لم يعد من الصعب ملاحظة انتشار أجهزة الوسائط المتعددة و تشغيل الموسيقى في أيادي الشباب و الكبار، خاصة بعد التطورات التكنولوجية المتزايدة التي جعلت أسعارها في متناول الكثير، لكن المؤسف في الأمر أنه مع كل جهاز يزيد تزداد أمكانية إصابة أحد الأفراد بمشاكل دائمة في السمع نتيجة الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس و وضعها في مستويات الصوت العالي.
تقول منظمة الصحة أن الاستماع لأصوات تزيد على 85 ديسيبل (وحدة قياس شدة الصوت ) لمدة ساعة عن طريق سماعات الأذن قادر على أحداث ضرر غير قابل للرجوع في السمع، و تكمن المشكلة هنا أن الأصوات التي تصدرها السماعات في المستويات العليا قادرة على أن تتجاوز حتى حدود الـ 85 ديسيبل وصولا إلى 104 ديسيبل تصب مباشرة في الأذن لتحدث أضرار “مدوية”.
و قد وجدت الدراسات أن أكثر من ثلثي الأشخاص من عمر 18 إلى 30 سنة يضعون السماعات في مستويات صوت مرتفعة لدرجة خطرة، و هم لا يدركون كم المخاطر التي يعرضون أنفسهم لها، مما دفع بعض المنظمات لأصدار نداءات للشركات المصنعة للسماعات بوضع تحذيرات بخطورة الاستخدام الخاطئ و الصوت العالي المبالغ فيه.
أضرار الصوت العالي
- من البداية يدخل الصوت من الأذن الخارجية التي تستقبله و توصله إلى طبلة الأذن حيث تحوله إلى إهتزازات تنتقل عبر عظيمات (تصغير عظمة) ثلاثة في الأذن الوسطى حتى تصل الإهتزازات إلى الوسط السائل في الأذن الداخلية.
- و داخل الأذن الداخلية تبدأ رحلة استقبال إهتزازات الوسط السائل عن طريق خلايا شعيرية مبطنة للأذن الداخلية، حيث أن الموجات الإهتزازية تقوم بتحريك الخلايا الشعيرية ( على شكل شعيرات دقيقة )، و هذه الحركة للشعيرات المتصلة بأعصاب مخية يتم نقلها عن طريق هذه الأعصاب إلى المخ في صورة إشارات كهربية يترجمها المخ إلى أصوات.
- و هنا تظهر أهمية الشعيرات الدقيقة المبطنة للأذن الداخلية، و التي تتأثر بفعل الموجات الإهتزازية القوية المنقولة إليها في حالة الأصوات العالية بدرجة مبالغ فيها، حيث تقوم هذه الموجات العنيفة بتحويل الشعيرات إلى الوضع المائل بدلا من الوضع المنتصب القادر على استقبال الموجات و ترجمتها.
- و رغم أن الشعيرات تستعيد وضعها الطبيعي لكن مع تكرار تعرضها لهذه الموجات العنيفة يحدث ضرر دائم في الشعيرات المستقبلة للموجات الإهتزازية الصوتية، حيث يحدث فيها ما يشبه الكسر الذي لا يمكن إصلاحه لأن هذه الخلايا الشعيرية من النوع الغير قابل للتجديد، و من هنا يحدث الفقدان الدائم لجزء من القدرة السمعية تدريجيا وصولا إلى الفقدان الكامل للسمع.
علامات الإنذار
عندما تكون معرض لمستويات مرتفعة من الأصوات لابد أنك لاحظت حدوث فقدان جزئي و مؤقت لقدرتك على السمع، و ربما لاحظت أيضا صوت الصفير الذي يرن في أذنك لفترة بعدها كلما جلست في مكان هادئ، هذه الأعراض تدل على أن جهازك السمعي قد تعرض لهجوم شرس من الأصوات العالية و لكنه يحاول علاج نفسه و تحاول الشعيرات في الأذن الداخلية استعادة وضعها الطبيعي.
لكن ينبغى عليك الحذر لأن إصرارك على تعريض أذنك لهذه المستويات المرتفعة من الأصوات يرشحك بشدة لأن تفقد سمعك بشكل دائم تدريجياً.
هناك دائما حلول
رغم كل ما سبق و رغم أن أغلبنا سوف يتعرض لقلق مما جاء في الجزء السابق من المقال، لكن لابد أن يلوح أمل و يقدم العلم بعض الحلول لهذه المشكلة تعتمد بشكل أساسي على الوقاية.
القاعدة الأولى:
عندما يستطيع الجالس بقربك سماع الموسيقى التي تضعها في سماعة أذنك، هذا يعني أن الصوت العالي مرتفع، أكثر مما يفترض بأذنك تحمله.
القاعدة الثانية:
أعطي نفسك فاصل، تحتاج على الأقل لخمسة دقائق فاصل و راحة لأذنيك بعد كل ساعة من وضع السماعات، لتسمح لجهازك السمعي بأستعادة توازنه.
القاعدة الثالثة:
نوع السماعة يصنع فرق، حيث تقوم بعض أنواع السماعات بمنع وصول الضوضاء الخارجية للأذن أثناء وضعها، مما يساعد على الاستماع إلى الصوت في أقل مستوى ممكن دون أن تعوقه الضوضاء المحيطة.
القاعدة الرابعة:
لا تزيد عن 4.5 ساعات في أطول الحالات، حيث وضع الباحثون في جامعة كولورادو حدود الاستماع الآمن لجهاز الآى بود بـ 4.6 ساعة بمستوى صوت لا يتعدى 70% في وجود السماعات القياسية المتوافرة مع الجهاز.
الحلول التكنولوجية
سعياً من الشركات المتخصصة في مجال الصوتيات لإيجاد حلول لحماية المستخدمين، لتأكدها أن مجتمع من الطرشان لن يشتري منتجاتها لأنه ببساطة لن يسمعها، قامت بعض الشركات المنتجة لأجهزة الـ mp3 بتطوير أمكانية الحد من الضوضاء عن طريق برنامج يلفت إنتباه المستخدم عندما يتجاوز الحدود الأمنة في ارتفاع مستوى الصوت أو طول الفترة الزمنية.
و قد قامت شركة أبل بتطوير هذه التقنية بزرع جهاز صغير داخل أجهزة الآى بود قادر على قياس مستوى الضوضاء و تعديل مستوى الصوت لتجنب الضرر السمعي قدر الأمكان.
في النهاية، تذكر أن التكنولوجيا صنعت لرفاهيتنا و جعل حياتنا أفضل، لذا لا داعي لأفساد هذا بالإفراط في الاستماع إلى مستويات صوت مرتفعة أو قضاء وقت طويل معها.
ببساطة، اخفض مستوى الصوت العالي إلى مستويات هادئة و خذ فواصل، و استمتع بنعمة السمع السليم.
اقرأ أيضا: