جميعنا نمر بصدمات خلال مسيرة حياتنا ، وليست الصدمات جسدية فقط , بل إن كل ما يضعك تحت ضغط و يؤرقك حياتك سواءً كان مرض , حادث أو اعتداء من أى نوع يمكن أن نسميه صدمه. أغلب هذه الحالات قد يستطيع الإنسان التعامل معها بسهولة والتغلب عليها دون مساعدة من متخصصين و لكن المقال القادم موجه إليك إذا كنت :
1- تعرضت لصدمة شديدة من أى نوع وتريد التعرف أكثر عن أسباب هذه المشاعر التى تؤرقك وكيفية التعامل معها .
2- تعرف شخص ما قد تعرض لحادث مؤثر من أى نوع وتبحث عن مصدر معلومات يساعدك على فهم حالته ومشاعره .
من خلال هذه المقالة سنتعرض لشرح أسباب الأحاسيس المختلفة التى تواجه الشخص الذى تعرض لصدمة , ماهى مراحل تطور حالته بمرور الوقت , وكيفية التعامل مع ذلك.
ماذا يحدث مباشرة بعد التعرض لـ الصدمه أو لحادثة شديدة من أي نوع ؟
- الصدمه : يشعر الإنسان بنوع من الذهول أو أنه مصعوق أو فاقد القدرة على الإستيعاب و لا يشعر بما يجري من حوله و غير قادر على تحديد مشاعره في هذه اللحظات .
- الإنكار : لا يستطيع تقبل ما حدث بالتالي فإنه يتصرف كما لو كان لم يحدث شيء على الإطلاق و قد يعتقد الناس من حوله أنه قوي الاحتمال أو حتى لا يهتم بما حدث إطلاقاً، و بعد مرور عدة ساعات أو أيام تختفي أحاسيس الصدمه و الذهول تدريجياً و تحل محلها أحاسيس أخرى .
ماذا بعد ذلك ؟
يختلف الأشخاص بعضهم عن بعض في استقبالهم للحدث و تنقلهم بين مراحل التعامل مع الصدمه و ما قد تستغرقه كل مرحلة منهم من وقت و لكن الجميع يمر بمراحل ثابتة كالتالي :
- الخوف : الخوف من أن يحدث شيء آخر مماثل أو مِن أن تفقد السيطرة على نفسك و حياتك .
- العجز : الإحساس بأن الشخص مغلوب على أمره تجاه ما حدث و أنه لم يستطع أن يفعل شيئاً ليمنع ماحدث من الوقوع ، يشعر بأنه عاجز ، ضعيف و في خطر .
- الغضب : تجاه ما حدث و المسؤول عنه أياً كان .
- الذنب : قد يشعر الشخص أنه مسؤول بشكل ما عما حدث كما في حالة أنه نجا من حادث بينما مات الآخرون أو أنه كان بإمكانه فعل شيء ما و لم يفعله .
- الحزن : حزن عميق إذا كان هناك شخص هام لديه قد تعرض للإصابة أو الموت .
- الخجل : من وجود هذه الأحاسيس الغير مفهومة و التي قد لا يمكنه السيطرة عليها و في نفس الوقت مازال يحتاج المساعدة من الآخرين .
- الانفراج : بانتهاء مرحلة الخطر أخيراً .
- الأمل : أخيراً يشعر بأنه مازال هناك أمل بأن تعود حياته إلى سابقها و أن تتحسن الأمور.
ماذا يظهر على الشخص الذي تعرض لـ الصدمه ارتباطاً بهذه المراحل ؟
هذه المشاعر القوية و التغيرات النفسية الشديدة بالطبع سوف تؤثر على صحة الشخص و مظهره لمدة أسابيع بعد حدوث الأزمة و يُمكنك أن تلاحظ الآتي : أرق ، إرهاق ، كوابيس مزعجة ، فقدان للتركيز ، ضعف في الذاكرة و تشتت ذهني و عدم القدرة على التفكير بوضوح، تغيرات في الشهية بالزيادة أو النقص و تغيرات في الرغبة الجنسية بالزيادة أو النقص ، آلام عامة و نبضات قلب سريعة .
كيف أتعامل مع هذه المشاعر ؟
- اعط لنفسك فرصة : التعامل مع الأزمة و فهم هذه الأحاسيس يحتاج لفترة قد تكون أسابيع أو شهور ، خذ فرصتك في الحزن على ما أو من فقدت ولا تتعجل.
- تفهم ماقد حدث : من الأفضل أن تعرف تماماً ما حدث بالتفصيل عن أن تترك المجال الواسع لخيالك في التفكير فيما قد يكون حدث خلال هذه الأزمة .
- تشارك مع من مروا بحالات مشابهة : إذا وجدت الفرصة للذهاب لحفلات تأبين أو جنازات فقد يُساعدك ذلك في استيعاب التغيير و قضاء وقت أكبر مع من مروا بظروف مشابهة .
- اطلب المساعدة : لا تخجل في طلب المساعدة من أصدقاءك أو عائلتك ، اطلب قضاء وقت معهم و تحدث عما يؤرقك ، قد لا يُحسن الجميع التعامل مع مشكلتك في البداية و لكن سيتغير ذلك بمرور الوقت .
- اقض بعض الوقت مع نفسك : قد يُساعدك الابتعاد و قضاء وقت خاص للتفكير أو مع المقربين لك .
- تحدث عن أزمتك : خطوة بخطوة حاول التحدث عما حدث و عما تشعر به مع المقربين لك ، لا تخجل من البكاء ، فالبكاء قد يساعدك في أغلب الحالات ، افعل ذلك تدريجياً كما يناسبك .
- اشغل نفسك بشيء منتظم : حتى و إن كنت لا تشعر بالرغبة في الأكل اجعل وجباتك في أوقات ثابتة ، حاول أن تمارس الرياضة أو أي نشاط آخر مُحبب لك بشكل منتظم .
- اندمج مع الآخرين : اقض بعض الوقت مع المقربين لك و قم ببعض الأنشطة الممتعة معهم و لا يجب أن تتحدث عن أزمتك في تلك الفترةن فقط اندمج معهم لبعض الوقت .
- كن حذراً : من المعتاد أن يواجه الأشخاص الذين خرجوا حديثاً من أزمات بعض الحوادث فكن حذراً في منزلك أو حين تقود السيارة .
هل هناك ما يجب أن أبتعد عنه ؟
- لا تتجاهل مشاعرك و تكبتها : مشاعرك شيء طبيعي لا تخجل منها و لا تحبسها ، فقد يؤثر ذلك بشكل سيء على صحتك ، و تحدث عن أزمتك و ماتشعر به و لا تخجل من البكاء .
- لا تتجاهل أزمتك نهائياً : قد يظن البعض أن تجاهل ما حدث و الانشغال في أنشطة لمدة طويلة هو شيء مفيد و لكن يجب عليك أيضاً التفكير في الأزمة بشكل فعّال و خد وقتك للعودة لحياتك الطبيعية .
- ابتعد عن المخدرات و الكحوليات : قد تجعلك تنسى أزمتك بشكل مؤقت عند تناول هذه المواد و لكن هذا لن يجعلك تشعر بحال أفضل و لن يمحو الأزمة على العكس فقد يتسبب في اكتئاب حاد أو مشاكل صحية .
- ابتعد عن اتخاذ قرارات محورية في حياتك : أجّل قراراتك الهامة لوقت آخر فقد يتأثر حكمك على الأشياء بعد الصدمة و حاول استشارة من تثق بهم.
متى أحتاج لمساعدة من متخصص ؟
عادةً ما يستطيع الأهل و الأصدقاء مساعدتك خلال هذه الأوقات الصعبة و لكن إذا شعرت أن هذه التغيرات و الأحاسيس أكبر من أن تستطيع التعامل معها أو إذا استمرت هذه المشاعر لمدة طويلة فيمكنك طلب المساعدة من متخصص ، استشر طبيبك إذا كنت في حالة من الأحوال التالية :
- لا يوجد لديك من يستطيع مساعدتك في تخطي أزمتك .
- لا يمكنك أن تتعامل مع مشاعرك من حزن و غضب أو عصبية أو تشعر بأنها أكبر من احتمالك .
- إذا مرت أكثر من 6 أسابيع و لا يمكنك حتى الآن أخذ خطوات واضحة في العودة لحياتك الطبيعية .
- تواجهك كوابيس تمنعك من النوم بشكل طبيعي أو تغيرت معاملتك للأسوأ مع المقربين لك .
- تبتعد أكثر و أكثر عن المحيطين بك و تنعزل لفترة طويلة أو تأثرت قدرتك على العمل بشكل كبير .
- إذا اقترح من حولك فكرة استشارة متخصص .
- إذا بدأت في التدخين أو شرب الكحوليات أو المخدرات بشراهة كطريقة لنسيان أزمتك .
مانوع المساعدة التي ممكن أن أحصل عليها ؟
قد يقترح طبيبك أن تتحدث مع أحد المتخصصين في التعامل مع الأزمات ، باستخدام جلسات العلاج النفسي أو المشورة حيث يتعرف المتخصص على مشكلتك و يتفهمها عن طريق المحادثة الشخصية بينكما ، أيضاً في حالة وجود مجموعات الدعم التي يجتمع فيها أشخاص مرواً بنفس التجارب فمن المفيد أن تنضم لإحداها لمشاركة مشاعرك و خبراتك .
هل هناك أدوية يمكنها أن تساعدني على التحسن ؟
الأدوية ممكن أن تكون إحدى وسائل المساعدة على تخطي مرحلة مابعد الصدمة و لكن لابد من المتابعة مع طبيبك أو متخصص العلاج النفسي لتحديد مدى استجابتك و الخطوات المستقبلية التي تحتاجها ، و أهم الأدوية في هذا المجال :
- المهدئات : تُستخدم للتقليل من شدة العصبية و التوتر بعد الأزمة و تُساعدك أيضاً على أن تحظى بنوم أفضل و لكن لا يجب أن تستخدم أكثر من أسبوعين مثلاً لأنها قد تُسبب اعتماد الجسم عليها و إدمانها .
- مضادات الاكتئاب : البعض يُصاب بنوبات من الاكتئاب بعد التعرض لصدمة ،فالاكتئاب هو نوع سيء من أنواع الحزن و يؤثر على صحتك بشكل كبير إذا استمر لفترة طويلة و يُمكن التغلب عليه بمزيج من الأدوية المضادة للاكتئاب و العلاج النفسي .
و تذكر ، لا تستسلم للحزن ، تعامل مع أزمتك بخطوات واضحة ، خذ وقتك ، تحدث و مارس حياتك تدريجياً و اطلب المساعدة من الآخرين إذا احتجتها و لا تنجرف في طريق المخدرات و الكحوليات، و أخيراً اكتب لنا إن كنت أنت أو أحد أصدقائك مررت بموقف معين كان مؤلماً كيف تصرفت و كيف أثر ذلك عليك الآن ؟.