تخاف كل فتاة وامرأة من فكرة واحتمال التعرض للتحرش الجنسي، سواء في العمل أو في البيئة المحيطة أو في أي مكان، ولا يفهم العديد مدى تأثير هذه التجربة على الفتاة وكيف تغير من نظرتها لكل شئ تقريباً، ونظراً لانتشار هذه المشكلة، أعددنا لكم أبرز المعلومات التي يحب معرفتها عن مشكلة التحرش وصوره وأشكاله، ولماذا تحدث في المقام الأول وكيف يمكن التعافي من هذه التجربة الأليمة، وهل النساء فقط هن المعرضات لها؟ ومعلومات أخرى هامة، فاحرصوا على المتابعة.
ما هو تعريف التحرش الجنسي؟
وفقاً للجنة تكافؤ فرص العمل EEOC يتم تعريف التحرش الجنسي على أنه أي أفعال لفظية أو جسدية جنسية أو تحمل معنى جنسي غير مرغوبة بها. فهو أي شكل من التصرفات الجنسية غير المرحب بها، التي تكون مهينة أو مخيفة أو تُسبب الشعور بالإحراج.
علامات التحرش الجنسي
توجد بعض الأفعال والأشياء التي يمكن أن تُشير إلى فعل التحرش الجنسي، وتتضمن ما يلي:
- طلب خدمات جنسية، وإحداث ضغوطات لتنفيذ هذه الخدمات.
- حدوث لمس أو تلامس غير مرغوب به.
- نظرات أو إيحاءات جنسية غير مرغوب بها.
- إرسال أي رسائل أو إجراء مكالمات تحمل معاني جنسية غير مطلوبة.
- إطلاق نكات أو ملاحظات أو سؤال أسئلة جنسية.
- إطلاق ألفاظ معينة غير مرغوبة، تحمل معنى جنسي على الفتاة (ما يُعرف بالمعاكسة).
- التصفير.
- إلقاء تعليقات جنسية على الملابس أو شكل الجسم أو شكل الوجه.
- تحويل مواضيع المناقشة إلى مواضيع جنسية.
- إخبار قصص جنسية.
- عمل أصوات أو حركات إيحائية، مثل القبلات.
- التحديق لفترات طويلة.
انواع التحرش الجنسي
يمكن تقسيم التحرش الجنسي إلى التالي:
1- تحرش جنسي لفظي:
- إطلاق ألفاظ معاكسة على الفتيات البالغات.
- التصفير للفتاة.
- عمل تعليقات جنسية بشكل عام أو على الملابس والشكل.
- إطلاق قصص ونكات جنسية.
- السؤال على الحياة الجنسية.
2- تحرش جنسي غبر لفظي:
- النظر لشخص بشكل غير محبب من الأعلى للأسفل.
- التحديق.
- اعتراض الطريق عن قصد.
- عرض صور إيحائية جنسية.
- عمل حركات إيحائية باليد أو الوجه أو الجسم.
3- تحرش جنسي جسدي:
- لمس ملابس أو شعر أو جسم الشخص بدون استئذان.
- عمل مساج للكتف او العنق.
- العناق أو التقبيل أو لمس الأكتاف.
- لمس المناطق الحساسة أمام شخص آخر.
- الوقوف عن قرب أو الاحتكاك بشخص آخر.
4- التحرش الجنسي في وسائل التواصل الاجتماعي
وفقاً لمنظمة PEN America يتم تعريف التحرش على الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي بأنه استهداف شخص أو مجموعة من الأشخاص على الإنترنت من خلال عمل أفعال مؤذية وهدامة، وأحياناً يتم وصف التحرش الجنسي على وسائل التواصل بأنه تنمر إلكتروني، وقد يتضمن المطاردة الإلكترونية أو التنمر اللفظي بإيحاءات جنسية أو إرسال تعليقات أو صور جنسية أو عمل تعليقات جنسية.
ويمكنكم معرفة المزيد من المعلومات عن التنمر عبر الإنترنت وطرق التعامل معه من خلال مقال: ما هو التنمر الالكتروني؟ وكيف تعرفه وتتعامل معه؟
5- التحرش الجنسي في العمل
يأتي التحرش الجنسي في العمل في صور عديدة، فقد يتم بواسطة زميل في العمل أو المشرف أو حتى العملاء، ويمكن أن يتراوح ما بين حدوث لمس أو تلامس غير مرغوب به، وبين عمل تعليقات أو نكات غير ملائمة تحمل إيحاءات، أو عمل وعود بالحصول على ترقية أو منافع مادية في مقايل خدمات جنسية.
ووفقاً لأحدث البيانات، تم توسيع معنى التحرش في العمل، لتضمن أي أفعال معاكسة، حتى غير الجنسية، مثل التنمر أو عمل تعليقات مسيئة وفقاً للون البشرة أو الجنسية أو غيرهما.
أسباب التحرش الجنسي في علم النفس
تختلف أسباب حدوث التحرش الجنسي من شخص لآخر ومن موقف لموقف، وترتبط أغلب أسباب حدوث هذه المشكلة بالثقافة والقيم المجتمعية والقوة للشخص المتحرش، وإليكم بعض آراء الخبراء فيما يتعلق بسبب حدوث مشكلة التحرش الجنسي في المجتمعات، باختلاف عاداتها:
النشئة الاجتماعية
يتضمن هذا طريقة نشأة الرجال والنساء وطريقة رؤيتهم لنفسهم وللآخرين، فبعض المجتمعات تقوم بتنشئة الذكر منذ الصغر على أنه مقبول أن يقوم بإيذاء الفتاة سواء لفظياً أو جسدياً، كما تقوم هذه المجتمعات أيضاً بتعليم الفتيات منذ الصغر بتقبل أي إساءات يقوم بها الرجل خوفاً من المجتمع ومن الرجل نفسه.
الشعور بالقوة
منذ القدم، كان الرجال يشغلون جميع المناصب في جميع أو معظم الأعمال، ولكن اختلف الوضع كثيراً، وخاصة في الوقت الحالي، فأصبح حق المرأة في العمل وتولي المناصب من أكثر متطلبات الوقت الحالي، ووفقاً لعدة تقارير يشعر بعض الرجال بالتهديد من اختلال ميزان القوة، وقدرة النساء في الوقت الحالي على القيام يجميع أو معظم الأعمال، والتفوق فيها، وقد يتسبب هذا في حدوث اضطرابات نفسية قد تجعل البعض يتصرف بشكل مؤدي ضد النساء، ومن ضمن هذه التصرفات، الإيحاءات الجنسية.
المصداقية
من أسباب حدوث التحرش الجنسي وانتشاره وهو التشكيك دائماً في مصداقية الضحية، وعدم تصديق أن بعض الأشخاص، وخاصة الأشخاص في المناصب المرموقة قد يقوموا بالتحرش بأي شخص، كما أن بعض الرجال يجدون من الصعب تصديق أن أحد الأصدقاء أو أفراد العائلة فد يصدر منه هذه الأفعال، لذا يميل العديد من المتحرشين إلى استغلال منصبهم ومكانتهم العاطفية لدى الآخرين لتكذيب الضحية.
كما أن بعض الضحايا يواجهون صعوبة في الإبلاغ عن أي تحرش يحدث لهم، خوفاً من رد فعل المحيطين والمجتمع، فهذا الصمت من الضحايا واستغلال المتحرش لمنصبه من عوامل زيادة نشبة التحرش الجنسي.
تأثير التحرش الجنسي على الفتاة
التعرض للتحرش الجنسي قد يتسبب في حدوث تأثيرات نفسية وجسدية وعاطفية للفتاة، وتتضمن هذه التأثيرات والأضرار التي يمكن أن تحدث ما يلي:
- الشعور بالغضب.
- الخوف.
- الشعور بالضعف والذل.
- الشعور بالخجل والذنب والخيانة.
- الشعور بالتعدي على الخصوصية.
- فقدان التحكم في جوانب الحياة.
- التوتر.
- الاكتئاب.
- نوبات ذعر.
- اضطراب ما بعد الصدمة.
- فقدان الرغبة والدوافع.
- تعاطي المخدرات.
- وجود أفكار انتحارية.
- الشعور بالصداع.
- الشعور بالتعب والإرهاق.
- حدوث اضطرابات في النوم.
- الإصابة باضطرابات الأكل.
هل يحدث التحرش الجنسي للنساء فقط؟
يمكن أن يحدث التحرش الجنسي لأي شخص، باختلاف العمر والنوع، فيتعرض الرجال أو الذكور للتحرش الجنسي أيضاً. كما يتعرض الرجال الذين تعرضوا للتحرش لأعراض وآثار جسدية ونفسية أيضاً، مشابهة أحياناً ومختلفة في حين آخر لما تتعرض له النساء بسبب طريقة تعامل المجتمع مع الرجال، وتتضمن بعض أبرز هذه الآثار ما يلي:
- التوتر والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات الأكل.
- تجنب الأشخاص في الأماكن التي تذكرهم بحدوث حادثة التحرش.
- وجود مخاوف فيما يتعلق بالصحة والتجارب الجنسية.
- خوف من المستقبل.
- فقدان أو ضعف الشعور بالرجولة، أو فقدان التحكم في الجسم.
- مواجهة صعوبة في الاسترخاء.
- الانسحاب من العلاقات، بمختلف طبيعتها.
علاج التحرش الجنسي
التعافي من تجربة التعرض للتحرش الجنسي يمكن أن تكون مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، فالخضوع للعلاج المناسب والاستشارة النفسية إن أمكن يمكن أن يساعدا في رحلة العلاج. وإليكم بعض الخطوات التي يمكن القيام بها للتعافي من التحرش وتخطيه:
- تقبل ما حدث وعدم إنكاره، فلا يجب التقليل من حجم ما حدث أو محاولة إيجاد أعذار للمتحرش، كما من الهام والضروري السماح لنفسك بالمرور وتقبل كل المشاعر التي تحدث، فلا يجب كبت أو إنكار أي غضب. كما يجب الحرص على إيجاد طرق صحية للتنفيس عن هذه المشاعر والتعامل معها بدلاً من تجاهلها.
- التحدث مع شخص موثوق عما حدث، فالتحدث مع شخص تثق فيه ومتفهم سوف يساعد بشكل كبير، ويجب عدم مشاركة هذه التجربة الأليمة مع أي أشخاص تطلق الأحكام. وفي حالة عدم وجود مثل هذا الشخص، يمكن البحث عن مجموعة مساندة أو الذهاب لطبيب نفسي إن أمكن.
- توثيق التجربة بالكتابة، فيمكن وصف ما حدث وكتابة التجربة والمشاعر المختلطة الناتجة عنها، فيمكن كتابة كل الأفكار التي لا يمكن التعبير عنها بالألفاظ، فكتابة ما تشعر به يمكن أن يساعد بشكل كبير في التعافي.
- التوقف عن لوم النفس، فما حدث ليس ذنب الضحية، فلست سبب حدوث هذا ولست مسئولاً عن طريقة تصرف المتحرش، فارتكاب التحرش الجنسي هو خيار يقوم به المتحرش بكامل إرداته.
- الانفصال عن كل ما يمكن أن يذكرك بهذه التجربة، وقد يعني هذا أحياناً عمل تغيرات جذرية مثل، تغيير الوظيفة وعمل علاقات جديدة أو إيجاد أنشطة وهوايات مختلفة.
في بعض الأحيان أيضاً، يقوم بعض الأشخاص باستخدام تجربتهم الخاصة للتوعية بالتحرش ومساعدة الآخرين الذيم مروا بنفس التجربة للتعافي أو للتوعية ضد حدوث هذه الظاهرة من الأساس.
علاج التحرش الجنسي نفسيًا
في حالة مواجهة صعوبة في تخطي تجربة التحرش الجنسي، يُنصح في هذه الحالة بالبحث عن طبيب نفسي مختص، ويُفضل طبيب معروف بالتعامل مع مثل هذه الحالات، حيث يقوم الطبيب في هذه الحالة بمساعدتك في مواجهة مخاوفك والتحدث عن مشاعرك وعما تشعر به، ويحدد الطبيب مدة حدة الحالة والطرق العلاجية المناسبة وهل يستدعي الأمر استخدام أدوية أم لا.
وننصح بعدم تناول أي أدوية لعلاج المشاكل النفسية التي يمكن أن تظهر مثل الاكتئاب ومتلازمة ما بعد الصدمة بدون الرجوع لطبيب أولاً.
كيفية الوقاية من التحرش الجنسي
إليكم بعض ما يجب فعله لمنع أو تقليل حدوث التحرش الجنسي وقد تكون حلول للقضاء على التحرش الجنسي في المستقبل:
- في حالة لم تكن أنت الضحية، لا تختار التجاهل وعدم التدخل في حالة حدوث التحرش أمامك، يجب مساعدة الضحية وعمل اللازم.
- في حالة كنت أنت الضحية، يجب البحث عن أي علامات تحذير تُشير لحدوث تحرش، ومدى تكرارها.
- في حالة التأكد أو استمرار الخوف، يجب الإبلاغ عن الأمر لسلطة أعلى، سواء في العمل أو الذهاب للشرطة.
- الحرص على بناء دائرة ثقة في العمل والمنزل، والحرص على معرفة كل المحيطين بصورة جيدة، والابتعاد عن أي شخص له سلوكيات مريبة.
- حماية كل وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك والتأكد من تفعيل الخصوصية.
- وضع حدود في التعامل، والتحدث بصراحة في حالة ملاحظة أي تصرف غير مقبول.
- تسجيل أي أحداث مقلقة أو مواقف تتعرض لها.
الفرق بين التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي
التحرش الجنسي هو لفظ واسع المعنى، يتضمن أي فعل لفظي أو جسدي جنسي غير مرحب به، بينما الاعتداء الجنسي يُشير عادة لحدوث فعل جسدي جنسي لجسم الضحية بالقوة وبعنف. كما يُعتبر التحرش في معظم الحالات جُنحة، بينما الاعتداء هو جريمة عقابها أشد.
وتتضمن بعض أشكال الاعتداء الجنسي ما يلي:
- الاغتصاب.
- محاولة الاغتصاب.
- إجبار الضحية على عمل بعض الأفعال الجنسية مثل، الجنس الفموي.
- المداعبة الجنسية بالإكراه.
وفي النهاية، عزيزتي المرأة أو الرجل، سبب التعرض لهذه التجربة لا يقع على عاتقكم أبداً، فلا يوجد أي مبرر لمثل هذا الفعل، وفي حالة التعرض للتحرش يجب التحدث والتعامل مع المشكلة نفسياً وجسدياً، واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المعتدي، وعدم الالتفات أبداً لرأي الآخرين أو رأي المجتمع، فأنت المسئول عن حماية حدودك وحماية صحتك النفسية، ونتمنى لكم جميعاً دوام الصحة والعافية في كل أمر.