في مقولة مشهورة بتقول “لا تكوِّن صداقات تشعرك بالراحة دائماً. كوِّن صداقات تجبرك على رفع مستوى نفسك” كلنا عارفين إن الصداقة من أهم الحاجات اللي في الدنيا، وإن الحياة من غير صديق صعبة وطول ما الواحد عايش هيشوف صحاب أشكال وألوان.
بس دلوقتي هنتكلم عن صاحب معيَّن كلنا عارفينه، ممكن يبقى صاحب جديد أو قديم، ممكن تعرفه طول حياتك أو شوية بس من حياتك لغاية ما يخرج منها، ممكن يبقى صاحب تقيل أو صاحب خفيف على حسب مزاجك.
يا ترى عرفتوه؟ طيب خلينا نتكلم عنه أكتر.
صاحبك اللي بتاخده معاك كل حتة سواء رايح الشغل أو نازل تحلق. صاحبك اللي كل يوم لازم ياخد منك فلوس وماتقدرش تقولُّه لأ. صاحبك اللي بيشتغل عشان – على المدى الطويل – يؤذيك. صاحبك اللي لما تكون مضغوط بيقف جنبك بس مش بيخفف عنك.
صاحبك اللي أسعد لحظاتك معاه بتبقى بالكتير عشر دقائق. صاحبك اللي قعدة القهوة من غيره مايبقاش ليها طعم. صاحبك اللي بيضايق معظم اللي حواليك. صاحبك اللي والدتك بتحذرك منه ووالدك لو شافك معاه غالباً هيهزأك. صاحبك اللي دايماً كاتم على نفسك ومخليك مش مستريح.
صاحبك اللي حرفياً عنده مليار صاحب غيرك وبيعاملهم كلُّهم بنفس الطريقة. صاحبك اللي الكل عارفه بس ماحدش بيجيب سيرته بالخير أبداً. صاحبك اللي لو ولعت فيه أنت الخسران.
ميراث من دخان
“أنا خير بابا مغرقني.. هو اللي عملي الشقة اللي اتجوزت فيها.. وأول عربية ركبتها.. ورثت منه الجدعنة والروقان وخفة الدم والضغط والقلب وتصلب الشرايين..!”
هل فيه حد لما يفتكر والده المتوفي ممكن يقول الجملة دي عليه؟ أكيد لأ، لأنه محدش بيفتكر لباباه ومامته غير كل حاجة حلوة شافها منهم.
هي فعلًا أمراض وراثية وممكن تنتقل من الآباء للأبناء عن طريق الجينات، بس اللي متعرفهوش إنها ممكن تنتقل عن طريق التدخين السلبي والأخطر إن أطفالك يقلدوك ويدخنوا هما كمان!
الدراسات بتقول أن 9 من كل 10 مدخنين بيبدأوا التدخين قبل سن 18 سنة، ما قبل السن ده بيكون صعب شوية، لو سألت طفل في مدرسة ابتدائي “تاخد سيجارة” غالبًا هيقولك لأ وهيستنكر فعل التدخين، لكن مع الوقت وكل ما يكبر بيكون عنده استعداد أكتر.
أول وأهم سبب لقرار تجربة السجاير عند الأطفال لما يشوف أحد الوالدين بيدخنوا، ده يعتبر باب مفتوح للطفل إنه يجرب ويقلدهم علشان يكون مبسوط وبيقرر إنه يقلدهم.
وثانيًا كنوع من أنواع التمرد اللي بيمر بيه معظم المراهقين، في حالة إن بابا أو ماما بيعملوا رقابة على الأفلام والمسلسلات والبرامج اللي الطفل بيشوفها، علشان ميشوفش أي حاجة فيها تدخين.
يبدو أن السببين عكس بعض وده حقيقي، بس في الحالتين الطفل هيقرر يجرب.
الأطفال هم المستقبل فلازم نحافظ من خلالهم على مستقبلنا كلنا بإننا نوعى للكلام ده، ونصاحب أولادنا ونزرع جواهم بذرة التفكير بعقلانية، بدل ما نفرش جواهم أرضية للعند من خلال التخويف والتهديد.
من سيخسر المليون؟!
“كانت أيام إعدادي وكنت أنا وواحد صاحبي ساكن جنبي بناكل مع بعض فراخ مشوية وبعد ما كلنا اكتشفنا إن الحساب على قد الفلوس اللي معانا أنا وهو بالظبط.
دفعنا كل الفلوس اللي معانا ومشينا. دايماً كنت أنا وهو متعودين قبل ما نطلع بيوتنا نقف نشرب حاجة ساقعة عند الكشك اللي في شارعنا بس للأسف ماكنش معانا فلوس تكمل إننا نجيب ولقينا إن مجموع الفلوس اللي معايا أنا وهو يادوبك يجيبوا سجارتين فجبنا السجارتين أنا وهو على سبيل الهزار كل واحد خد واحدة ومابقاش معانا ولا مليم. الغريب إن صاحبي خلص السيجارة للآخر وأنا رميتها في نصها ومع ذلك أنا اللي كملت شرب سجاير وهو ماشربش تاني.”
المدخن بيصرف في حياته على التدخين حوالي 950,000 جنيه أو 60,000 دولار لو شرب علبة في اليوم من سن الـ 18 حتى الـ 69 اللي هو متوسط عمر الإنسان، والمبلغ ده من غير أي مصاريف علاج.
إيه الأسباب اللي بتخلي الشخص يبتدي رحلة الـ 950,000 ؟
بما إننا هنتكلم على بداية طريق المدخن وإيه اللي بيخلي الشخص يبتدي، تعالوا الأول نتكلم على تاريخ التدخين وهو ابتدى إزاي في العالم، ولكن قبل ما نبتدي دوس على اللينك ده: حاسبة تكلفة نفقات التدخين، ودخل إنت بتشرب سجاير بمعدل قد إيه عشان تعرف صرفت أو هتصرف قد إيه في حياتك على السجاير.. تفتكر هتعدي المليون؟
الدراسات التاريخية بتقول إن أول حضارة تبنت التدخين، بعد ما كانت حاجة أفراد متبعثرة مختلفة بيعملوها، هي حضارة المايا اللي كانت موجودة في حوالي سنة 2600 قبل الميلاد.
وبعد كدة اتنقلت عادة التدخين للهنود الحمر اللي كانوا بيستخدموها في الشعائر الدينية لاعتقادهم إنها بتصفي الذهن وبتنقلك لعالم روحاني وبتخليك واحد مع الطبيعة. بعد الغزو الأوروبي لأمريكا الشمالية وبداية أمريكا اكتشف الأوروبيين التبغ والتدخين وبحار فرنسي بإسم نيكوت هو اللي ابتدى استيراد التبغ من أمريكا وسميت مادة النيكوتين على اسمه.
وكان التدخين بيساعدهم على مضي الوقت وتقليل الضغط النفسي في الرحلات البحرية الطويلة لأن كان هو مصدر التسلية الوحيد والحاجة اللي الناس بتتجمع عليها للكلام وتجنب الملل على المراكب.
هي دي كانت بداية فكرة التدخين لتقليل الضغط ولمضيعة الوقت ولأن الشخص ما بيموتش في ساعتها فليه لأ؟ الإنسان بطبيعته مش منجذب للتدخين لأن غرائزه بتوديه ناحية الحاجات اللي ريحتها وطعمها جذاب واللي تنفع تبقى غذاء ليه لأن جسمه بيشترط عليه كده عشان يعيش.
غرائز الإنسان الأساسية بتوديه ناحية الغذاء والتكاثر والمأوى وبالتالي في أسباب نفسية وسيكولوجية بتكون هي العوامل الأساسية لبداية التدخين.
1- الـ Perceived Stress
وهو مفهوم بمعنى الإنسان شايف الضغط اللي عليه قد إيه سواء كان شايف إنه تحت ضغط كبير أو قليل. الدراسات أثبتت إن من أكتر وأشهر أسباب لشرب السجاير هو علو الـ perceived stress بالنسبة للبني آدم بسبب إحساسه إن وقت السيجارة ده وقت تأمل أو راحة أو وقت لخلق صداقات مع مدخنين تانيين وده هيقلل إحساسه بالضغط.
2- الـ FOMO أو الـ Fear Of Missing Out
وهو مصطلح بيشرح خوف الإنسان إنه يفوِّت أي حدث ممتع أو مسلي باقي الناس حضرته وبالتالي مايبقاش جزء من المجتمع ومايحسش بالانتماء وده بيأثر بدرجة كبيرة جداً على الشباب والمراهقين أكتر من اللي فوق الثلاثين.
الشباب عايز يندمج مع الشباب اللي زيه ويبقى واحد منهم ومايحسش إنه منبوذ ويبقى جزء من مجموعة أو شلة و ده بيخليه يتجه للتدخين لو المجموعة دي بتدخن عشان مايفوِّتش أي حدث جديد أو ممتع معاهم ويبان إنه مواكب وبالتالي ممكن ينجذب للتدخين الاجتماعي علشان يبقى جزء من المجموعة.
3- الـ Teenage Rebellion أو تمرد المراهقين
يعتبر تمرد المراهقين جزء من التنمية البشرية عند الشباب عشان يعمل لنفسه هوية مستقلة عن أهله ويقدر ياخد قرارات مستقلة، فبيجربوا الأدوار والسلوكيات والأيديولوجيات المختلفة كجزء من عملية تطوير الهوية. بالتالي ده بيدفعهم لتجربة السجاير لأن كل ممنوع مرغوب وأكيد أهله في البيت محذرينه ومخوفينه من التدخين ومهددينه بالعقاب وبالتالي في السن ده هيبقى إغراء التدخين كبير جداً بسبب طبيعة المرحلة. (اعرف أكتر عن أسباب التدخين عند المراهقين)
في الآخر الدراسات والاستطلاعات أثبتت إن مستوى الضغط والتوتر عند الأشخاص بيقل بعد ما بيبطلوا التدخين بسبب إحساسهم بالراحة النفسية إن صحتهم مش في خطر.
ما تخليش الضغوط النفسية تخسرك حاجات كتير وتمشيك في سكة صرف المليون!
نيكوتينك إيه؟؟
“أنا من ساعة كورونا وقفل القهاوي ومنع الشيشة وأنا بقى عندي شيشة في بيتي وشيشة في بيت أهلي وشيشة في بيت حمايا وشيشة في المكتب وشيشة في العربية احتياطي”
من بعد دخول كورونا، الإعلام ومنظمة الصحة العالمية أدانت التدخين وحذرت منه أكتر من قبل كدة لأنه هيساعد أكتر في نشر المرض بسبب كثافة الدخان العالية اللي بتساعد في حمل الفيروس مسافة أطول سواء كان دخان سجاير أو شيشة أو فيب أو سيجارة إلكترونية.
اللي حصل في الواقع حاجة تانية خالص، الناس بسبب الملل والقعدة في البيت بقت تشرب سجاير أكتر وبقت تجيب شيشة البيت عشان اتمنعت في القهوة. بقوا يدوروا على أي هواية يشغلوا بيها وقتهم.
هنا دخل الفيب وأصبح هواية ما بين الشباب بيشاركوها مع بعض وكل واحد يفرج صاحبه على الفيب بتاعه من طعمه ولونه وشكله ومعدل النيكوتين وتقل النفس. كل الحاجات دي بتتغير من فيب للتاني ومن مستخدم لمستخدم وده اللي فتحلها مجال إنها تصبح هواية وتكون موضوع للحديث ضخم ومليان بالتفاصيل ما بين الصحاب وبقوا مطمئنين لأن أضراره أقل من السجاير.
من هنا ارتفع معدل التدخين اللي كان المفروض يقل في وقت كورونا، بس ساعات تأثير الأجواء بيبقى أقوى من تأثير المنطق أو الخوف.
مش هنقول لكم الكلام المعتاد إن ساعة من تدخين الشيشة تأثيرها 70 مرة أقوى من السيجارة ولا إن هي والفيب بيعملوا مياه على الرئة بسبب بخار المياه بس هنتكلم عن حاجة واحدة بس دايماً موجودة وأساسية.
كل بدائل السجاير دي، اه بتشيل جزئية القطران والورق المحروق من المعادلة ولكن بيفضل فيه حاجة ثابتة ما بتتغيرش في أي بديل للسجاير، اللي هي أصلاً سبب الإدمان والسبب الرئيسي لحب الناس في السجاير وهي النيكوتين.
النيكوتين بيتصنف كمادة سامة وكانت زمان بتستخدم كمبيد حشري وهي المادة اللي بتسبب الإدمان وصعوبة ترك السجاير والرغبة الملحة للدخان. هي المادة اللي بتأثر على مخك و”بتعمل مزاج” وهي دي المادة اللي بسببها بتشرب سجاير أو بدلائها.
إدمان النيكوتين واحد وهيخليك تجري وراه سواء سجاير أو شيشة أو فيب أو سيجارة إلكترونية ولو غابت حاجة منهم هتروح للتانية ولو غابت التانية هتدور على التالتة. مش معني إنك بتشرب النيكوتين من أداة جديدة أو بطريقة جديدة يبقى أنت كده في الأمان بالعكس أنت كده حاطط نفسك فار تجارب لاختراع لسه ماحدش يعرف أضراره على المدى الطويل.
حياة من غير طعم ولا ريحة
تخيل معايا كده الحياة لو الأكل كله نفس الطعم.. لو كل أنواع الأكل مالهاش طعم وكلها نفس الحاجة وبقت تعتبر مجرد غذاء ومش فارقة تاكل إيه.
طبعاً في جزء كبير من حياتنا وسعادتنا هيروح. عزومات وولايم وتجمعات عيلة وصحاب كلها انتهت. حضارات فيها الأكل شيء مهم وجزء كبير من حياة الناس اليومية هتنهار وتنتهي.
طبعاً كلنا عارفين قد إيه الدخان مضر على صحتنا وبيأثر علينا وعلشان كده مش هنتكلم على الحاجات الخطيرة دي لأن أكيد كله سمعها 100 مرة.
بس دلوقتي هنتكلم على التدخين من نواحي تانية في الحياة بتحصل قبل كل الأمراض الخطيرة دي و إزاي بتأثر على حياتنا اليومية من غير ما نكون حاسين بأي تعب. من الحاجات اللي بتأثر علينا وبنستخدمها كل يوم في حياتنا هي حواس الشم والتذوق.
الدراسات أثبتت إن التدخين ليه تأثير سريع على حاسة الشم ومابياخدش كتير علشان يضعفها ويغير من طبيعة الروائح بالنسبة للمدخن، وده بدوره بيضعف كمان حاسة التذوق ويخلي طعم الأكل بالنسبة للمدخن ضعيف ومتغير مش زي ما باقي الناس حاسينه، لأن الدخان بيعمل تبلد لبراعم التذوق.
اللي أكتر من كده إن الدراسات أثبتت إن التدخين السلبي بيأثر نفس التأثير على الناس التانية بنفس الدرجة تقريباً وعلشان كدة ولادك لو بتدخن حوليهم هيكبروا مش مستطعمين الأكل.
مليار شخص في العالم بيشرب سجاير، تخيل دخانهم السلبي أثر قد إيه على باقي الناس. هل ده معناه إنه غيَّر فينا إحنا كمان؟ هل معناه إن طعم الأكل اللي بناكله كل يوم مش هو الحقيقي؟