مع دخول شهر رمضان الكريم لا بد أننا جميعاً قد سمعنا الكثير من الكلام حول مدى روعة الصيام والأجواء الروحانية الجميلة خلال شهر رمضان وتأثيرها الإيجابي على الصحة النفسية في شهر رمضان ، حسناً لحظة واحدة، أنا أقول أننا سمعنا عن هذا فقط ؟ معذرة، لكن أغلبنا لم يسمع فقط، بل عايش هذه الأجواء الجميلة في الشهر الكريم عام وراء عام.
لكن ما هو السر وراء هذه الفرحة والطمأنينة التي تغمرنا خلال الشهر الكريم؟ هذا هو ما سنحاول كشفه من خلال الدراسات العلمية في مقالنا هذا حول تأثير الصيام على الصحة النفسية.
تأثير الصوم على الصحة النفسية في شهر رمضان
آثار الصيام والتوازنات الهرمونية المصاحبة له تختلف وفق أيام الصيام؛ حيث إن التغيرات التي تحدث في الأيام الأولى تختلف عن التغيرات التي تحدث في الأيام التالية لها على سبيل المثال.
ربما لاحظنا جميعنا هذا النوع من التغيرات النفسية واختبرناه في رمضان، والآن سوف نقوم بتوضيح الجوانب العلمية وراء هذا التغير في ضوء الدراسات التي أجريت في هذا الصدد.
ما هو فضل الصوم على الصحة النفسية في شهر رمضان ؟
هناك عدة آثار وجدت مصاحبة للصيام واتفقت عليها أغلب الدراسات، وأهمها :
- يساعد الصوم على تحسين الحالة المزاجية وقدرة الإنسان على التعامل مع الضغوط.
- الآثار الايجابية للصيام على الحالة النفسية غالبًا ما تعتمد على خوض الإنسان للصيام كتجربة روحانية كاملة وليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب.
وتختلف الدراسات المؤيدة لهذه الفكرة
كيف يؤثر الصوم على جسمك ؟
تأثير الصوم على الصحة النفسية في شهر رمضان يعتمد من الناحية العضوية على عدة محاور:
تغيرات الهرمونات خلال الصيام
- زيادة هرمون التي يفرزها الجسم عند تعرضه لضغط، ويتمثل الضغط في هذه الحالة في عدم الحصول على طعام لعدة ساعات، وتشمل هذه الهرمونات الأدرينالين والكورتيزون والدوبامين.
- انخفاض نسب هرمون الغدة الدرقية.
- زيادة إفراز الأندورفينات، وهي بمثابة مورفين طبيعي يفرزه الجسم.
طول مدة الصيام
- تبدأ زيادة إفراز الأندورفينات بعد الصيام مدة في حدود 5 أيام .
- تبدأ علامات التحسن المزاجي في الظهور بعد حوالي 8 أيام من الصيام.
انخفاض الجلوكوز على المخ
وجدت بعض الدراسات أن انخفاض نسبة الجلوكوز الذي يصل للمخ خلال فترات الصيام يرتبط بآليات عصبية لتعويض ذلك النقص؛ حيث يقوم خلالها الجهاز العصبي بزيادة فاعليته الوظيفية.
تغير نمط النوم
هناك نمط طبيعي من النوم لدى كل إنسان، و هذا النمط يرتبط بتنظيم الجسم لدرجة حرارته؛ بمعنى أن حرارة الجسم المرتفعة يصاحبها شعور باليقظة، بينما حرارة الجسم المنخفضة يصاحبها شعور بالرغبة في النوم.
في رمضان لوحظ أن هناك تغيرات في هذا النمط:
- حيث يؤدي الصيام في النهار إلى انخفاض معدلات الطاقة وبالتالي انخفاض درجة حرارة الجسم مما يزيد الشعور بالنعاس نسبيًا.
- بينما يؤدي الإفطار والتغذية المتكررة في المساء إلى زيادة معدلات الطاقة وبالتالي ارتفاع حرارة الجسم؛ مما يزيد الشعور باليقظة في المساء ويجعل النوم أصعب.
هذه التغيرات ترتبط بانعكاسات سلبية في صباح اليوم التالي تتناسب طرديًا مع النقص في ساعات النوم الليلية، وتشمل هذه الانعكاسات السلبية:
- انخفاض القدرة على التركيز .
- بطء التفكير و الفهم .
- العصبية الزائدة .
كيف يؤثر الصوم على حالتك النفسية ؟
دور الصيام كنشاط روحاني
جزء كبير من تحليل الآثار الإيجابية للصيام على الصحة النفسية يرجع إلى تخطي الصائم لمرحلة الامتناع المجرد عن الطعام والشراب، إلى مرحلة الارتقاء الروحاني في الصيام كنشاط ديني، وأهم جوانب الارتقاء الروحاني في الصيام التي لها دور في أثره الإيجابي على الحالة النفسية تشمل:
- زيادة الترابط و التواصل الاجتماعي في رمضان.
- القدرة على ضبط النفس وعدم الاستسلام لاندفاع الغضب.
- السعي للالتزام بالنصائح الأخلاقية للدين للحصول على أكبر ثواب من الصيام.
الحالة الصحية العامة للشخص
- من ضمن العوامل ذات التأثير المحوري على الحالة النفسية في رمضان هو الحالة الصحية العامة للشخص.
- وجود عادات صحية سلبية مثل التدخين يفاقم من التوتر والعصبية خلال فترة الصيام.
- وجود مشكلات صحية مثل الأمراض المزمنة مع عدم الانتظام على الدواء قد يؤدي إلى زيادة شعور المريض بالتوتر.
- على العكس، فإن أصحاب الأمراض المزمنة المنتظمين على الخطة العلاجية في رمضان لا يعانون من آثار عكسية خطرة.
المريض النفسي والصيام في رمضان
تشير بعض الدراسات التي أجريت على مرضى نفسيين مصابين باضطرابات مزاجية ومنتظمين على دواء ليثيوم، أن رمضان يصاحبه تحسن إيجابي في الحالة العامة للمريض مع ثبات نسب الدواء في الدم.
ومن الأمور المدهشة أن بعض الدراسات الأخرى التي أجريت على مرضى نفسيين آخرين بنمط غذائي مقيد لبضعة أشهر ولكن دون التزام بنمط الصيام الرمضاني لم تظهر نفس النتائج الإيجابية.
أسباب تحسن الصحة النفسية في شهر رمضان
وبشكل عام يرتبط تحسن حالة المريض النفسي في رمضان بالعوامل التالية :
- استقرار الحالة النفسية للمريض؛ حيث إن المرضى في المراحل المتقدمة من المرض النفسي قبل الحصول على علاج لا يناسبهم الصيام.
- الحصول على إذن الطبيب المعالج بالصيام؛ حيث أن إطلاع الطبيب النفسي المتابع للحالة الفردية يمكنه من توجيه المريض لما إذا كانت حالته تسمح بالصيام وتستفيد منه بالفعل أم لا.
- استغلال الأجواء الرمضانية الاجتماعية لتعزيز الدعم العائلي للمريض.
- الانتظام على الخطة العلاجية خلال رمضان، وضبط مواعيد الجرعات الدوائية مع الطبيب وفقاً لمواعيد الصيام إذا أمكن.
- عدم اقتصار المريض النفسي على صيام رمضان كمجرد امتناع عن الطعام والشراب، ولكن الاندماج في التجربة الروحانية بكاملها.
- الصيام في رمضان يساعد على تحسين ثقة المريض في نفسه و ممارسته لعمل يقربه من الله يساعده على تقدير الذات بشكل أكبر.
هل الصيام علاج للأمراض النفسية ؟
الإجابة على هذا السؤال تتوقف على المقصود فعلا من كلمة الأمراض النفسية.
الضغوط النفسية
نمر جميعًا بالضغوط النفسية خلال حياتنا، ويصاحبها شعور بالقلق والتوتر، هذه الضغوط لا تعد مرضًا نفسيًا بالمعنى العلمي ما دامت لا تؤثر على قدرة الإنسان الوظيفية والاجتماعية.
هذه الضغوط النفسية تكون قابلة للتحسن بشكل كبير في رمضان بناء على العوامل السابق ذكرها.
الأمراض النفسية
الأمراض النفسية هي مشكلات صحية جادة يتم تشخيصها من قبل طبيب نفسي متخصص وتشمل نطاقاً واسعاً من الأمراض مثل الاكتئاب واضطرابات المزاج والوساوس واضطرابات التوتر وغيرها.
هذه الأمراض النفسية لا يكون الصيام وحده كافياً لعلاجها؛ حيث إنها غالباً ما تتطلب التالي:
- تقييماً نفسياً متخصصاً لتأكيد التشخيص.
- جلسات علاج نفسي وسلوكي.
- علاجات دوائية مثل مضادات الاكتئاب على سبيل المثال .
هل صيام رمضان يعالج الاكتئاب ؟
بما أن الاكتئاب يعتبر أحد الأمراض النفسية، فإن الإجابة على هذا السؤال ببساطة هي نفس السطور الواردة في الفقرة السابقة.
مع التأكيد على التفريق بين الاكتئاب كمرض نفسي، وبين الاكتئاب كشعور عام وعابر يحدث لنا في أوقات الضغوط النفسية أو الاحباطات.
كيف تعد طفلك لصيام رمضان ؟
الأطفال هم المستقبل لأمتنا؛ لذا ينبغي أن يكون تهيئة الطفل نفسياً لقدوم رمضان ولفكرة الصيام مبنية على أساس منطقي راسخ يساعد الطفل على إدراك القيمة الدينية والمعنوية للصيام، وقد تحدثنا في مقال آخر عن كل ما يتعلق بصيام الأطفال وتشجيعهم عليه
لهذه الأسباب يعتر الصوم هو علاج الصحة النفسية في شهر رمضان ، وأخبرنا عبر التعليقات ما الصفة التي تشعر أنها تغيرات بعد رمضان؟، واستشر أحد أطبائنا من هنا
اقرأ أيضاً
- ريجيم الصيام وفوائده وأضراره ونصائح عامة
- الرياضة في رمضان ومتى يجب ممارستها؟
- أهم التساؤلات عن الصحة في رمضان..سؤال وجواب