داء الإشعاع أو داء الإشعاع الحاد أو متلازمة الإشعاع الحادة أو التسمم الإشعاعي، هو ذاك المرض الذي يحدث نتيجة التعرض لجرعة كبيرة من الإشعاع في خلال مدة زمنية قصيرة، مما يؤدي إلي حدوث ضرر وتلف في الجسم، وتُحدد كمية الإشعاع التي تم امتصاصها حجم التلف الذي يحدث بالجسم.
ويجب الأخذ في الاعتبار أن تقنيات التصوير الإشعاعي الروتينية كـ التصوير المقطعي (CT) أو التصوير بالأشعة السينية (X-rays)، لا تتسبب في الإصابة بمتلازمة الإشعاع .
أعراض داء الإشعاع
حدة العلامات و الأعراض تعتمد على الكمية التي تم امتصاصها، والتي بدورها تعتمد على مدى قوة الطاقة الإشعاعية التي تم التعرض لها، والمسافة بين الشخص ومصدر الإشعاع. وتتأثر العلامات و الأعراض أيضاً بنوع التعرض، أي هل كان التعرض للجسم كاملاً أم جزء منه؟ وهل كان التعرض داخل الجسم أم مجرد تعرض خارجي؟ و كذلك مدي حساسية الجزء المصاب للإشعاع، حيث أن الجهاز الهضمي و النخاع الشوكي من أعلى الأجهزة حساسية للإشعاع.
الكمية الممتصة و فترة التعرض
تُقاس الكمية المُمتصة بوحدة تسمي جراي (gray)، الإجراءات التشخيصية، كـ الأشعة السينية، تتسبب في التعرض لجرعة صغيرة من الإشعاع، أقل من 0.1gy، ويتم تركيزها على أعضاء و أنسجة قليلة.
وتظهر علامات وأعراض داء الإشعاع عند تعرض الجسم كاملاً لجرعة تساوي 1gy على الأقل، في حين أنه إذا تجاوزت الجرعة 10gy، فالحالة غير قابلة للعلاج، وتحدث الوفاة في مدة تتراوح ما بين يومين لأسبوعين، اعتماداً على الجرعة و مدة التعرض.
الأعراض و العلامات الأولية
في المرحلة الأولية تظهر بعض الأعراض مثل، الغثيان والقيء، و المدة بين التعرض وظهور الأعراض، هي مؤشر يدل على كمية الأشعة التي تم امتصاصها.
وبعد الانتهاء من المرحلة الأولية، يبدو المريض في صحة جيدة مع عدم ظهور أي أعراض عليه، و لكن هذا يكون مصحوباً ببداية أعراض أشد خطورة. وإجمالياً كلما كان التعرض أكثر، كلما كانت الأعراض أسرع في الحدوث وأكثر خطورة:
تعرض خفيف 1-2gy |
تعرض متوسط 2-6gy |
تعرض بالغ 6-9gy |
تعرض عنيف 10gy أو أكثر |
|
غثيان وقئ | في خلال 6 ساعات | في خلال ساعتين | في خلال ساعة | في خلال 10 دقائق |
إسهال | – | في خلال8 ساعات | في خلال 3 ساعات | في خلال ساعة |
صداع | – | في خلال 24 ساعة | في خلال 4 ساعات | في خلال ساعتين |
حمي | – | في خلال 3 ساعات | في خلال ساعة | في خلال ساعة |
دوخة و توهان | – | – | في خلال أسبوع | فوري – في الحال- |
ضعف و تعب عام | في خلال4 أسابيع | في خلال 1-4 أسابيع | في خلال أسبوع | فوري |
|
– | في خلال1-4 أسابيع | في خلال أسبوع | فوري |
ضرورة استشارة الطبيب
إن الحوادث المؤدية للتسمم الإشعاعي، بدون شك، سوف تكون ذات صدى وانتباه في الشأن العام، حيث أنه يحب عند حدوث هذه الكوارث، الاهتمام بالحالات التي تذاع على الراديو و التلفاز أو على الانترنت، لمعرفة التعليمات التي يجب تنفيذها في حالات الطوارئ. وإذا علمت أنك تعرضت لجرعة زائدة من الإشعاع، يجب عليك بدون شك استشارة الطبيب على الفور، فهذه حالة طارئة.
أسباب داء الإشعاع
الإشعاع هو تلك الطاقة التي تنبعث من الذرات في هيئة موجات أو أجزاء ضئيلة الحجم، وينتج مرض الإشعاع نتيجة التعرض لجرعات عالية من الإشعاع كما في الحوادث الصناعية، لكن التعرض الروتيني لجرعات صغيرة، كالأشعة السينية، لا يؤدي لحدوث هذا المرض.
مصادر الجرعات العالية من الإشعاع
- الحوادث التي تحدث في مصانع توليد الطاقة النووية.
- الإصابات التي تحدث في مصانع توليد الطاقة النووية.
- انفجار جهاز إشعاعي صغير الحجم.
- انفجار الأجهزة الاعتيادية التفجيرية التي تنشر المواد المشعة (القنابل الملوثة).
- انفجار الأسلحة النووية.
والمرض الإشعاعي يحدث عند حدوث تلف لخلايا الجسم، نتيجة التعرض لجرعات عالية من الإشعاع، وتُعد الخلايا المبطنة للقناة الهضمية، بما في ذلك المعدة، والخلايا المنتجة لخلايا الدم في النخاع الشوكي، من أكتر الخلايا تأثراً بالإشعاع.
تشخيص داء الإشعاع
عند تعرض شخص لجرعات عالية من الإشعاع نتيجة حدوث كارثة مثلاً، يتبع العاملون في القطاع الطبي عدد من الخطوات لمعرفة جرعة الإشعاع التي تم امتصاصها، فهذه المعلومة مهمة لمعرفة شدة المرض، ونوع العلاج الذي سوف يُتّبع، وإذا كان هذا المريض سينجو أم لا. والمعلومات المهمة لمعرفة الجرعة المُمتصة تتضمن:
مصدر الإشعاع
التفاصيل عن المسافة بين مصدر الإشعاع والشخص المُتعرض للإشعاع، وأيضاً مدة هذا التعرض، يُتيح لنا تقريباً معرفة شدة المرض الإشعاعي الذي سينتج.
القيء و الأعراض الأخرى
الوقت بين التعرض وبدأ القيء، يُعتبر أداة دقيقة لمعرفة الجرعة الإشعاعية المُمتصة، فكلما كانت المدة بينهم قصيرة، كلما كان هذا دليلاً على كبر الجرعة، وأيضاً يتيح توقيت وشدة الأعراض و العلامات الأخرى، المساعدة اللازمة للفرق الطبية، لمعرفة الجرعة الإشعاعية.
تحاليل الدم
تساعد تحاليل الدم المتكررة على مدار أيام، في معرفة الخلل الحادث لخلايا الدم البيضاء، وبعض التغييرات الحادثة في الحمض النووي لخلايا الدم، وهذه العوامل تساعد على معرفة درجة التلف الحادث في النخاع الشوكي، و التي بدورها تعتمد على كمية الأشعة المُمتصة.
جهاز قياس الإشعاع (dosimeter)
هذا الجهاز يتمكن من قياس جرعات الإشعاع المُمتصة، ولكن هذا في حالة التعرض لنفس نوع الإشعاع المُمتص بواسطة الجسم.
مقياس المسح الإشعاعي
هو جهاز يُشبه عداد غايغر للمواد الإشعاعية (Geiger counter)، ومن الممكن أن يُستخدم في إخبار الأشخاص مكان الجزيئات الإشعاعية في الجسم.
نوع الإشعاع
من الأشياء المهم معرفتها أثناء الاستجابات الطارئة، للأشخاص المتعرضة للإشعاع، في الحوادث الإشعاعية، هي نوع الإشعاع و التي سوف تحدد بعض القرارات المتخذة في العلاج.
مضاعفات داء الإشعاع
إن التعرض الإشعاعي الذي يؤدي فوراً لحدوث داء الإشعاع، يُزيد من احتمالية حدوث سرطان الدم، أو أي سرطان آخر للشخص المصاب، والتعرض لهذا المرض من الممكن أن يترتب عليه مشاكل ذهنية قصيرة أو طويلة المدى في شكل حزن، خوف أو قلق حول:
- التعرض مرة أخرى للحوادث الإشعاعية.
- العائلة و الأصدقاء الذين توفوا نتيجة التعرض.
- التعامل مع هذا المرض غامض النتائج، ومن ممكن أن يؤدي إلي الوفاة.
- خطورة الإصابة بالسرطان نتيجة التعرض.
علاج داء الإشعاع
إن الهدف من العلاج هو منع المزيد من التلوث الإشعاعي للشخص المُتعرِض، وعلاج الإصابات التي تهدد الحياة كالجروح و الحروق، تقليل الأعراض الناتجة، كالقيء، وتسكين الألم الناتج عن الإصابة.
التطهير (إزالة التلوث)
التطهير هو إزالة الجزيئات الإشعاعية الخارجية بالقدر المستطاع، حيث أن إزالة الملابس و الأحذية تمثل نحو 90% من التلوث الإشعاعي الخارجي، ويقوم الغسيل بالماء والصابون بإزالة الملوثات الإشعاعية الأخرى من الجلد.
وهذا التطهير في غاية الأهمية حيث أنه يحد من زيادة توزيع المواد الإشعاعية على الجسم، ويقلل من خطورة التلوث الداخلي للجسم عن طريق التنفس، البلع، أو من خلال الجروح.
علاج النخاع الشوكي التالف
البروتين الذي يُطلق عليه العامل المحفز لإنتاج خلايا الدم البيضاء (granulocyte colony-stimulating factor)، يطور من نمو خلايا الدم البيضاء، ومن الممكن أن ينعكس تأثير هذا المرض على النخاع الشوكي.
والعلاج المعتمد على هذا البروتين يتضمن هذه الأدوية فيلغراستيم، سارغراموستيم وبيغفيلغراستيم، والتي بدورها تساعد على زيادة إنتاج خلايا الدم البيضاء، وتساعد على الحماية من العدوى المترتبة على هذا المرض. وفي حالة إذا كان هناك إصابة بالغة للنخاع الشوكي، يتم نقل الدم (خلايا الدم الحمراء أو الصفائح الدموية ) للمريض.
علاج التلوث الإشعاعي الداخلي
هناك بعض العلاجات التي بدورها تقلل من التلف الحاصل للأعضاء الداخلية الناتج عن الجزيئات الإشعاعية، وهذه العلاجات تُستخدم في حالة التعرض لأنواع معينة من الإشعاع. وتتضمن هذه العلاجات التالي:
يُوديدُ البُوتاسْيُوم Potassium iodide
إن يوديد البوتاسيوم شكل من أشكال اليود غير المشع، واليود مهم جداً لعمل الغدة الدرقية بكفاءة، ولذلك فإن اليود المُمتص بالجسم، أياً كان، يأخذ طريقه نحو الغدة الدرقية. وعند التعرض الداخلي لليود المشع، يتم امتصاصه بالغدة الدرقية، ولهذا فإن العلاج بيوديد البوتاسيوم يمنع امتصاص لليود المشع، حيث أنه يتم امتصاصه بالغدة الدرقية ليملأ فراغات الغدة بدلاً عن اليود المشع، وفيما بعد سوف يتخلص الجسم من اليود المشع عن طريق البول، ولكن هذا العلاج يكون أكثر فعالية إذا تم أخده في أول يوم بعد التعرض.
زُرْقَةُ بروسيا Prussian blue
هي نوع من الصبغات الذي يتحد مع الجزيئات المشعة كالسيزيوم و الثاليوم، والتي فيما بعد يتم التخلص منها عن طريق البراز، وهذه الطريقة فعالة جداً في سرعة التخلص من الجزيئات الإشعاعية والتقليل من كمية الإشعاع التي يمكن أن تُمتص بخلايا الجسم.
حمض الكبريتيك (DTPA)
حمض الكبريتيك يتحد مع المعادن، ولذلك فهو يُستخدم مع المواد المشعة كالكوريوم curium، أمريشيوم americium، بلوتونيوم plutonium، ثم يتم التخلص من هذه المواد عن طريق البول.
العلاجات الداعمة أو المساعدة
تُستخدم بعض الأدوية في الداء الإشعاعي لعلاج:
- الصداع.
- العدوى البكتيرية.
- الحمى.
- الإسهال.
- الغثيان و القيء.
- الجفاف.
- الحروق.
الرعاية في مرحلة الاحتضار (ما قبل الموت)
إن الأشخاص الذين تعرضوا لجرعات كبيرة من الإشعاع، جرعات تساوي أو تزيد عن10gy، لهم فرص ضئيلة في الاستجابة للعلاج، ومن الممكن أن تحدث الوفاة في خلال يومين أو أسبوعين اعتماداً على شدة وخطورة المرض، وهؤلاء الأشخاص تتم معالجتهم فقط من أجل تقليل الآلام، الغثيان، القيء و الإسهال، وسيكون جيداً أن يتلقوا الرعاية النفسية.