“أنا طبيب بشري قديم متخرج 5 يونيو 1967، يوم ما كان الطيران بيضرب كنا بنمتحن بكالوريس الطب” هكذا بدأ
دكتور محمد مشالي صاحب أرخص كشف في مصر حديثه التلفزيوني لإحدى القنوات التلفزيونية الشهيرة.
دكتور محمد مشالي الذي لقب بطبيب الغلابة لمراعاته ظروف الطبقة محدودة الدخل، وجد أن الطب رسالة حقيقية وإنسانية بالدرجة الأولى، وهو المبدأ الذي اتبعه طوال مشواره والذي بلغ 50 عاما في الطب.
رحلة التعليم والعمل
تخرج الدكتور محمد من كلية الطب بالقصر العيني، وبالرغم من أن جذوره تعود لمحافظة البحيرة، ولكن والده انتقل لاحقا إلى طنطا ليكمل دراسته هناك، ثم انتقل إلى القاهرة لاستكمال تعليمه في الطب.
بدأ الدكتور محمد خدمته من القرى الصغيرة في محافظات مصر، انتهاءا بفتح عيادته في طنطا التي يستقر بها حتى الآن.
قد تكون مفاجأة للبعض أن الدكتور المتواضع كان يرغب في دراسة الحقوق في البداية، لكن رغبة الأب في التحاقه بكلية الطب جعلته يتنازل عن حلمه الشخصي، لكنه لم يتخلى عن هوايته في القراءة وأخذ نصيبه من الثقافة التي يرغب فيها دائما.
“كل حياتي القراءة، حتى إن تفرغت 5 دقائق في العيادة أقوم بالقراءة مباشرة” وأضاف “شباب اليوم يجب أن يقرأوا، والطبيب يجب أن يقرأ في كل المجالات وليس في الطب فقط”
دكتور محمد مشالي طبيب الغلابة والفقراء
بدأ الدكتور محمد طبيب الغلابة حياته العملية كمدير لمستشفى الحميات، ثم فتح العيادة الخاصة به للأمراض الباطنية والحميات والأطفال في 14 سبتمر 1975، أي بعد تخرجه بـ 8 سنين.
“نشأت في بيئة متواضعة” هكذا أرجع الدكتور محمد مشالي السبب إلى انخفاض تكلفة الكشف المحدد للمرضى، وهو الأمر الذي يثير استغراب البعض حول انخفاض قيمة الكشف في مقابل الأرقام الفلكية لبعض الأطباء اليوم والتي تحمل المريض عبأ آخر فوق مرضه.
كما ذكر أن معظم المترددين على العيادة من الفئات المطحونة على حسب وصفه، وهو ما دفعه لتقدير الظروف التي تعاني بعض الفئات المجتمع منها، مع ضرورة وجود النماذج الإنسانية التي تقدم جهودها في كافة المجالات.
وبالرغم من تقدم عمره وتفضيل البعض اللجوء للراحة، لكن دكتور محمد على العكس يجد راحته في خدمة المرضى من الفقراء وتوفير اللازم لهم من العلاج.
لا تستغرب عند دخولك للعيادة البسيطة للدكتور الإنسان، فقد تتفاجأ قليلا لكل التفاصيل الموجودة من بساطة المعدات والمكان وعدد المرضى الكبير المنتظرين لقاؤه لوصف العلاج لهم.
وبالرغم من كبر عمره إلا أن دكتور محمد يقضي ساعات طوال في عيادته من العاشرة صباحا وحتى التاسعة مساءا، ليقدم جهوده وعلمه للمرضى.
ومع المسؤوليات المطلوبة من الطبيب الإنسان، لكن ذلك لم يجعله يطلب زيادة في قيمة الكشف، إيمانا منه أن كل إنسان مهيأ لما خلق له.
حتى التحاليل.. دون مقابل!
قد تستغرب لكن هذه حي الحقيقة، يوفر الدكتور مشالي أجهزة بسيطة جدا يتمكن من خلالها تحليل بعض العينات من المرضى التي تمكنه من التشخيص الصحيح للمرضى، ولكن حتى هذه التحاليل دون مقابل مادي! وذلك رغبة من الطبيب توفير المزيد من النفقات من على كاهل المرضى.
لماذا لا تزيد قيمة كشفك يا دكتور مشالي؟
سؤال بديهي بالتأكيد طرحه البعض على نفسه؟ حتى المذيع نفسه قام بسؤال؟ فما الضرر في زيادة بسيطة للكشف؟ ولكن الطبيب رفض وذكر تلك المواقف الإنسانية التي صادفها في حياته جعلته يكمل في طريقه.
أنا متعاطف مع الغلابة
“ممكن تخلي الكشف بـ خمسين جنيه وهيبقى رخيص “.. هكذا اقترح المذيع، ولكن جاءت إجابة الطبيب صادمة!
“جاءت لي أم تبكي وطفلها على كتفها، وأخبرتني أن زوجها في السجن وأن المستشفيات رفضت علاجها، هل أقوم بأخذ الـ خمسين جنيه منها؟”
“فتاة أخرى مريضة جاءت لي تخبرني أنها تعاني من الحرارة المرتفعة وطلبت من جدتها الذهاب للطبيب، ولكن جدتها أخبرتها أنه لم تكسب المال في ذلك اليوم، فاضطرت الفتاة لأخذ المال دون معرفتها، هل أقوم أنا بأخذ الـ خمسين جنيه منها؟”
تبدو إجابات بسيطة وصادقة جاءت على لسان الطبيب، تعطي الكثير منا الأمل في وجود بعض النماذج الإنسانية التي يحتاجها مجتمعنا الآن.
لكل عمل طيب.. أثر
يبدو أن عمل دكتور محمد مشالي الإنساني يظهر أثره في كل مكان، الكثير من التعليقات التي وجدناها في كل مكان بالإضافة إلى منشورات متعددة على مواقع التواصل الاجتماعي، ورغبة العديد من المتابعين حتى في تكريمه تقديرا لمشواره الطويل والإنساني الذي ترك أثره الطيب في كل مكان.
تحدث الكثيرين عن عمله الطيب وأعماله الخيرية التي قدمها للجميع دون استثناء، بل أن هناك من ذكر أنه نصحه بزيادة الكشف ولكنه رفض حتى لا يرهق المرضى بالمزيد من التكاليف المادية.
نحن هنا نثمن جهود الطبيب الإنسان الدكتور محمد مشالي، ونقدم له كل الشكر والعرفان على مجهوده في الطب وخدمة المرضى المحتاجين، وندعو الله له بالصحة والعافية ونشكره على كل مريض قدم له يد العون.. شكرا دكتور محمد.