“دايمًا بفكر إبني لما يكبر هيبقى إيه.. زي أي أم عايزاه ناجح في حياته ودراسته.. بس مافكرتش قبل كده، أنا عايزة ابني لما يكبر يبقى من جواه إيه.. إيه اللي بزرعه فيه دلوقتي؟ ولما يكبر هيكون ليه تأثير إيجابي ولا سلبي؟ يا ترى حياته هتكون بالألوان ولا بالأبيض والأسود؟”
وإنتي تفتكري إبنك هيكبر لما يفهم، ولا هيفهم لما يكبر؟!!
“إنتي جميلة”
“بعد ما رجعنا من المدرسة، ليلى قالتلي وهي بتعيط ومتعصبة: أنا من بكرة مش هروح المدرسة غير وأنا عاملة شعري بروتين، صحابي بيتريقوا عليا.. وأنا زهقت من نفس التسريحة اللي مابتتغيرش، نفسي أعمل شعري تسريحات جديدة زيهم.. ماليش دعوة!”
اللي فوق دي جملة من جمل كتيرة، ممكن في يوم تلاقي بنتك راجعة من المدرسة حزينة، ومابتقولش غيرها، ورافضة تمامًا تخرج وتقابل المجتمع غير لما تعمل اللي هي عايزاه، وده معناه إنها بتعاني من اضطراب القلق الاجتماعي Social Anxiety Syndrome.
وهو حالة صحية عقلية مزمنة، بيسبب إن الطفل بيكون قلقان من التعامل مع غيره بسبب خوفه من حكمهم عليه، أو على شكله، وبالتالي محاولته لإرضائهم بأي طريقة هي محاولة لتجنبه النوع ده من القلق.
وفي دراسة قام بيها المعالج الأسري “ويسلي ستالر” بتقول: إن 1 من بين كل 8 أطفال بيعانوا من اضطراب القلق الاجتماعي، واللي من أعراضه: آلام المعدة، خوف من حكم الناس، قلة الثقة بالنفس، اللي بيتطور لعدم قدرتهم على مواجهة العالم بنفسهم واحتياجهم الدائم للأهل واللي بيسمى بـ اضطراب قلق الانفصال Separation Anxiety disorder.
وعدم علاج النوع ده من القلق، بيؤدي إلى الإصابة بـ اضطراب الهلع المزمن Panic Attacks اللي بيكون حالة بتلازم الشخص طول حياته ومالهوش علاج نهائي.
إزاي تتعاملي مع اضطراب القلق الاجتماعي عند طفلك؟
- ادعموه كأسرة، وده بإنكم تساعدوه يؤمن إنه مميز عن غيره، وإنكم متقبلينه وبتحبوه.
- دايما سمعوه عبارات إيجابية لإنه بيفضل فاكرها، وبتساعده يلاقي الاستقرار العاطفي اللي محتاجه.
- لو محاستوش إن في تحسن ملحوظ، تقدروا تلجأوا لمعالج نفسي، وهيساعده إنه يتغلب على قلقه وبالتالي مستقبله يكون مستقر من الناحية النفسية.
“جسمك ليه حدود”
“آدم رجع البيت وهو بيعيط ومرضاش يقول ماله.. ومع الوقت بدأ ينسحب وينعزل عننا وعن الناس.. بقيت أحس إنه خايف، وبيرفض يقعد مع أي حد لوحده.. ماكانش بيعرف ينام بالليل من الكوابيس.. مابقاش عايز يروح تمارينه.. مستواه الدراسي اتدهور.. بدأت ألاحظه بيتصرف معايا تصرفات جنسية مش مفهومة.. مابقاش نشيط زي الأول وبقى بيمشي وضهره محني”
“بعد ما فكرت في السلوكيات دي، وقريت على الإنترنت، قررت إني أتكلم معاه وأفهم، وبعد محاولات كتير اكتشفت إن آدم اتعرض للتحرش من عاملة في المدرسة!”
الاعتداء الجنسي Sexual abuse هو أي فعل يجبر الطفل على المشاركة في أنشطة جنسية، وبتكون من علامات تعرض طفلك للاعتداء الجنسي: الخوف والهروب، ظهور سلوكيات جديدة في شخصيته، رفضه الكامل إنه يروح مكان معين أو مع أشخاص معينة.
والدراسات وضحت إن واحد من بين كل 10 أطفال بيتعرض للاعتداء الجنسي قبل ما يتم 18 سنة، ومن بين الأشخاص اللي اتحرشوا بأطفال عمرهم أقل من 6 سنين، كان 50% منهم من أفراد العيلة، الطفل لو ماقدرش يتعالج ويتخطى التجربة دي، بيكون معرض إنه يختبر نفس الإساءة الجسدية في المستقبل، ومابيقدرش يكوِّن علاقات اجتماعية سوية، والأسوأ إنه بيكون عنده ميول انتحارية عالية.
إزاي تحمي طفلك من الاعتداء الجنسي؟
عشان تحمي طفلك من الإساءة دي وآثارها، مهم تركزي إنتي وأسرتك مع الطفل، وتعلموه شوية حاجات مهمة:
- مهم جدا كأب وأم تخلقوا أمان ومساحة كلام بينكم وبين الطفل، بحيث يكون عنده الشجاعة ويكون قادر يتكلم معاكم، ويحكي لكم كل حاجة بدون خوف من أي ردود فعل منكم بعد كلامه، لإن طريقة تعاملكم معاه في اللحظة دي، هتفرق معاه طول حياته.
- الجأوا لدكتور نفسي، لأن آثار الاعتداء الجنسي ممكن تستمر مدى حياته، ولكن مع حصوله على العلاج الصح، يقدر يتخطاها.
- علمي طفلك إن الجسم فيه مناطق اسمها “المناطق الخاصة”، وإنها خاصة لأنه مش مسموح لأي شخص إنه يلمسها ولا يشوفها.
- علميه إزاي وإمتى يقول “لا”، وإن طبيعي جدا يقول للناس اللي أكبر منه إنهم يبعدوا عنه، لو حس إنهم بيقربوا من جسمه بشكل غير طبيعي، علميه إنه يكون عنده مساحته الشخصية.
- ماتجبريهوش يسلم على حد غصب عنه، لو حسيتي منه إنه مش مرتاح.
- ماتهملوش رعاية وحماية طفلكم اللي بتبدأ من البيت.
“أنا في ضهرك”
“اتفاجئت بمدرسة مريم بتكلمني وكانت بتشتكي من إنها مابتشاركش في أي نشاطات دراسية في الفصل، حتى لو عارفة الإجابة، وإن كمان مستواها الدراسي قل، بعد ما قفلت معاها، فكرت ولقيت إن مش أول مرة تجيلي الشكوى دي من مريم، وأنا كمان بلاحظ عندها نفس الأعراض، وإنها مابتحبش تلعب ولا تشارك مع الأطفال زي باقي صحابها، ومش عارفة أعمل ايه”
لو لاحظتي إن طفلك بيعاني من نفس الأعراض دي، يبقى غالبًا بيعاني من اضطرابات القلق المزمن Anxiety Disorders، وهي من الاضطرابات اللي بتصيب الأطفال وأسبابها بتكون مختلفة، زي الاشتراك في المشادات الأسرية بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم قدرة الطفل على فهم العالم من حواليه وقلة تحكمه فيه، وده بيؤدي إلى القلق.
إزاي تتعاملي مع اضطرابات القلق عند طفلك؟
لازم تعرفي إزاي تفهمي قلق طفلك والعلاج المناسب ليه، وده لأن في تقارير كتير بتأكد إن 80% من الأطفال اللي بيعانوا من القلق، مابيحصلوش على المساعدة اللي محتاجينها، ومع الوقت وغياب العلاج، القلق بيزيد، وبيوصلهم لمرحلة مخيفة من الانعزال، وضعف الشخصية وسوء الحالة النفسية اللي بتخليهم ضعاف في مواجهة تحديات الحياة والمجتمع.
وعشان تنقذي طفلك من القلق المزمن هتحتاجي:
- تطلبي المساعدة من معالج نفسي، لإنه هيفرق معاه يحصل على العلاج الصح من الشخص المختص.
- تدوري على كتب وقصص مناسبة لعمره، تساعده إنه يفهم مشاعره واقرأيها معاه.
- تحافظي على روتين مريح لطفلك، لزيادة شعورة بالأمان والاطمئنان.
- تراقبي طفلك ولاحظي أصغر التفاصيل في تصرفاته بدون مبالغة، عشان تقدري تعالجي أي مشكلة في بدايتها.
“السعادة بتلف تلف وترجع لصاحبها”
“كنا قاعدين وسط صحابي وأولادهم، وكل الأطفال جايبين ألعابهم وبيلعبوا مع بعض، وفجأة لقيت إبني وبعلو صوته بيقول: مش عايز حد يلعب بلعبي، دي لعبي أنا لوحدي!”
اتحطيتي في الموقف ده قبل كده؟ حسيتي بإحراج من كل اللي حواليكي صح؟!
كلنا بنحب أطفالنا ويوم بعد يوم بتكبر رغبتنا في إننا نديهم العالم كله، بس أثناء تلبية الشعور ده، مبناخدش بالنا إننا بنخلق شعور من الأنانية وحب النفس الزائد جوه الطفل.
في دراسات أثبتت إن أطفالنا مابيكونوش أنانيين من وقت الولادة، بالعكس الأسرة هي اللي بأفعال معينة بتنمي الشعور ده جواه، وبيظهر السلوك ده في تصرفات مختلفة، زي غيرته الشديدة من الأطفال، وعدم رغبته في مشاركة ألعابه معاهم.
وإوعي تفكري إن الشعور ده هينتهي لما يكبر، بالعكس! عادةً السلوكيات اللي بيتعود عليها الطفل، بتكبر معاه، وبالتالي، هيكبر وهو مابيفكرش في أي شخص في الدنيا غير نفسه، وبخيل حتى في مشاعره، واللي بدوره هيأثر على كل جوانب حياته.
لازم تكون الأسرة مستوعبة الفرق بين الأنانية وحق الملكية، الأنانية صفة سيئة وليها عواقب كبيرة في مستقبل الطفل، إنما الملكية بتعلم الطفل حقوقه، والمحافظة على أشيائه ومعرفة قيمتها.
كمان لو طفلك سنه من 2 لـ 7 سنين، فهو مابيشاركش غيره ألعابه بسبب إنه أناني، هو غير مدرك أصلًا لمعنى المشاركة ومحتاجك تعلميه بدون تكرار كلمة “إنت أناني” ليه، أما لو طفلك أكبر من 7 سنين وبيتصرف بأنانية، إزاي تعالجي سلوك الأنانية ده عنده؟
إزاي تعالجي سلوك طفلك الأناني؟
لازم تتأكدي إنه على دراية كاملة بمشاعر واحتياجات الآخرين، وإلغاء فكرة إن العالم بيدور حواليه بس، وتقدري تعالجي السلوك ده، بتشجيعه على مساعدة غيره، مثلًا: جربي وإنتي ماشية مع إبنك في الشارع، أول ما تشوفي طفل صغير، اشتري لعبة من أي مكان جنبك واطلبي من ابنك يدي اللعبة للطفل بنفسه. واشرحيله فائدة الفعل ده، وإن سعادته في أوقات كتير هتكون نابعة من سعادة اللي حواليه.
أطفالنا زي الورود الصغيرة، اللي مهم نحافظ على رعايتها وتغذيتها بأفضل الطرق الممكنة.