أحيانا نسمع عن إنجازات الأطباء حول العالم، ونشيد بإعجاب في أنفسنا بتقدمهم وعلمهم ووجود مثل هذه الكوادر الطبية والكفاءات، ونحدث أنفسنا “ماذا عن عالمنا العربي؟” .. الحقيقة أن عالمنا العربي يملك هذه الكفاءات أيضا، ولا داعي للتقليل منها، بل يجب الحديث عنها وإبرازها بفخر، وقصة اليوم هي واحدة من القصص التي حدثت في مستشفى جامعة طنطا بمصر لتثبت أن الأطباء في عالمنا العربي يستحقون الإشادة والإعجاب أيضا.
تحذير بعض الصور قد يجدها البعض صعبة
بداية القصة بمشهد صعب
طفل مراهق لا يتجاوز عمره الـ 13 عاما، شاء القدر أن يتعرض لحادث صعب نتج عنه دخول سيخ حديد يخترق الإبط ويخرج من الرقبة! هل تتخيلون المشهد الصعب؟
عندما سمعنا بحادث اختراق سيخ حديدي لطفل مراهق لا يتجاوز عمره 13 عاما، قررنا التواصل مع الدكتور محمد حسن عبد العاطي مدرس مساعد جراحة الأوعية الدموية بكلية الطب في جامعة طنطا، وهو أحد الأطباء الذين شاركوا في هذا الإنجاز، تحدثنا معه لنعرف تفاصيل استخراج هذا السيخ الحديدي، وما هي حالة الطفل الآن؟
هل هذه الإصابة الأولى من نوعها التي تواجهكم في مستشفى جامعة طنطا ؟
“بالنسبة لنا كتخصص جراحة أوعية دموية قد نكون تعاملنا مع حالات أصعب من هذه الحالة، كبعض الحالات التي يكون فيها إصابات للشريان الأورطي أو الوريد الأجوف، بالإضافة إلى إصابات الأوعية الدموية في الإبط والرقبة التي نشاهدها كثيرا ونتعامل معها”
ولكن..
أوضح دكتور محمد المختلف في هذا الحالة وهي أن الطفل قد جاء والسيخ الحديد مازال يخترق جسده! مما تسبب له وللفريق الطبي المرافق في مشكلتين.
المشكلة الأولى
المشكلة الأولى أن في حال جاء مصاب بطعنة آلة حادة سيكون في هذه الحالة مصاب بنزيف، ولكن الوضع في هذه الحالة مختلف، لأن السيخ الحديد الموجود أغلق الأوعية الدموية المقطوعة ولم يظهر أن هناك إصابة بسبب عدم وجود نزيف، وأوضح ” وبمجرد إزالته سينطلق شلال من النزيف المستمر بسبب فتح الشريان المقطوع”
المشكلة الثانية
أوضح دكتور محمد المشكلة الثانية التي تتعلق بأماكن اختراق السيخ الخطيرة وهي منطقة الترقوة الموجودة خلف الرقبة، ومنطقة الإبط!
“هذه الأماكن يمر بها الأوعية الدموية في الإبط، والضفيرة العضدية (وهي شبكة من الأعصاب ترسل الإشارات من العمود الفقري للكتف والذراع واليد)، والأوعية الدموية تحت الترقوة، والشريان الفقري، وهذا يعني أن هناك احتمالية واردة جدا في حال خروج هذا السيخ الحديد قد يتسبب في إصابة كل هذه الأوعية والشرايين المهمة”
ما هي الصعوبات التي واجهتكم أثناء القيام بهذه العملية؟
لم يبخل علينا دكتور محمد بذكر تفاصيل تغلبهم على المشكلات السابقة التي أوضحها، وتحديدهم لهدفين مهمين هما إيقاف النزيف عند إخراج السيخ، ” أي نزيف يحدث للطفل معناه الموت” هكذا لخص السيناريو الأسوأ غير المرغوب فيه، وأضاف “الهدف الثاني عند شد السيخ يجب إبعاده عن الأوعية الدموية حتى لا تحدث إصابة”
جهود وترقب مستمر..
في الحقيقة أنه كلما تعمقنا أكثر مع تفاصيل العملية التي ذكرها الدكتور محمد زاد إعجابنا أكثر بالدقة والحرص على حالة المريض، وهو ما أوضحه الطبيب الشاب الذي ذكر كيف قاموا أولا بالكشف على الأوعية الدموية أسفل منطقة الترقوة، للتأكد من عدم وجود إصابة، وأضاف ” بعد ذلك قمنا بإبعاد السيخ عن منطقة الأوعية الدموية والضفيرة العضدية وشده بهدوء”
كم استغرقت مدة العملية؟
قد تعتقد أن مثل هذه التفاصيل الدقيقة ستحتاج لساعات طويلة على أقل تقدير، ولكن ما فاجئنا حقا هي إجابة الطبيب الشاب “استطعنا إنهاء العملية في أقل من ساعتين، وبدون أن يحتاج الطفل إلى نقل دم، وهو إنجاز جيد جدا”