مرض كرابي أو حثل المادة البيضاء الكروي، هو اضطراب موروث يدمر الطبقة الحامية (الميالين) للخلايا العصبية الموجودة في الدماغ وفي الجهاز العصبي. وتظهر الأعراض في أغلب الحالات عند الرضع قبل بلوغ ستة أشهر، وعادة ما يؤدي إلى الوفاة في عمر الثانية. وعند ظهوره في الأطفال الأكبر عمراً والبالغين، يمكن أن تختلف مراحل تطور المرض بصورة كبيرة.
أعراض مرض كرابي
في أغلب الحالات، تظهر أعراض مرض كرابي خلال الشهور القليلة الأولى من الحياة، وتبدأ بصورة تدريجية، ثم تزداد حدتها.
الرضع
تتضمن الأعراض التي تظهر في المراحل الأولية للمرض ما يلي:
- صعوبات في إطعامهم.
- بكاء لا يمكن تفسيره.
- التهيج بصورة سريعة جداً.
- حمى بدون أي علامات تدل على عدوى.
- قصور في الانتباه.
- تأخر في التطور والنمو.
- تشنجات عضلية.
- خسارة القدرة على التحكم في الرأس.
- تقيؤ مستمر.
وتزداد حدة الأعراض بتقدم المرض، وقد تتضمن الأعراض ما يلي:
- التشنجات.
- فقدان قدرات التطور.
- فقدان تدريجي للرؤية والسمع.
- تصلب وضعية الجسم.
- فقدان تدريجي لقدرات البلع والتنفس.
الأطفال الأكبر سناً والبالغين
عندما يتطور مرض كرابي في مرحلة متأخرة من الطفولة أو أثناء مرحلة البلوغ، يمكن أن تختلف الأعراض بشكل كبير، ويمكن أن تتضمن ما يلي:
- فقدان تدريجي للرؤية.
- صعوبة في المشي (الترنح).
- تراجع في مهارات التفكير.
- خسارة المهارات اليدوية.
- ضعف العضلات.
ومن المتعارف عليه أنه كلما حدث مرض كرابي في سن صغير، كلما تقدم المرض بصورة أسرع، وكلما زادت فرص حدوث الوفاة. ويمكن أن تقل حدة الأعراض عند الأشخاص الذين تم تشخيصهم خلال مرحلة المراهقة أو البلوغ، حيث يمكن أن لا تتأثر مهارات التفكير الخاصة بهم.
ضرورة استشارة الطبيب
العلامات والأعراض الأولية لمرض كرابي عند الرضع، يمكن أن تُشير إلى عدد من الأمراض أو مشاكل في التطور، لذلك من المهم الحصول على تشخيص دقيق، إذا كان طفلك يعاني من أعراض وعلامات المرض. والأعراض التي تظهر عند الأطفال الأكبر عمراً والبالغين، ويمكن أن تكون غير مرتبطة بالمرض، تتطلب تشخيص دقيق.
أسباب مرض كرابي
يحدث مرض كرابي عندما يرث الشخص نسختين من جين معدل (مشوه)، نسخة من كلا الأبوين، ويوفر الجين ما يُشبه المخطط لإنتاج البروتينات، وإذا وجد خطأ في هذا المخطط، فقد لا يعمل إنتاج البروتين بشكل ملائم. وفي حالة مرض كرابي، يتسبب وجود نسختين من الجين المشوه، في إنتاج قليل لإنزيم يُعرف بـ galactocerebrosidase (GALC)، أو عدم إنتاجه على الإطلاق.
والإنزيمات مثل إنزيم GALC مسئولة عن تكسير بعض المواد المعينة في مركز إعادة تدوير الخلايا (اليحلول)، وعند الإصابة بمرض كرابي، ينتج عن الإمداد الضعيف لإنزيم GALC، تراكم بعض أنواع الدهون التي تُعرف بـ galactolipids.
ضرر الخلايا العصبية
كثرة المواد الدهنية الموجودة بصورة طبيعية داخل الخلايا وتقوم بإنتاج الميالين والحفاظ عليه، يمكن أن يكون لها آثر سام، فبعض هذه المواد يمكن أن تُحفز الخلايا المكونة للميالين، لتدمير نفسها. وبعض أنواع الدهون الأخرى تُستهلك بواسطة خلايا آكلة للبقايا داخل الجهاز العصبي تُعرف بالخلايا الدبقية الصغيرة.
وعملية تنظيف الدهون الزائدة، تتسبب في تحويل هذه الخلايا الطبيعية والمفيدة إلى خلايا مضطربة وسامة تُسمى خلايا غلوبويد، التي تُحفز حدوث التهاب “تدمير الميالين”. والفقدان اللاحق للميالين، يمنع الخلايا العصبية من إرسال واستقبال الرسائل.
عوامل خطر مرض كرابي
يتسبب الجين المصاحب لمرض كرابي في حدوث المرض، في حالة وراثة نسختين من هذا الجين من كلا الأبوين فقط. والمرض الناتج عن نسختين مشوهتين من الجين يُعرف بالاضطراب الصبغي الجسدي المتنحي، وإذا كان لدى كلا الأبوين نسخة واحدة من الجين، فيمكن أن يكون خطر إصابة الطفل كالتالي:
- نسبة 25% لوراثة النسختين المشوهتين، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالمرض.
- نسبة 50% لوراثة نسخة واحدة فقط، مما يجعل الطفل حاملاً للطفرة الجينية، لكن لن يتسبب ذلك في حدوث المرض نفسه.
- نسبة 25% لوراثة نسختين سليمتين من الجين.
الاختبار الوراثي
يمكن التفكير في الاختبار الوراثي في بعض الحالات، لفهم مخاطر انجاب طفل مصاب بمرض كرابي، ومن ضمن تلك الحالات ما يلي:
- إذا كان أحد الأبوين أو كليهما حاملين لجين GALC المشوه، نتيجة تاريخ عائلي من نفس المرض، فقد يرغب الزوجان بعمل ذلك الاختبار لفهم المخاطر الموجودة في عائلتهم.
- إذا تم تشخيص أحد الأطفال بمرض كرابي، فقد ترغب العائلة في إجراء الاختبارات الجينية، لمعرفة إذا ما كان أحد الأطفال الآخرين معرض للإصابة بنفس المرحلة في المستقبل.
- إذا كان الأبوين حاملين للجين، فقد يطلبون اختبار جيني قبل الولادة، لتحديد إذا ما كان الطفل معرض للإصابة بهذا المرض.
- إذا كان الأبوين حاملين للجين، ويستخدمون التخصيب الصناعي، يمكن أن يقوموا بطلب هذا الاختبار للبويضات المخصبة قبل التلقيح.
ويجب التفكير جيداً قبل القيام بالاختبار الوراثي، ويمكنك سؤال طبيبك عن وجود خدمات المشورة الجينية، التي يمكن أن تساعدك في فهم فوائد، حدود وآثار الاختبار الجيني.
مضاعفات مرض كرابي
يمكن أن يحدث عدد من المضاعفات لدى الأطفال المصابين بمرحلة متقدمة من مرض كرابي، من ضمنها الالتهابات والصعوبات التنفسية. وفي المراحل الأخيرة من المرض، يصبح الأطفال غير قادرين على الحركة، ولا يستطيعون مغادرة الفراش، وينتهي بهم الأمر بالدخول في غيبوبة.
وأغلب الأطفال المصابون بمرض كرابي في مرحلة ما قبل الطفولة، يتوفون قبل وصول عمر الثانية، غالباً نتيجة فشل التنفس أو المضاعفات المصاحبة لعدة القدرة عل الحركة، والانخفاض الشديد لقوة وكتلة العضلات.
والأطفال الذين يصابون بالمرض في مرحلة متأخرة من الطفولة، يمكن أن يكون معدل حياتهم أطول، عادة ما يكون بين سنتين و سبع سنوات بعد التشخيص.
تشخيص مرض كرابي
سوف يقوم الطبيب بإجراء فحص جسدي وتقييم الأعراض والعلامات التي يمكن أن تُشير إلى وجود مرض عصبي، ويعتمد تشخيص مرض كرابي على مجموعة من الاختبارات، التي يمكن أن تتضمن التالي:
الاختبارات المعملية
سوف يتم إرسال عينة من الدم والجلد (خزعة) إلى المختبر لتقييم مستوى نشاط إنزيم GALC، وانخفاض هذا المستوى أو انعدامه، يمكن أن يُشير إلى الإصابة بمرض كرابي.
وعلى الرغم من أن النتائج تساعد الطبيب في عمل تشخيص، لا تقوم هذه النتائج بتوفير أدلة تُشير إلى سرعة تقدم المرض، فعلى سبيل المثال، لا يعني دائماً انخفاض نشاط GALC، أن الحالة سوف تتقدم بصورة سريعة.
فحوصات التصوير
قد يقوم الطبيب بطلب مجموعة من فحوصات التصوير التي يمكن أن تحدد كمية الميالين المفقودة في المناطق المصابة من الدماغ، وقد يتضمن لك:
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وهو تقنية تستخدم موجات الراديو وحقل مغناطيسي لإنتاج صور مفصلة ثلاثية الأبعاد.
- الأشعة المقطعية (CT)، وهي تقنية تعتمد على الأشعة السينية لإنتاج صور ثنائية الأبعاد.
دراسات التوصيل العصبي
تقوم هذه الدراسات بتقييم المعدل الذي تستهلكه الأعصاب لعمل إشارة، وخاصة السرعة المستخدمة في بعث رسائل عصبية، حيث يقوم جهاز خاص بقياس الوقت اللازم الذي تستغرقة النبضة الكهربائية في الانتقال من مكان في الجسم إلى مكان آخر. وعند تعطل الميالين، تقل سرعة التوصيل العصبي.
الاختبار الجيني
يمكن أن يتم هذا الاختبار بواسطة عينة من الدم لتأكيد التشخيص، حيث يوجد أشكال مختلفة للجين المشوه الذي يتسبب في حدوث مرض كرابي، ومعرفة النوع المحدد يمكن أن يوفر بعض الأدلة فيما بتعلق بمراحل المرض المتوقعة.
فحص حديثي الولادة
يُعتبر فحص مرض كرابي جزء من الاختبارات المعتادة لحديثي الولادة في بعض البلدان، حيث يقوم الفحص الأولي بقياس نشاط إنزيم GALC، وإذا كان النشاط منخفضاً، يتم القيام بفحوصات متابعة واختبارات جينية للإنزيم.
ويُعتبر استخدام فحوصات التصوير لحديثي الولادة، أمر جديد نسبياً، حيث ما زال الباحثين يعملون لفهم الطريقة الأفضل لاستخدام هذه الفحوصات، وكيف يمكن أن تؤدي هذه الاختبارات إلى تشخيص دقيق، وكيف يمكنها توقع مسار المرض في حالة حدوثه.
علاج مرض كرابي
لا يوجد علاج نهائي حالي للأطفال الذين يعانون بالفعل من أعراض هذا المرض، يمكنه أن يُغير مسار المرض، ولذلك يُركز العلاج على التحكم في الأعراض وتوفير الرعاية لهم، ويمكن أن تتضمن التدخلات العلاجية ما يلي:
- أدوية المضادة للتشنج للتحكم في التشنجات.
- أدوية لتقليل تشنجات العضلات وسرعة التهيج.
- العلاج الفيزيائي لتقليل تدهور كتلة العضلات.
- المساندة الغذائية، مثل استخدام أنبوب لتوصيل السوائل والمواد الغذائية مباشرة إلى المعدة (أنبوب المعدة).
ويمكن أن تتضمن التدخلات للأطفال الأكبر عمراً أو البالغين، الذين يعانون من أشكال أقل حدة من المرض ما يلي:
- العلاج الفيزيائي لتقليل تدهور كتلة العضلات.
- العلاج الوظيفي لتحقيق أكبر قدر من ابقوة للقيام بالأنشطة اليومية.
زراعة الخلايا الجذعية
الخلايا الجذعية المكونة للدم هي خلايا متخصصة، يمكن أن تتطور إلى جميع الأنواع المختلفة من خلايا الدم في جسم الإنسان، وهذه الخلايا هي مصدر الخلايا الدبقية الصغيرة التي تعيش داخل الجهاز العصبي، وعند الإصابة بمرض كرابي، تتحول هذه الخلايا الدبقية إلى خلايا سامة كروية الشكل.
وأثناء عملية نقل الخلايا الجذعية، يتم توصيل الخلايا الجذعية للمتبرع إلى مجرى دم المصاب عن طريق أنبوب يُعرف بالقسطرة الوريدية المركزية، حيث تساعد الخلايا الجذعية المتبرعة الجسم في إنتاج خلايا دبقية سليمة، يمكن أن تنتشر داخل الجهاز العصبي، وتقوم بتوصيل إنزيمات GALC فعالة.
ويمكن أن يساعد هذا العلاج في استعادة بعضاً من منتوج الميالين الطبيعي، والحفاظ عليه. ويمكن أن يُحسن هذا العلاج من النتائج عند الرضع، إذا بدأ قبل بداية ظهور الأعراض، بعد معرفة التشخيص عن طريق إحدى فحوصات تصوير حديثي الرضع.
ويتقدم المرض بصورة بطيئة عند الرضع الذين لم تظهر الأعراض عليهم، ويتلقون الخلايا الجذعية المنقولة، لكن هؤلاء الاطفال يعانون من صعوبات بالغة في التحدث، المشي وقدرات الحركة الأخرى. والأطفال الأكبر سناً والبالغين الذين يعانون من أعراض أكثر حدة، يمكن أن يستفيدوا أيضاً من هذا العلاج. وتتضمن مصادر الخلايا الجذعية المكونة للدم ما يلي:
- دم الحبل السري.
- نخاع العظم الخاص بأحد المتبرعين.
- الخلايا الجذعية الموجودة في دم إحدى الأطراف.
التكيف مع المرض والمساندة
تتضمن المؤسسات التي تقدم المساندة، المصادر التعليمية، فرص التواصل والخدمات للعائلات للتعامل مع مرض كرابي ما يلي:
- United Leukodystrophy Foundation
الاستعداد لموعد الطبيب
يمكن أن يتم تشخيص مرض كرابي لدى حديثي الولادة قبل ظهور الأعراض في بعض الحالات، وسوف تبدأ باستشارة طبيب طفلك والطبيب المختص باضطرابات الجهاز العصبي بعد تأكيد التشخيص، ولكن في العديد من الحالات، تتسبب بداية ظهور الأعراض في تحفيز عملية البحث عن الأسباب الممكنة.
زيارات الأطفال الأصحاء
من المهم أخذ الطفل إلى زيارات الطبيب المقررة والمواعيد السنوية أثناء مرحلة الطفولة، حيث تكون هذه الزيارات فرصة يحتاجها الطبيب لمراقبة تطور الطفل في مناطق رئيسية مثل:
- النمو.
- كتلة العضلات.
- قوة العضلات.
- قدرات التنسيق.
- وضعية الجسم.
- مهرات الحركة المناسبة للسن.
- قدرات الشعور مثل الرؤية، السمع واللمس.
وتتضمن الأسئلة التي يجب أن تكون على استعداد لإجابتها أثناء فحوصات المتابعة المعتادة ما يلي:
- ما هي مخاوفك فيما يتعلق بنمو وتطور طفلك؟
- هل يتناول الطعام بصورة جيدة؟
- كيف يستجيب طفلك إلى اللمس؟
- هل وصل الطفل إلى بعض مراحل التطور المعينة مثل التدحرج، الإتكاء للوقوف، الجلوس، الزحف، المشي أو التحدث؟
الاستعداد لمواعيد الأطباء الآخرين
قد تقوم بالذهاب إلى طبيب أطفال عند بداية ظهور الأعراض، وبعد القيام بفحص أولي، يمكن أن يُحيلك طبيب الأطفال إلى طبيب مختص بالاضطرابات العصبية، لذلك كن على استعداد للإجابة عن الأسئلة التالية بالنيابة عن طفلك:
- ما هي الأعراض التي قمت بملاحظتها؟ متى بدأت هذه الأعراض؟
- هل تغيرت هذه الأعراض بمرور الوقت؟
- هل لاحظت أي تغييرات في قوة الانتباه واليقظة لطفلك؟
- هل تعرض طفلك للحمى؟
- هل تعرض الطفل لتهيج غير طبيعي أو زائد؟
- هل لاحظت أي تغير في عادات الأكل؟
ويمكن أن تتضمن الأسئلة الخاصة للأطفال الأكير سناً أو البالغين ما يلي:
- هل تعرض طفلك لأي تغيرات في الأداء المدرسي؟
- هل واجهت صعوبة في المهام الطبيعية أو العمل المتعلق بالوظيفة؟
- هل تتعالج أنت أو طفلك لأي حالات طبية أخرى؟
- هل بدأت أنت أو طفلك في تناول أي دواء جديد؟