“كيف أجعل طفلي يندمج مع الأطفال الآخرين؟” كثيرا ما يخلط الآباء بين انطوائية الطفل وخجله، فالكثير من الأطفال يحبون ممارسة أنشطة فردية اكثر من الأنشطة الجماعية، وهناك أطفال يريدون فعلا الاندماج واللعب مع أطفال آخرين ولكن يشعرون بالخجل الشديد، فما هي علامات الطفل الانطوائي وما أسباب ذلك وهل هي مشكلة تتطلب تعديل السلوك؟ تابع معنا.
تعريف الطفل الانطوائي
يجب أن تعرف أولا أن انطوائية الطفل ليست مشكلة سلبية بالمعنى المعروف، فالطفل المنطوي يفضل الهدوء عن الازدحام ويفضل قضاء أوقات بمفرده مع أفكاره الخاصة عن قضاء وقته في التجمعات الاجتماعية، كما يمكنك ملاحظة ذلك على طفلك مع تفضيله اللعب بمفرده أو ممارسة نشاط فردي.
علامات الطفل الانطوائي
إذا كنت شخصا اجتماعيا ومحبا للتجمعات لا يعني ذلك أنه يجب على طفلك أن يكون مثلك، ولكن قد تختلف طبيعة طفلك وشخصيته وقد يكون على عكسك تماما، ولكن هناك عدة علامات تميز الطفل صاحب الشخصية الانطوائية مثل:
- لديه عالم داخلي يلجأ له ويعيش معه معظم الوقت، فيعتمد دائما على أفكاره الداخلية ويعتمد عليها في طلب الدعم، كما أن لديه خيال واسع.
- يفضل اللعب بمفرده واختراع العاب وأنشطة يمارسها بمفرده بدون الحاجة للمشاركة مع الآخرين، وقد يسمح لطفل أو طفلين آخرين باللعب معه.
- دائما ما تشعر أن لديه شخصية عميقة ويفكر دائما في الجوانب العميقة من الحياة، لا يخاف من توجيه الأسئلة في أمور أكبر من سنه.
- لديه دائما حاجة لفهم كل شيء حوله ويسعى دائما لفهم نفسه فيبدو أكبر من عمره.
- يفضل المراقبة والانتظار في المواقف المختلفة بدلا من التصرف بعفوية كطبيعة معظم الأطفال، وذلك بسبب طبيعته الحذرة.
- يمكن أن يتصرف الطفل على طبيعته أكثر ويصبح متكلم جدا في منزله بين أفراد أسرته المقربين بعكس سلوكه خارج المنزل.
- هذا الطفل تجده صاحب شخصية قوية لديه معتقدات خاصة وقيم داخلية تجعله يأخذ قراراته بنفسه بعكس معظم الأطفال الذين يندفعون مع الجماعات دائما.
- لا يمكن لشخص غريب أبدا معرفة طبيعة شخصيته والتعرف عليه فعلا، لأنه يأخذ وقتا في التعود على الآخرين ولا يسمح أبدا بإظهار شخصيته الحقيقية إلا عندما يشعر بالراحة.
- الطفل الانطوائي مستمع جيد مثله مثل الشخص البالغ، وستجده ينتبه إليك جيدا وأنت تتحدث معه ولا يتشتت بسهولة، كما ان لديه ذاكرة قوية.
- عندما تتحدث معه ستجده يبتعد بعينيه عندما يتكلم حتى يستطيع استجماع أفكاره، ولكنه دائما ما ينظر في عينيك عندما تتحدث.
- يجد صعوبة ويشعر بالضيق فعلا إذا اضطر للتواجد مع مجموعة.
- يمكن للطفل الانطوائي أن يكون علاقات اجتماعية ولكنها مختلفة عن المتعارف عليه، فهو طفل لديه صديق أو اثنين مقربين جدا ولديه علاقات عميقة معهم، ولكن علاقاته الأخرى تبقى في حدود المعارف بشكل سطحي.
ليس معنى ذلك أن طفلك يعاني من اضطراب سلوكي يجب تعديله ولكنك قد تواجه بعض التحديات مع تربيتك له وتوجيهه، خاصة في عالم منفتح جدا قائم على تكوين علاقات اجتماعية كثيرة، لذلك يجب أن تسعى لاستشارة أخصائي إذا كنت تشعر أنك لا تستطيع التعامل مع طفلك واختلاف شخصيته.
أسباب الانطوائية عند الأطفال
يجب أن تعرف أن هذا السلوك هو طبيعة طفلك التي ولد بها، فقد قامت بعض الأبحاث والدراسات الخاصة باستكشاف الشخصية الانطوائية، وأوضحت الدراسات أن الأطفال الانطوائيين لا يحتاجون التجمعات والكثير من الأشخاص المقربين لتحفيز الدوبامين لديهم (وهو الناقل العصبي الذي يحفز الشعور بالسعادة) فهم لديهم ما يكفيهم منه ويجعلهم يشعرون بالسعادة مع تواجدهم بمفردهم، على عكس الأشخاص المنفتحين الذين لا يستطيعون الشعور بالسعادة إلا من خلال تواجدهم في تجمعات كبيرة تحفز استقبال الدوبامين لديهم.
الفرق بين التوحد والانطواء
هل تقلق على طفلك أنه ربما يكون مصابا بالتوحد لمجرد تفضيله البقاء بمفرده؟ لا داعي لذلك، فالكثيرون يخلطون بين انطوائية الطفل وبين التوحد، وهناك فعلا علاقة بينهما، فالطفل المصاب بالتوحد لديه مشكلة في التواصل مع الآخرين ولديه مشكلة في التعبير عن مشاعره وهذا الأمر يسبب ل الإحباط والإرهاق النفسي فيفضل الانعزال ويمكن أن يفسر ذلك على أنه انطوائية ولكن هناك علامات التوحد الأخرى التي يجب أخذها في الاعتبار.
أما الطفل الانطوائي ليس بالضرورة أن يتحول لطفل مصاب بالتوحد، فهو يستطيع التواصل بشكل جيد جدا مع الأشخاص الذين يفضلهم ولكنه لا يفضل برغبته الشخصية أن يتواجد في مجموعات كبيرة.
كيفية التعامل مع الطفل الانطوائي
أولا يجب أن تعرف أنه لا يوجد ما يدعو للحرج في شخصية طفلك، وأنه طفل طبيعي تماما يمكنه النجاح في حياته مثله مثل الأطفال الاجتماعيين، وإليك عدة نصائح لتتعامل معه بالشكل الأمثل:
- لا تدفع طفلك لتكوين صداقات وعلاقات لا يريدها، بل تمهل في تقديمه للآخرين واعطه الوقت والمساحة للتعرف عليهم ببطء.
- ذكر طفلك أنه يمكنه أخذ استراحة من مواجهة الآخرين والتعامل معهم، إذا شعر بالإرهاق والتعب من التواجد في مجموعات.
- امدح طفلك إذا أخذ المبادرة في التحدث أو اللعب مع أطفال آخرين غير أصدقائه المقربين.
- شجع طفلك على تجربة أشياء جديدة وأنشطة مختلفة ونبهه لذلك إذا وجدته يستمتع بالأمر فعلا.
- قد يكون لطفلك اهتمامات مختلفة وغير عادية، دعمه في هذه الاهتمامات قدر الإمكان وشجعه على ملاحقة شغفه بها.
- تحدث مع المدرسين في المدرسة عن طبيعة طفلك حتى يفهمونه أكثر ويتعاملون معه على هذا الأساس.
- شجع طفلك على الدفاع عن نفسه والمواجهة إن لزم الأمر.
- احرص على الاستماع لطفلك ومشاكله واهتماماته جيدا وتأكد أن من حوله يفعلون ذلك أيضا، لأنه قد لا يطلب المساعدة حين يحتاجها.
- لا تصف طفلك أبدا بالطفل الخجول ولا تجعله يصدق ذلك عن نفسه.
- لا تأخذ الأمر على محمل شخصي إذا أراد طفلك الابتعاد عنك لفترة من الوقت وعدم مشاركتك بما يفعله.
أمور لا يجب أن تفعلها مع الطفل الانطوائي
هناك عدة أشياء لا يجب أن تفعلها أبدا مع طفلك المنطوي حتى لا يتطور الأمر معه لمشكلة نفسية حقيقية، مثل:
- لا تقم بإحراجه عن عمد أمام الآخرين ولا تسخر منه ومن عزلته.
- لا تدفعه للتحدث مع الآخرين والدخول في محادثات لا يريدها.
- لا تضعه في مجال الانتباه حتى ولو لمدحه في وجود الكثير من الأشخاص.
- لا تطلب منه أن يقوم بنشاط فردي أو أداء معين مثل الغناء أو العزف على آلة موسيقية في وجود آخرين.
- لا تتحدث بلسانه وبالنيابة عنه إذا لم يطلب هو ذلك منك.
- لا تخطط لأنشطة متتالية بدون أي استراحات لأنه بالتأكيد سيريد وقتا لنفسه.
- لا تفرض عليه الخروج واللعب في حين يريد فقط الجلوس بهدوء.
- لا تعتبره قليل التهذيب إذا لم يرغب في تحية الزوار في المنزل.
- لا تقوم بإخبار الآخرين بمعلومات شخصية عنه إذا لم يقم هو بذلك.
وأخيرا يجب أن تعرف وتتعلم ما يضايق طفلك لتتجنبه وما الذي يحفزه ويشجعه حتى تتطور شخصية الطفل الانطوائي بطريقة سوية بعيدا عن المشاكل النفسية المعروفة للأطفال والتي تصبح مرهقة له ولك في نفس الوقت.