أعلن العلماء هذا الأسبوع عن شفاء أول امرأة من فيروس نقص المناعة البشرية بشكل نهائي، وذلك باستخدام طريقة زرع جديدة تتضمن زرع دم الحبل السري (Umbilical Cord Blood) مما يساعد في فتح أفاق جديدة للعلاج عن السابق.
ويُعد فيروس نقص المناعة البشري HIV (الإيدز) حالة مزمنة، وفي الأغلب يحدث بسبب تلف في الجهاز المناعي، وبالتالي يتدخل الفيروس في قدرة الجسم على محاربة الكائنات الحية التي تُسبب المرض.
ووصلت أعداد الإصابات بالفيروس لحوالي 79.3 مليون شخصًا على مستوى العالم، وتعد النساء الشابات والتي يتراوح أعمارهن بين 15 إلى 24 عامًا أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بمقدار الضعف مقارنة بالرجال، بمعدل يصل إلى إصابة حوالي 5000 شابة بين 15 و 24 عامًا بالفيروس.
وبالرغم من مساعدة الأدوية القوية المضادة للفيروسات القهقرية (Antiretroviral drugs) في السيطرة على فيروس نقص المناعة البشرية، إلا أن معدل الوفاة بسبب الأمراض المرتبطة بالإيدز وصل لحوالي 36.3 شخص، لذا يعد العلاج هو المفتاح لإنهاء الوباء المستمر منذ عقود.
واتجه العلماء لعمليات زرع نخاع العظام التي تحتوي على الخلايا الجذعية البالغة (Adult Stem Cells)، ولكن لم يكن هناك سوى حالتين علاج معروفتين من فيروس نقص المناعة البشرية حتى الآن.
الحالة الأولى هي تيموثي راي براون (الملقب بمريض برلين) والذي ظل خاليًا من الفيروسات لمدة 12 عامًا بعد العلاج، حتى توفي عام 2020 بسبب السرطان، وتم الإبلاغ عن شفاء الحالة الثانية في عام 2019، وكانت لمريض يدعى آدم كاستيليجو، مما يؤكد أن حالة السيد براون لم تكن مجرد حظ.
وفي كلتا الحالتين، خضع كل من الرجلين لعمليات زرع نخاع عظمي من متبرعين يحملون طفرة تمنع فيروس نقص المناعة البشرية.
وعندما حل النخاع العظمي المزروع محل جميع أجهزتهما المناعية، عانى الرجلان من آثار جانبية قاسية، تتمثل في مهاجمة خلايا المتبرع لجسم المتلقي، وكاد السيد براون أن يموت بعد عملية الزرع، بينما كان علاج السيد كاستيليجو أقل حدة، ولكن في العام الذي أعقب عملية الزرع فقد ما يقرب من 70 رطلاً، وأصيب بفقدان السمع ونجا من عدوى متعددة، وفقًا لأطباءه المعالجين.
لذا لا تعد زراعة نخاع العظام خيارًا واقعيًا لمعظم المرضى، فعمليات الزرع تُعتبر شديدة الخطورة؛ لذلك يتم تقديمها بشكل عام فقط للأشخاص الذين استنفذوا جميع الخيارات الأخرى.
مما جعل العلماء يتجهون لطريقة زرع جديدة تتضمن زرع دم الحبل السري (Umbilical Cord Blood) بدلاً من الخلايا الجذعية البالغة (Adult Stem Cells) والتي تستخدم في عمليات زرع نخاع العظام التي عالجت المرضى السابقين؛ وذلك يرجع إلى توفر دم الحبل السري بشكل أكثر وأوسع، بالإضافة أن هذه النوع من الخلايا لا يحتاج إلى أن يكون مطابق بشكل وثيق للمتلقي، بل يمكن السماح بمطابقة جزئية فقط.
وفي حالة هذه المرأة، خضعت لعملية زرع دم الحبل السري لعلاج مرض الإيدز (فيروس نقص المناعة البشرية) من متبرع مطابق جزئيًا، ويملك طفرة تمنع دخول فيروس نقص المناعة البشرية إلى الخلايا، وكما تلقت دمًا من أحد أقربائها المقربين؛ لإعطاء جسدها دفعة مناعية مؤقتة أثناء إجراء عملية الزرع؛ وذلك لأن خلايا دم الحبل السري قد تستغرق حوالي ستة أسابيع حتى تنخرط وتصبح فعالة.
وعلى عكس ما حدث مع الحالتين السابقتين، غادرت المرأة المستشفى بعد حلول اليوم السابع عشر بعد الزرع ولم تصب بمضاعفات، كما أضافت الدكتورة جينغمي هسو، الطبيبة المعالجة للحالة في مستشفى وايل كورنيل: “أن الجمع بين دم الحبل السري وخلايا قريبها ربما يكون قد أنقذها بشكل كبير من الآثار الجانبية الوحشية لعملية زرع نخاع العظم النموذجية”.
وبعد مرور37 شهرًا من الزرع، أوقفت المرأة المضادات الفيروسات القهقرية (Antiretroviral drugs)، ثم بعد أكثر من 14 شهرًا، لم تظهر عليها حتى الآن أي علامات لفيروس نقص المناعة البشرية، بما يشمل اختبارات الدم، كما لا يبدو أن لديها أجسامًا مضادة للفيروس يمكن اكتشافها.
في النهاية وبالرغم من هذه الطفرة إلا أنه ما زال العلماء لا يعلمون لماذا تعمل الخلايا الجذعية المأخوذة من دم الحبل السري بشكل جيد، عن أنواع الخلايا الأخرى، ولكن أغلب الظن أن هذا النوع أكثر قدرة على التكيف مع بيئة جديدة، بالإضافة لذلك، فقد تحتوي خلايا دم الحبل السري أيضًا على عناصر تتجاوز الخلايا الجذعية التي تساعد في عملية الزرع.