ازداد اهتمام كثير من الناس بمعرفة المزيد من التفاصيل عن الفيروسات في الآونة الأخيرة، خصوصًا بعد انتشار جائحة فيروس كورونا عام 2020، وتوجد أعداد كبيرة جدًا ولا نهائية من الفيروسات، وفي هذا المقال، سنسلط الضوء على أحد أنواعها، ألا وهو الفيروسات الارتجاعية، فتابع السطور التالية.
ما المقصود بالفيروسات الارتجاعية؟
الفيروسات بصفة عامة هي ميكروبات أو عوامل مسببة للعدوى صغيرة جدًا لا تُرى بالعين المجردة، تصيب الخلايا الحيوانية أو النباتية أو حتى البكتيريا، وبمجرد دخولها، تبدأ في التكاثر.
أما تعريف الفيروسات الارتجاعية Retrovirus فهي عبارة عن فيروسات تستخدم المادة النووية الريبوزي RNA كمادة وراثية، وبعد الإصابة بعدوى هذا النوع في الفيروسات، تتحول المادة الوراثية إلى DNA، وبدوره يدخل إلى الحمض النووي في الخلية المُضيفة (سواء كانت في الإنسان أو الحيوان أو النبات أو البكتيريا)، ثم يتكاثر مُنتجًا الكثير من الفيروسات الأخرى، والتي بدورها تصيب الخلايا المجاورة.
توجد العديد من المسميات الأخرى للفيروسات الارتجاعية مثل الفيروسات الرجوعية، أو المرتدة، أو القهقرية، وينتمي هذا النوع من الفيروسات إلى عائلة فيروسات تسمى Retroviridae، وسميت بهذا الإسم نسبة إلى الإنزيم “إنزيم النسخ العكسي reverse transcriptase” الذي يلعب دورًا حيويًا في دورة حياتها.
الفرق بين الفيروس الارتجاعي والأنواع الأخرى
توجد أنواع لا حصر لها من الفيروسات في كوكبنا، وتوجد الكثير من الاختلافات بينها إذ يتم تقسيمها بناء على العديد من العوامل:
- نوع المادة الوراثية سواء DNA أو RNA.
- الطريقة التي يتم استخدامها للتكاثر في الخلايا.
- شكل الفيروس وخصائصه.
ووفقًا لعلم الفيروسات Virology، توجد الكثير من الاختلافات بين الفيروس الارتجاعي وأنواع الفيروسات الأخرى، ولكن يعد الاختلاف الرئيسي هو الطريقة المُستخدمة للتكاثر في الخلايا المُضيفة.
كيف تتكاثر الفيروسات الارتجاعية؟
كما أوضحنا لك من قبل، تتكاثر الفيروسات عن طريق نقل مادتها الوراثية إلى الخلية المضيفة، وفيما يلي سنوضح لك مثالًا على كيفية تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية HIV أحد أنواع الفيروسات الارتجاعية:
- يرتبط الفيروس بأحد المستقبلات الموجودة على سطح الخلية المضيفة.
- يندمج غلاف الخلية الفيروسية بغشاء الخلية المضيفة مما يسمح للفيروس بالدخول.
- يستخدم الفيروس إنزيم النسخ العكسي لتحويل الـ RNA إلى DNA، وهذا يجعله متوافقًا مع الحمض النووي للخلية المُضيفة، وهي خطوة مهمة للخطوة التالية.
- ينتقل الحمض النووي الفيروسي الجديد إلى نواة الخلية -مركز التحكم الرئيسي-، ويدخل إلى الحمض النووي للخلية المُضيفة بمساعدة إنزيم معين يسمى Integrase.
- يستخدم الفيروس آلية الخلية المُضيفة لاستنساخ ما تحتويه الخلايا الفيروسية (مثل الحمض النووي الريبوزي الفيروسي، والبروتينات الفيروسية).
- تتجمع محتويات الخلايا الفيروسية الحديدة المُستنسخة، وتتحد مكونة خلايا فيروسية جديدة.
- تنطلق الفيروسات الجديدة خارج الخلية المُضيفة، وتعيد نفس الدورة مرة أخرى.
أمثلة الفيروسات الارتجاعية التي تصيب البشر
تصيب الكثير من الفيروسات الارتجاعية الحيوانات، وتصيب الإنسان بضعة أنواع فقط ، ولكن أشهر نوعين هما:
فيروس نقص المناعة البشري HIV
وهو الفيروس المُسبب لمرض الإيدز، وينتقل فيروس نقص المناعة البشري إلى الإنسان عن طريق سوائل الجسم، ومشاركة الإبر، والاتصال الجنسي، وقد ينتقل من الأم إلى الطفل أثناء الولادة أو الرضاعة.
ويسبب هذا الفيروس ضعفًا في المناعة نظرًا لأنه يهاجم نوع من الخلايا في الجسم تعرف بالخلايا التائية CD4 (نوع من أنواع خلايا الليمفاوية، وهي بدورها نوع من خلايا الدم البيضاء)، وهي ذات دور قوي في مكافحة العدوى، وفي حال عدم السيطرة على هذا الفيروس بالأدوية، ينجم عنه الإصابة بمتلازمة نقص المناعة المكتسب AIDS الذي يعد المرحلة الأخيرة لهذا الفيروس، وقد يؤدي إلى الإصابة بالعدوى الانتهازية أو الأورام التي قد تكون مهددة للحياة.
فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري Human T-cell lymphotropic virus
وهو أيضًا من أنواع الفيروسات الارتجاعية الشائعة، وينقسم لنوعين الأول، والثاني، وينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، ونقل الدم، ومشاركة الإبر، وينجم عنه اللوكيميا الحادة، والأورام الليمفاوية، كما أنه يرتبط باضطرابات عصبية تؤثر على النخاع الشوكي.
كيفية علاج عدوى الفيروس الارتجاعي
توجد بعض الأدوية الموصوفة لعلاج العدوى الفيروسية تلك مثل مضادات الفيروسات القهقرية التي تعمل على تثبيط إنزيم النسخ العكسي لفيروس نقص المناعة البشري، كما توصف مجموعة من العلاجات الأخرى التي تعمل على القضاء على الفيروس من نواحي مختلفة، نظرًا لسهولة حدوث طفرة جينية في الفيروس التي قد تجعله مقاومًا لبعض هذه الأدوية، وينبغي الالتزام بتناول هذه الأدوية مدى الحياة كما يصف الطبيب، إذ لا يوجد علاج نهائي لهذا الفيروس.
أما بخصوص فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري، فيتم السيطرة على اللوكيميا بالعلاج الكيماوي أو زراعة الخلايا الجذعية، وقد يتم وصف مزيج من الأدوية مثل الانترفيرون، والزيدوفودين zidovudine لمنع الفيروس من مهاجمة خلايا جديدة.