن يتسبب تيبس العضلات وتصلبها في السقوط أثناء المشي أو الوقوف، وتحدث تلك التشنجات العصبية أثناء الاجهاد العصبي أو في حالات المفاجأة.
ويختلف تاريخ الإصابة للمرض من شخص لآخر، ولكن يعاني أغلب الأشخاص من الأعراض في العمر ما بين الـ 30 والـ 60 عاماً، وقد يتعرض المصابون بهذه المتلازمة لبعض الأمراض مثل شلل العمود الفقري والصرع.
ويعاني أغلب المصابين بمتلازمة الشخص المتيبس من القلق والاكتئاب، وهذا يحدث جزئياً بسبب تأثير المتلازمة على الحياة اليومية للشخص. وهناك سبب آخر هو أن المتلازمة تعمل على تقليل مستوى الناقلات العصبية داخل الجسم، وتساعد الناقلات العصبية في استقرار الحالة المزاجية للشخص.
أسباب متلازمة الشخص المتيبس
لم يستطع العلماء للآن تكوين صورة شاملة عن سبب حدوث متلازمة الشخص المتيبس، ولكن تقول الأبحاث أن السبب قد يرجع إلى استجابة الجهاز المناعي بصورة غير طبيعية داخل المخ والحبل الشوكي، حيث يبدأ جهاز المناعة بمهاجمة الجسم نفسه.
ويعاني أغلب المصابين بهذه المتلازمة من وجود أجسام مضادة، وتقوم هذ الأجسام بمهاجمة حمض الجلوتاميك الكربوكسيلي (GAD)، وهو عبارة عن بروتين موجود داخل بعض الأعصاب، وتدخل هذه الأعصاب في تكوين مادة تسمى غاما-أمينوبيوتيريك (GABA)، وهي المادة المسئولة عن التحكم في حركة العضلات.
ويمكن أن تظهر المزيد من الأعراض عندما يقوم جهاز المناعة بمهاجمة الأعصاب المسئولة عن إنتاج (GAD)، وعندما لا يعمل الـ (GAD) بطريقة سليمة، فلن يكون هناك كمية كافية من (GABA) للمساعدة في التحكم في العضلات. والدور الذي يلعبه نقص (GAD) تحديداً في حدوث تطور لمتلازمة الشخص المتيبس غير مفهموم بصورة كلية.
وقد يعاني بعض المصابين بمتلازمة الشخص المتيبس من وجود أجسام مضادة للأمفيفيسين (amphiphysin)، وهو عبارة عن بروتين له دوره في نقل الإشارات من عصب لآخر، والأشخاص الذين يعانون من وجود هذه الأجسام المضادة، يكونون أكثر عرضة للإصابة بـ سرطان الثدي، وسرطان الرئة، وسرطان القولون.
الوراثة
كما هو الحال في أغلب أمراض المناعة الذاتية، لم يثبت دور الجينات الوراثية في حدوث متلازمة الشخص المتيبس، وأغلب الحالات تظهر منفصلة، إلا أنه قد تم الإبلاغ عن وجود عدد من الأشخاص المصابين بالمتلازمة داخل نفس العائلة، وعلى الرغم من عدم وجود خلل جيني واحد، قد يُسبب حدوث المتلازمة، إلا أنه من المعتقد أن الجينات الوراثية مع بعض العوامل الأخرى، قد يكون لها دورها في الإصابة بالمرض.
تشخيص متلازمة الشخص المتيبس
يتم تشخيص متلازمة الشخص المتيبس بناء على الأعراض المميزة لها، ومن خلال الفحص الجسدي، والتاريخ الصحي للمريض، وبعض الفحوصات الأخرى، حيث يتم القيام بفحوصات محددة لتأكيد التشخيص، ومن الطرق المستخدمة في التشخيص هي طريقة فحص الدم، وذلك للكشف عن وجود أجسام مضادة لحمض الجلوتاميك الكربوكسيلي (GAD)، حيث يعاني ما بين 60 إلى 80 % من المصابين بمتلازمة الشخص المتيبس من وجود هذه الأجسام المضادة.
ولا يعني عدم وجود الأجسام المضادة استبعاد الإصابة بالمرض، ولكن وجود نسبة عالية من الأجسام المضادة للـ (GAD) مع وجود الأعراض، تؤكد الإصابة بالمرض بقوة.
وقد ينصح الطبيب بإجراء تخطيط كهربائية العضل، وهو عبارة عن فحص يقوم بتسجيل النشاط الكهربي في عضلات الهيكل العظمي، حيث يظهر هذا الفحص نشاطاً حركياً مستمراً في هذه العضلات. وقد يتم استخدام بعض الفحوصات المعملية الأخرى، لمعرفة إذا ما كان الشخص المصاب بمتلازمة الشخص المتيبس، يعاني من أي أمراض أخرى قد ترتبط بالمتلازمة.
ومن الاختبارات الأخرى المستخدمة لتشخيص المتلازمة اختبار الهيموغلوبين الغيلكوزيلاتي، والمستخدم لاستبعاد الإصابة بالسكري. ويقوم فحص الدم الكامل باستبعاد الإصابة بالأنيميا الخبيثة، كما يمكن أن يساعد فحص هرمون (TSH) في استبعاد التهاب الغدة الدرقية، وقد يتم القيام بفحص لسوائل العمود الفقري، وذلك لاستبعاد الأعراض التي قد ترتبط بالمتلازمة.
وقد يوضح وجود البروتينات المسماة بـ الشرائط قليلة النسائل وجود التهاب في الجهاز العصبي، حيث يمكن رؤية هذه الشرائط في ثلثي المصابين بالمتلازمة، والذين يعانون من وجود أجسام GAD المضادة، ولأنه لم يتم تأكيد علاقة الجينات بالمتلازمة، فلن يتم القيام بالفحص الجيني.
علاج متلازمة الشخص المتيبس
يركز علاج متلازمة الشخص المتيبس على بعض الأعراض المحددة والموجودة في كل شخص، وقد يتم استخدام البنزوديازيبين، أو ديازيبام، أو باكلوفين لعلاج تصلب العضلات وتشنج العضلات، وقد تكون مضادات التشنجات وأدوية الألم خياراً فعالاً لبعض الأشخاص.
وأثبتت الأبحاث مؤخراً أن الغلوبولين المناعي الوريدي واستخراج البلازما قد يكون فعالاً في تحسين بعض الأعراض، وبالنسبة للبعض الآخر أظهرت عملية زراعة الخلايا الجذعية الذاتية نتائج ناجحة. وما زالت الأبحاث السريرية مستمرة، لتأكيد إذا ما كان هناك علاج فعال، وقد يكون العلاج الفيزيائي فعالاً في إبطاء تقدم متلازمة الشخص المتيبس، ولكن يجب القيام بهذه التمارين مع مختص قد سبق له العمل مع مثل هذه الحالة، وإلا فإن الأعراض قد تزداد سوء.
ما بعد تشخيص المتلازمة
النظرة طويلة الأجل على الأشخاص المصابين بالمتلازمة، قد تتنوع بصورة كبيرة، وذلك اعتماداً على أعراض كل شخص، وبالنسبة لبعض الأشخاص قد تختفي أعراض المتلازمة مع العلاج، أو قد تؤثر المتلازمة على أجزاء محددة بالجسم. وبالنسبة للبعض الآخر قد تستمر الأعراض في التقدم حتى تؤثر على عضلات الوجه، وقد تتصلب بعض عضلات الجسم بصورة مستمرة، ويؤدي تطور الأعراض المرتبطة بالمتلازمة إلى التعرض للسقوط، والذي قد يمثل خطراً على المصاب.
وقد يكون العلاج مفيداً لبعض المصابين، ولكن بالنسبة للبعض الآخر فإن خيارات العلاج المتاحة لا تستطيع تخفيف الأعراض، وبالنسبة لهؤلاء تصبح الحياة اليومية صعبة بسبب الشعور بتصلب العضلات، والقلق، والاكتئاب.