” وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ” صدق الله العظيم حين أوصانا بعدم الإسراف؛ حيث أن هذه العادة الذميمة دائماً ما تكون مرتبطة بتوابع غير مرغوب فيها، ومن الجدير بنا، ونحن بصدد شهر القرآن أن نعيد النظر لتلك النصيحة القرآنية فى حياتنا بشكل عام، فى هذه المقالة سنتحدث عن أحد مظاهر الإسراف ألا و هو تناول سحور رمضان الدسم والثقيل .
فى البداية علينا أن نقر أن الكثير ممن اعتادوا على تناول كميات كبيرة من الطعام في سحور رمضان، ربما لا يفعلوا ذلك بدافع الإسراف فى المقام الأول، بل فى كثير من الأحيان يكون ذلك السلوك مدفوعاً برغبة فى تجنب الجوع خلال صيام اليوم التالي، وإمداد الجسم بكميات كبيرة من الطاقة تساعده على تأدية واجباته.
والحقيقة أن وجبة ثقيلة خلال سحور رمضان لن تساعد خلال صيام اليوم التالي كما يتصور البعض، بل على العكس، قد تتسبب فى مضاعفات، ومشاكل تزعج الصائم طوال فترة النهار.
والآن سننطلق فى جولة حول الآثار السيئة لوجبة السحور الثقيلة على الجسم، والبدائل الصحية التي نستطيع تناولها على السحور بإطمئنان.
أضرار سحور رمضان الثقيل قبل النوم
الحموضة
تناول كميات كبيرة من الطعام قبل النوم يسبب زيادة إفراز الأحماض الهاضمة فى المعدة، ومع النوم مباشرة بعد الأكل والاستلقاء على الظهر، تزداد نسبة حدوث الارتجاع الحمضي للمرئ، مما قد يسبب إحساس مزعج بالحرقة أثناء النوم، وخلال فترة طويلة من النهار بعد الاستيقاظ .
مشاكل النوم
تناول كمية كبيرة من الطعام قبل النوم يسبب ارتفاع معدلات حرق الغذاء فى الجسم وإنتاج الطاقة، مما يزيد حالة الصحو بدرجة من الدرجات. بجانب أن الاستلقاء على السرير للنوم مع معدة ممتلئة بالطعام، قد لا يكون وضع مريح ومناسب للنوم على أي حال، ويترتب على هذه المشاكل عجز الإنسان عن النوم المريح والهادئ لفترة كافية؛ مما يجعل الصباح التالي صباح مزعج مليء بالكسل والتوتر.
عدم القدرة على الاسترخاء
تناول كميات كبيرة من السكريات على السحور، يسبب ارتفاع معدلات السكر فى الدم بشكل سريع؛ و يترتب على ذلك زيادة معدلات الطاقة فى الجسم، و هذا يتعارض مع ما يحتاجه الجسم من الشعور بالاسترخاء قبل النوم.
الشعور بالعطش الشديد بعد الأكل
تناول كميات كبيرة من الأطعمة ذات محتوى من الأملاح العالية، تسبب سحب المياه من الخلايا، تاركة ورائها شعور قوي بالعطش قد يمتد طوال فترة الصيام في اليوم التالي.
الشعور بالانتفاخ
قد يتسبب سحور رمضات الثقيل في الشعور بالإنتفاخ وعسر الهضم نتيجة تناول الأطعمة المحمرة فى السحور، وقد يسبب بطء عملية الهضم؛ مما يؤدي لشعور مزعج بالانتفاخ لفترة طويلة خلال صيام اليوم التالي.
أطعمة يجب تجنبها في سحور رمضان
والآن وبعد أن تعرفت على أضرار سحور رمضان الثقيل، لابد أن نقوم بذكر الأطعمة التي يجب تجنبها من اجل الحصول على صيام صحي:
- الأطعمة المصنعة.
- الخبز الأبيض.
- الوافل.
- المعجنات والحلويات.
- المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
- الأطعمة المقلية.
- الأطعمة المالحة.
ويجب عليك أن تعلم عزيزي القاريء أنك ستكون بحاجة لتجربة عدد من البدائل الصحية، حتى تتعرف على الأطعمة المناسبة لك، والتي قد تساعدك في الحصول على صيام صحي ومريح.
ما البدائل الصحية لوجبات سحور رمضان الثقيلة؟
عندما نفكر فى بدائل صحية لوجبة سحور رمضان، فإننا نستهدف بشكل أساسي مشكلتين يقابلهما الصائم خلال نهار رمضان؛ أولهما مشكلة الحصول على طاقة تساعد الجسم على العمل خلال الصيام، و ثانيهما مشكلة الحفاظ على قدر كافِ من السوائل فى الجسم.
الطاقة
هناك العديد من الأطعمة الصحية التي يمكن تناولها على السحور، وتعطي الإنسان قدر مناسب من الطاقة خلال فترة الصيام، وهذه البدائل لا تعتمد على الكم الكبير لإمداد الجسم بالطاقة.
الفكرة وراء إمداد هذه البدائل للجسم بالطاقة طوال فترة الصيام، هو احتوائها على ألياف، وكربوهيدرات من النوع المركب بطئ الامتصاص؛ مما يجعل تفككها، وخروج الطاقة منها يحدث بمعدل بطئ طوال ساعات الصيام، هذه البدائل تشمل:
- الشوفان.
- القمح.
- العدس.
- الشعير.
- البطاطس.
- الخضروات.
- أغلب أنواع الفاكهة.
وكذلك يجب الحصول على كميات معتدلة من اللحوم البيضاء منخفضة الدهون، لإمداد الجسم بقدر كافي من البروتين .
السوائل
الحديث عن طرق الحفاظ على السوائل فى الجسم خلال فترة الصيام، ومقاومة العطش، والجفاف تحتاج لحديث مستقل ومستفيض فى مقالات أخرى منفردة، لكننا هنا سنؤكد على أهم نصائح السحور التي تساعدك على دعم الجسم بالسوائل :
- تجنب الأطعمة المملحة والأطعمة عالية السكريات على السحور، لا سيما الكميات الضخمة من كليهما .
- تناول كميات كافية من الماء قبل بدء الصيام على مدار ساعات الإفطار وصولاً للسحور.
- أضف لوجبة السحور بعد الخضروات التي تدعم الجسم بالسوائل، مثل الخيار، والخس، والطماطم.
سحور رمضان للأطفال
بالنسبة للأطفال الذين سيقومون بالصيام، فبإمكنهم تناول البيض، أو الخبز، أو البلح، أو ملعقة من العسل مع كوب من الحليب، حيث تحتوي هذه الأطعمة على فيتامين ب، والكالسيوم والكالسيوم، والبروتين، والكربوهيدرات، حيث أنها تساعد في تنشيط الهضم وتزود الطفل بالطاقة.
وبهذا تنتهي جولتنا السريعة فى مخاطر وجبات سحور رمضان الثقيلة، و كيف أنها تؤذي أكثر مما تساعد، وكيف أن هناك بدائل أكثر فاعلية فى إمداد الجسم بالطاقة والسوائل، وفى نفس الوقت لا تسبب الآثار الجانبية المزعجة للسحور الثقيل.
وهكذا تتضح عظمة النصيحة الألهية (لا تسرفوا) ، وندعو الله أن يحمينا من الإسراف، وأن يرزقنا بنعمة الصحة والعقل، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال فى شهر رمضان الكريم.
و فى النهاية يبقى السؤال . . . هل اقتنعت قارئنا العزيز أن سحور رمضان يكون بالكيف و النوعية؟ أم مازلت تصدق أنه بالكمية؟ ولو عانيت من أي مشاكل صحية، يمكنك استشارة أحد أطبائنا من هنا.