يبحث المدخنون في العالم عن وسائل آمنة للإقلاع عن التدخين، ولكن هل الفيب vape إحداهن؟
قدم المسوقون التدخين الإلكتروني” الفيب ” على أنه بديل آمن للسجائر العادية في الأسواق بنكهات وشكل أكثر جذباً للمدخن عن السيجارة الإلكترونية التقليدية، ورغم أن مقولة “التبغ يقتل نصف من يتعاطونه تقريباً” لمنظمة الصحة العالمية، إلا أن مدخني”الفيب” في تزايد مستمر.
وكون المدخنون مجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي وصل عدد المشتركين بها إلى 44,208 متابع غير الصفحات والمجموعات الأخرى، وجاء على رأس المستفيدين من مجموعات ” الفيب ” للبيع والشراء المعلنين عن السجائر والنكهات.
ولم تتوقف هذه المجموعات على مهمتها التسويقية التي هي أشبه بسوق كبير يقبل عليه المدخن، ولكنها أصبحت تقدم جزءاً من الدعم الذي افتقده المدخن.
متى بدأ تسويق ” vape ” في مصر؟
يعتبر الموطن الأصلي للتبخير والنفث ” vape ” الصين حسب دراسة أجراها مركز البحوث والتسويق، وقامت الولايات المتحدة الأمريكية باستيرادها وضخها في السوق عام 2006، لتصبح بعد ذلك متصدرة سوق الفيب.
كريم تاجر سجائر إلكترونية (فضل عدم ذكر اسمه كاملاً واسم العلامة التجارية التي يروج لها في مصر)، يقول “بدأت سوق الفيب في العالم بداية من 8 أعوام، انتقلت التجارة إلى مصر على الضيق في هذا الوقت”
وأكمل”من سنتين أو ثلاثة بدأ الانتشار الأوسع، فأصبحت المحال التجارية التي تبيعها في كل شارع، وكان مصرح باستيرادها في وزارة الصحة أما الآن فخرج قرار إداري من إدارة الصيدلة بمنع الاستيراد، والدولة الوحيدة اللي سمحت باستيرادها في المنطقة العربية هي الكويت”
هل الفيب vape آمن وما الحقيقة ورائه؟
روجت في الفترة الأخيرة بعض المجموعات التسويقية على شبكات التواصل الاجتماعي “للفيب” على أنه طبي وآمن ومختلف تماماً عن السيجارة العادية، ولكن يخلط البعض بين ” vape ” ومضخة الأنسولين التي تحمل اسم ” vibe ” وهي مصرح بها، واستغل المروجون الاسم على أن السجائر الإلكترونية آمنة ومصرح بها.
وتوضح المكتبة الوطنية الأمريكية للطب في تقريرها المنشور في شهر نيسان “إبريل” 2014 عن السجائر الإلكترونية، أن الزيوت العطرية تحتوي على مواد كيميائية معروفة عموماً في دخان السجائر وتم الكشف عنها في الهباء الجوي المنبعث أو التراب العالق في الهواء.
وحذرت من هذه المواد الكيميائية الداخلة في النكهات، والتي تحتوي على ملوثات سامة ولها آثار غير معروفة عند تسخينها واستنشاقها، ولم تتوافر أي دراسات كيميائية بعد على تأثير هذه المواد الكيمائية على صحة المدخنين.
وتابع التقرير من خلال التجارب السريرية التي أجريت على مستويات الغازات والمواد السامة الموجودة في دخان السجائر الإلكترونية، تم اكتشاف 20 مادة وتحليلها ماعدا الفورمالديهايد، مثل الأكرولين وإيزوبرين والأسيتالديهيد وحامض الخليك.
وأصدرت هيئة الغذاء والدوء الأمريكية”FDA” تقريراً تحذر فيه من النيكوتين السائل في السجائر الإلكترونية، وذكرت في تقريرها أن النيكوتين هو مادة سامة تسبب الإدمان، ووضح التقرير ضرورة إعلان النسبة من جانب المصنعين.
نكهات الفيب تصنع “تحت بير السلم”
وتتوفر المواد المنكهة في الصيدليات المصرية وهي مصرح بها من الدولة مثل الجلسرين، وانتشرت العديد من المصانع التي تقوم بتصنيع المواد المنكهة المكونة من 4 مكونات ونكهات وهي البرولين والجليسرين النباتي والنكهة والنيكوتين، وهناك طريق آخر لدخولها مصر وهو من الخارج من خلال شركات السجائر الإلكترونية الشهيرة.
وعلق الدكتور عصام المغازي رئيس الجمعية المصرية لمكافحة التدخين والدرن أن السيجارة الإلكترونية انتشرت في السوق المصري بجميع الأنواع المختلفة وتوجد العديد من الدول المصنعة لها من دون المواصفات القياسية، والتي يحذر من تواجدها في مصر بسبب احتوائها على مواد منكهة سيئة.
ويذكر المغازي” توجد النكهات مثل الجلسرين النباتي بنسبة قليلة، ويوجد بها نسبة عالية من النيكوتين السائل الذي يسبب التهاب رئوي”
بالمستندات وزارة الصحة المصرية ترفض السجائر الإلكترونية
حصلنا على تقرير إدارة الصيدلة بوزارة الصحة المصرية لعام 2015 والتي قررت عدم استيراد أو تداول السجائر الإلكترونية في السوق المصري، ونشرت في تقريرها أن الرفض جاء بسبب مادتي ثنائي الأسيتيل والنتروزامين.
تحدثنا إلى الدكتور عادل خطاب الرئيس السابق للجنة الخاصة لأدوية الأمراض الصدرية بإدارة الصيدلة، فقال “الإدارة تقوم بإصدار تقاريرها كل 5 سنوات والرفض يأتي لنفس الأسباب”
وتابع” لدينا مصادرنا القوية في الرفض وهما هيئتي الأغذية والعقاقير الأمريكية والأوروبية، ورفضت الأولى استخدام السجائر الإلكترونية بسبب المواد العطرية الموجودة بها”
وأكمل” عند تسخين مواد مثل الجلسرين والبلروبرين تتصاعد مادة ثنائي الأسيتيل وهي مادة مسرطنة ويظهر أثرها على المدى البعيد”
ويذكر خطاب” تكمن الخطورة عند تسخين المواد المنكهة التي لا توجد عليها رقابة من الدولة بسبب عدم تصريح بيع السجائر الإلكترونية”
مركز السموم.. النيكوتين السائل يدمر الجهاز العصبي ويسبب السرطان
قال الدكتور محمود لطفي مدير مركز السموم الإكلينيكي بجامعة عين شمس، لكل يوم معلوم طبية “النيكوتين مركب عضوي سام وفي حالة التعرض لكمية كبيرة من سائل النيكوتين عن طريق البلع أو الجلد، من الممكن أن يؤدي إلى الوفاة، وفي حالة التعرض لتركيزات قليلة من النيكوتين عن طريق التدخين، يؤثر على جميع أجهزة الجسم كالجهاز العصبي والدوري والتنفسي، وقد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.”
وتوجد عدة مستويات من النيكوتين يبدأ من 36 حتى يصل إلى الصفر، ويكون تركيز النيكوتين عالٍ جداً في المستوى الأول ويقوم المدخن بشراء النيكوتين حسب رغبته والبعض يعدل في الكمية الداخلة في السائل حتى تصل لدرجة عالية فيعلق لطفي “نسبة النيكوتين المتداولة هي من 3 : 12 مل جرام في المائة، وكلما زادت النسبة زادت الخطورة، وتكمن الخطورة في حالة السجائر الإلكترونية إلى أن هناك شركات صغيرة تصنع السائل الخاص بها بأنفسهم ولا تشرف الدولة عليه”
وتابع “لا تسبب مكسبات الطعم الموجودة في السجائر ضرر، طالما هي متواجدة في درجة الحرارة العادية، لكن في حال تسخينها كما هو في السجارة الإلكترونية تصبح مواد مسرطنة، ومكسبات الطعام والتي عادة ما تأخذ مواد منكهة، وهي مادة كيميائية مخلقة في المعمل وتذاب في الحامل وتعطي مادة كالجلسرين، بتسخينها تسبب ظهور مواد هيدروكربونات عطرية متعددة وهي مواد مسرطنة”
وأشار”النيكوتين المصنع السائل الموجود في السجائر الإلكترونية لا توجد عليه أي رقابة، كما لا توجد أي رقابة على النكهات المصنعة، وذلك لدخولها البلاد عن طريق غير رسمي”
وذكر “لا يوجد وقت محدد لظهور الآثار السلبية للسجائر الإلكترونية على الأفراد، حيث أن ذلك يعتمد على نسبة وتركيز النيكوتين المستخدم ، ومدة التعرض للأبخرة والنكهات المصنعة”
تقنين الفيب vape في مصر
يذكر كريم بسبب منع الاستيراد الرسمي للسجائر، وكثير من التجار حاولوا دخولها ولكن النتيجة كانت الرفض، ويرى كريم “المشكلة في السائل فهو مصنع بمصر وبكميات كبيرة جداً ومن دون رقابة، فكل مكوناته مثل الجلسرين والبروبلين جلايكول متوفرة في شركات الأدوية والصيدليات ومستخدمة في الأطعمة والمشروبات ويمكن استيراد النيكوتين السائل بشكل قانوني في حالة وجود رخصة استيراد تبغ لكن بكميات بسيطة جداً لأنه يكون مركز”
يخمن كريم السبب وراء منع السجائر الإلكترونية بسبب المنافس التقليدي السجائر العادية فيذكر” انتشار السجائر الإلكترونية سيقلل من مبيعات السجائر التقليدية في مصر”
يشير كريم” بناءً على نتائج وزارة الصحة فالنكهات مصرح ببيعها على أرفف الصيدليات في بريطانيا وهي أقل ضرراً من السجائر بنسبة 95 بالمائة”
يشجع كريم التصريح بالسجائر الإلكترونية في مصر” إذا أعطت الحكومة التصريح هتقوم صناعة حقيقية موجودة فعلاً لكن في الظل وهيتصدر كمان” ويتابع ” التقنين مطلوب ويستلزم معايير لمنع انتشار الأنواع الرديئة من السوائل والأجهزة ، بغرض بيعها في الصيدليات ”
” تجربتي مع الفيب ” مكاوي بعد 7 أشهر تدخين
حسام عبد الرحمن مكاوي 29 عام، أحد مدخني “Vape” الفرق الذي رآه في السيجارة الإلكترونية من وجهة نظره دفعه إلى استبدال العادية بالإلكترونية، يقول مكاوي” قتلت الموضوع بحثاً في أول شهرين، قبل أخد أية خطوة ووجدت أن التبخير الإلكتروني ينتج عنه 31 مادة مضرة مقارنة بالسيجارة العادية التي ينتج عنها 598 مادة مضرة والتي تتحول إلى المواد المضرة الأخرى بعد احتراق السيجارة”
يعتبر مكاوي السيجارة الإلكترونية لا تمثل نوع من التدخين ولا تشبه السيجارة العادية فيقول” لا تشبة السيجارة العادية في شيئ لأنها تبخير إلكتروني وليس دخان ويختلف هذا في الطعم والنفس، أنا مقلع عن السجائر العادية منذ شهر ديسمبر”
يذكر مكاوي أنه بعد مدة تصل إلى 7 أشهر من تدخين السجائر الإلكترونية بدأ في تقليل نسبة النكيوتين السائل الذي يقوم بشرائه “كنت في البداية أشرب سائل تركيز نيكوتين 24 مل ثم بعد هذا أصبحت أتناول 9 مل ثم 6 مل ثم 3 مل، أما الآن فأنا أتناول صفر نيكوتين”.
السجائر الإلكترونية أقل ضرراً من العادية
ومع هذه الدراسات التي تثبت خطورة التدخين الإلكتروني إلا أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية أجرت استبياناً للمقارنة بين التدخين الإلكتروني والتدخين العادي على 181 من بينهم مدخنين للسيجارة الإلكترونية والعادية، وقدم الأشخاص عينات من اللعاب والبول وأثبتت التحاليل التي أجرتها على أن المواد المسرطنة الموجودة أقل بكثير من السجائر العادية، وأشارت في تقريرها أن السيجارة الإلكترونية ليست كالسيجارة العادية فهي تحتوي على نسبة أقل من المواد السامة.
وأثبتت الدراسة المنشورة في شباط “فبراير” سنة 2017 على الموقع الرسمي للهيئة أن المواد السامة الموجودة في عينات المدخنين أقل بكثير من المواد الموجودة في السجائر العادية أو بدائل النيكوتين.
إلى جانب ثبوت خطورة تسخين المواد المنكهة على صحة المدخن، اكتشفت وزارة الصحة في إستراليا أن بعض أنواع الفيب المذكور احتوائها على نسبة صفر نيكوتين، وُجدت بالتحليل احتوائها على مستويات عالية من النيكوتين.