متلازمة غيلان باريه هي اضطراب مناعي ذاتي نادر وخطير، حيث يهاجم فيه الجهاز المناعي الخلايا العصبية السليمة في الجهاز العصبي المحيطي، مما يؤدي إلى الضعف والخدر والوخز. ويمكن أن يؤدي ذلك في نهاية الأمر إلى الشلل. وسبب هذه الحالة غير معروف، ولكنها عادة ما تنتج عن مرض معدي، مثل انفلونزا المعدة، أو عدوى الرئة.
وهناك أنواع متعددة من متلازمة غيلان باريه، ولكن يعتبر النوع الأكثر شيوعاً هو اعتلال الأعصاب المزيل للميالين الالتهابي الحاد، والذي يؤدي إلى تلف الميالين. وتتضمن الأنواع الأخرى متلازمة ميلر- فيشر، والتي تؤثر على الأعصاب القِحفية.
أعراض متلازمة غيلان باريه
في هذه المتلازمة يهاجم الجهاز المناعي الجهاز العصبي المحيطي. وتربط الأعصاب الموجودة في الجهاز العصبي المحيطي بين الدماغ وباقي الجسم، وتنقل الإشارات إلى العضلات. ولا تتمكن العضلات من الاستجابة للإشارات التي تتلقاها من الدماغ إذا كانت هذه الأعصاب تالفة.
وعادة ما يكون العَرَض الأول هو الإحساس بالوخز في أصابع القدمين والقدمين والساقين. وينتشر الوخز إلى أعلى إلى الذراعين وأصابع اليدين. ويمكن أن تتطور الأعراض بسرعة كبيرة. ويمكن أن يصبح المرض لدى بعض الأشخاص خطيراً في ساعات قليلة فقط. وتتضمن أعراض هذه المتلازمة ما يلي:
- الوخز أو الإحساس الشوكي في أصابع اليدين وأصابع القدمين.
- ضعف العضلات في الساقين، والذي ينتقل إلى الجزء العلوي من الجسم، ويزداد سوءاً مع مرور الوقت.
- صعوبة المشي بثبات.
- صعوبة تحريك العينين، أو الوجه، التحدث، المضغ، أو البلع.
- ألم شديد أسفل الظهر الشديد.
- فقدان السيطرة على المثانة.
- سرعة ضربات القلب.
- صعوبة التنفس.
- الشلل.
أسباب متلازمة غيلان باريه
السبب الدقيق لمتلازمة غيلان باريه غير معروف. ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن حوالي ثلثي الأشخاص المصابين بمتلازمة غيلان باريه يعانون منها بعد فترة وجيزة من إصابتهم بـ الإسهال، أو عدوى الجهاز التنفسي، مما يشير إلى أن الاضطراب يحدث بسبب استجابة مناعية غير صحيحة للأمراض السابقة.
وارتبطت عدوى بكتيريا العطيفة الصائمية بمتلازمة غيلان باريه. وتُعتبر العطيفة هي واحدة من البكتيريا الأكثر شيوعاً المسببة للإسهال، كما أنها أكثر عوامل الخطر شيوعاً لمتلازمة غيلان باريه. وغالباً ما توجد العطيفة في الطعام الغير مطبوخ جيداً، خاصة الدواجن. وترتبط العدوى التالية بمتلازمة غيلان باريه:
- الانفلونزا.
- عدوى الفيروس المضخم للخلايا، وهو أحد سلالات فيروس القوباء.
- عدوى فيروس إبشتاين بار، أو ارتفاع كرات الدم البيضاء.
- الالتهاب الرئوي للمايكوبلازما، وهو التهاب رئوي غير نمطي ينتج عن كائنات حية تشبه البكتيريا.
- فيروس العوز المناعي البشري، أو الإيدز.
يمكن أن يُصاب أي شخص بمتلازمة غيلان باريه، ولكن يعتبر كبار السن والرجال هم أكثر احتمالاً للإصابة بها. ويمكن أن يُصاب الأشخاص بالاضطراب بعد تلقي التطعيم بأيام، أو أسابيع في حالات نادرة للغاية.
مضاعفات متلازمة غيلان باريه
تؤثر هذه المتلازمة على الأعصاب، ويمكن أن يؤثر الضعف والشلل الذي يحدث على أجزاء متعددة من الجسم. وقد تتضمن المضاعفات صعوبة التنفس عندما ينتشر الضعف أو الشلل إلى العضلات التي تسيطر على التنفس. وقد تحتاج إلى جهاز تنفس لمساعدتك على التنفس إذا حدث ذلك. ويمكن أن تتضمن المضاعفات أيضاً ما يلي:
- استمرار الضعف والخدر، أو الأحاسيس الغريبة حتى بعد الشفاء.
- مشاكل القلب، أو ضغط الدم.
- الألم.
- بطء وظيفة الأمعاء، أو المثانة.
- جلطات الدم، وقرح الفراش بسبب الشلل.
تشخيص متلازمة غيلان باريه
يصعب تشخيص هذه المتلازمة في البداية، وذلك لأن الأعراض تشبه إلى حد كبير بالأعراض الخاصة بالاضطرابات، أو الحالات العصبية الأخرى التي تؤثر على الجهاز العصبي، مثل التسمم الغذائي، التهاب السحايا، أو التسمم بالمعادن الثقيلة. وقد ينتج التسمم بالمعادن الثقيلة عن المواد، مثل الرصاص والزئبق، والزرنيخ.
وسوف يسألك طبيبك أسئلة عن الأعراض المحددة وتاريخك الطبي. وتأكد من إخبار طبيبك بشأن أي أعراض غير عادية تعاني منها، وإذا ما كنت تعاني من أي أمراض أو عدوى حديثة أو سابقة. وتتضمن الفحوصات المستخدمة في تأكيد التشخيص ما يلي:
- البزل القطني، ويتضمن أخذ عينة صغيرة من السائل الدماغي الشوكي أسفل الظهر، ثم يتم فحصه للكشف عن مستويات البروتين.
- تخطيط كهربية العضل الذي يُعتبر اختبار لوظيفة العصب، حيث يسجل النشاط الكهربائي من العضلات لمساعدة طبيبك على معرفة إذا ما كان ضعف العضلات ناتجاً عن تلف الأعصاب، أو تلف العضلات.
- اختبارات التوصيل العصبي، لاختبار مدى استجابة الأعصاب، والعضلات للنبضات الكهربائية الصغيرة.
علاج متلازمة غيلان باريه
يجب إدخال أي شخص مصاب بمتلازمة غيلان باريه إلى المشفى للملاحظة عن قرب، حيث يمكن أن تتفاقم الأعراض بسرعة، وقد تكون قاتلة إذا لم يتم علاجها. ويمكن أن يُصاب الأشخاص الذين يعانون من هذه المتلازمة في الحالات الشديدة بالشلل الكامل للجسم. وقد تكون متلازمة غيلان باريه مهددة للحياة إذا أثر الشلل على الحجاب الحاجز أو عضلات الصدر، مما يمنع التنفس بشكل صحيح.
تُعتبر متلازمة غيلان باريه هي عملية المناعة الذاتية الالتهابية التي تتقيد ذاتياً، وتُشفى من تلقاء نفسها. والهدف من العلاج هو تخفيف شدة المهاجمة المناعية، ودعم وظائف الجسم (على سبيل المثال وظيفة الرئة) أثناء شفاء الجهاز العصبي. وقد يتضمن العلاج ما يلي:
استخراج البلازما (تبادل البلازما)
ينتج الجهاز المناعي البروتينات التي تُسمى الأجسام المضادة التي تهاجم المواد الغريبة بشكل طبيعي، مثل البكتيريا والفيروسات. وتحدث هذه المتلازمة عندما ينتج الجهاز المناعي عن طريق الخطأ الأجسام المضادة التي تهاجم الأعصاب السليمة للجهاز العصبي.
ويهدف استخراج البلازما إلى إزالة الأجسام المضادة التي تهاجم الأعصاب من الدم. ويتم أثناء هذا الإجراء إزالة الدم من الجسم عن طريق آلة، وتقوم هذه الآلة بإزالة الأجسام المضادة من الدم، ثم إعادة الدم مرة أخرى إلى الجسم.
الغلوبولين المناعي الوريدي
يمكن أن تساعد أيضاً جرعات عالية من الغلوبولين المناعي على منع الأجسام المضادة المسببة لمتلازمة غيلان باريه. ويحتوي الغلوبولين المناعي على أجسام مضادة طبيعية، وصحية من المتبرعين. والغلوبولين المناعي الوريدي، واستخراج البلازما لهما نفس التأثير، لذا فإن الأمر متروك لك، ولطبيبك لاتخاذ القرار بشأن العلاج الأفضل بالنسبة لك.
العلاجات الأخرى
قد يتم إعطائك الدواء لتخفيف الألم، ومنع جلطات الدم أثناء عدم الحركة، ومن المحتمل أن تتلقى العلاج الطبيعي. سوف يقوم مقدمو الرعاية أثناء المرحلة الحادة من المرض بتحريك ذراعيك وساقيك يدوياً؛ للحفاظ على مرونتهم. وبمجرد أن تبدأ في الشفاء، سوف يعمل معك المعالج الطبيعي على تقوية العضلات، ومجموعة من أنشطة الحياة اليومية، ويمكن أن تتضمن أنشطة الرعاية الشخصية، مثل ارتداء الملابس.
التكيف مع المرض والمساندة
قد تكون فترة الشفاء من هذه المتلازمة طويلة، ولكن يتعافى معظم الأشخاص تماماً. وبوجه عام سوف تزداد الأعراض سوءاً قبل أن تستقر بفترة تتراوح من أسبوعين إلى أربعة أسابيع. ويمكن أن يتم الشفاء بعد ذلك في فترة تتراوح من بضعة أسابيع إلى بضعة سنوات. وعادة ما يشفى الأشخاص المصابين بمتلازمة غيلان باريه في فترة تتراوح من 6 إلى 12 شهراً.
ويمكن أن يمشي حوالي 80% من الأشخاص المصابين بهذه المتلازمة بشكل مستقل في خلال ستة أشهر، ويستعيد حوالي 60% منهم قوتهم العضلية العادية. وعلى الرغم من أن الشفاء بالنسبة لبعض الأشخاص قد يستغرق فترة أطول. ويستمر حوالي 30% من الأشخاص في الإصابة بالضعف بعد ثلاثة سنوات، وحوالي 3% من الأشخاص يعانون من انتكاس أعراضهم، مثل الضعف والوخز، حتى بعد سنوات من الحدث الأصلي.
وقد تكون الحالة مهددة للحياة في حالات نادرة، خاصة إذا لم تحصل على العلاج. وتتضمن العوامل التي قد تؤدي إلى نتائج أسوأ ما يلي:
- كبار السن.
- وجود مرض يتقدم بشدة أو بسرعة.
- تأخير العلاج، مما يؤدي إلى المزيد من تلف الأعصاب.
- استخدام جهاز التنفس لفترة طويلة، مما يجعلك أكثر عرضة للإصابة بـ الالتهاب الرئوي.
ويمكن تقليل جلطات الدم، وقرح الفراش الناتجة عن عدم الحركة، حيث قد تساعد مخففات الدم، وجوارب الضغط على تقليل التجلط. ويساعد تغيير وضع الجسم بشكل متكرر على تخفيف الضغط المستمر لفترة طويلة على الجسم، والذي يؤدي إلى انهيار الأنسجة، أو قرح الفراش.
وبالإضافة إلى الأعراض الجسدية، قد تعاني من الصعوبات العاطفية أيضاً. وقد يكون من الصعب التكيف مع الحركة المحدودة، وزيادة الاعتماد على الآخرين. وقد تجد بعض الدعم في التحدث مع المعالج.