يعاني حوالي 537 مليون شخص حول العالم من مرض السكري، ومن المتوقع أن يزداد العدد إلى 643 مليون بحلول عام 2030 و783 مليون بحلول عام 2045، وهو ما دفع العلماء للبحث عن كيفية إنهاء وعلاج مرض السكري بشكل نهائي.
وقد فاجأ المجتمع العلمي العالم ببحثين جديدين يتناولان وجود جهاز قابل للزرع على خلايا جذعية مصممة لتتحول إلى خلايا تفرز الأنسولين، وعندما تم استخدام الجهاز في تجربة سريرية بشرية على مرضى السكري من النوع الأول؛ لاختبار مدى سلامة وفعالية الجهاز، وُجد أن الغرسة التجريبية آمنة وجيدة التحمل وفعالة إلى حد ما، ومع المزيد من البحث والتطوير يمكن أن تتحول لعلاج نهائي لمرض السكري.
ويرجع هذا التقدم الثوري لعام 2017، حيث بدأ العلماء التجارب السريرية البشرية للمرحلة الأولى لاختبار هذه الغرسة التجريبية المصممة لاستبدال خلايا الأنسولين المفقودة في مرضى السكري من النوع الأول.
ويعمل هذا الجهاز على علاج مرض السكري بشكل غير مباشر، فهو يساعد الجسم على الحفاظ على مستويات السكر الطبيعية في الدم عن طريق تعويض الخلايا المنتجة للأنسولين المفقودة، فهو يستخدم الخلايا الجذعية البشرية متعددة القدرات (PSCs) والمصممة هندسيًا (عن طريق المعمل) لتتحول إلى خلايا بيتا وهو نوع الخلايا الذي يقوم بإنتاج الأنسولين داخل أنسجة البنكرياس عند الحاجة، بدلاً من الاعتماد على الخلايا المزروعة من المتبرعين.
وقد أشار هوارد فويت من شركة فياسيت (ViaCyte) التي تعمل على تطوير العقار الجديد، أن الدراسة الحالية بشكل قاطع ولأول مرة، أظهرت أن الخلايا البنكرياسية المشتقة من الخلايا الجذعية البشرية متعددة القدرات (PSCs) لديها القدرة على البقاء على قيد الحياة والنضج والتمايز داخل عدد صغير من الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 1، عندما يتم زرع الخلايا تحت الجلد.
وعند تطبيق علاج مرض السكري بهذا الجهاز على مجموعة من 26 مريضًا، وبعد المتابعة لمدة عام واحد بعد الزرع، أمضت المجموعة حوالي 13% وقت إضافي في نطاق جلوكوز الدم الصحي، وانخفضت متطلبات الأنسولين لديهم بنسبة 20% في المتوسط.
وتعد هذه نتائج ثورية وتشير أن الجهاز يعمل، وأضاف ديفيد طومسون، باحث بمركز السكري في مستشفى فانكوفر العام، أن العلاج يتم تحسينه حاليًا لإيجاد طرق لتقديم كميات أكبر من خلايا PSCs وربما تحقيق نتائج أفضل.
ويكمل طومسون: “بسبب هذا النجاح الأولي، نقوم الآن بزرع أعداد أكبر من الخلايا في مرضى إضافيين ونأمل أن يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير أو حتى إلغاء حاجة المرضى إلى أخذ حقن الأنسولين في المستقبل القريب”.
ومع ذلك بالرغم من هذا التقدم الهائل في علاج مرض السكري، توجد مشكلة أخرى يجب التغلب عليها قبل أن يتوفر العلاج على نطاق واسع وبشكل نهائي، وهي الحاجة إلى أن يكون الجهاز مصحوبًا بأدوية مثبطة للمناعة بشكل مستمر.
حيث وجدت الأبحاث المبكرة أنه بدون تثبيط جهاز المناعة، فإن جسم الإنسان سيرفض الجهاز المزروع بسرعة. ويعد هذا هو الضرر الوحيد الذي تم الكشف عنه من خلال التجارب البشرية الأولية هو ان العلاج بحاجة للأدوية المثبطة للمناعة عند الزرع.
ومع هذا التقدم الثوري ما زال هناك الحاجة للإجابة على بعض التساؤلات والتي تشمل: ما هو أفضل موقع في الجسم ليتم زرع الجهاز؟ كم من الوقت تبقى هذه الخلايا قابلة للحياة وتُنتج الأنسولين؟ هل سيحتاج العلاج إلى علاج بالأدوية المثبطة للمناعة مدى الحياة ليكون قابلاً للتطبيق؟ وهل هو آمن على المدى الطويل؟
من المرجح أن يكون هذا الإكتشاف الثوري هو طريق طويل ومتعرج لعلاج مرض السكري بدلاً من عملية زرع خلايا البنكرياس. لذا ما زال خيار العلاج بالزرع خيار علاجي مهم لمرضى السكري، ولكن بلا شك تم وضع حجر الأساس، وبدأت حقبة جديدة لعلاج السكري بالتطبيق السريري أخيرًا.