الطب لم يكن بجديد على العرب و المسلمين، فالعلوم العربية التي وضعها ابن رشد و ابن سينا و الرازي و ابن الهيثم و الإدريسي، أكبر دليل على بديهية أن يكون الطب من يبن العلوم التي تعلمها المسلمين و مارسوها، حتى وإن قصرت كتب التاريخ في ذكر ذلك. وفي مقالنا اليوم سنتحدث عن أول طبيب في الإسلام الحارث بن كلدة الثقفي .
الحارث بن كلدة الثقفي ولد في الطائف في عصر ما قبل الإسلام، و سافر إلى اليمن و تعلم الطب هناك في أقدم المدارس الطبية، ثم سافر إلى بلاد فارس و تعلم العود و الموسيقي، و اتخذه ملك الفرس كسرى الأول، طبيبا خاصا له لشدة براعته.
وقد عُرف عنه فصاحة لسانه وذكائه ، و لعلنا نذكر ونردد المقولة الشهيرة ” المعدة بيت الداء ” لكننا لا نعرف أنها من أقوال الحارث بن كلدة حيث نُقل عنه قوله: “المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وعودوا كل بدن ما اعتاد”.
جمع الحارث العُلوم الطبية وحسنها وطورها، وترجم العلوم الطبية إلى اللغة العربية، وكانت له خبرات عسكرية من وجوده في بلاد فارس.
وعندما دخل الحارث بن كلدة على الملك كسرى الأول ، أراد أن يختبر علمه فسأله “ما الجمرة التي تصطلم منها الأدواء؟” فرد “هي التخمة وإن بقيت في الجوف قتلت وإن تحللت أسقمت” قال كسرى: “صدقت”.
عاد الحارث بن كلدة إلى الجزيرة العربية بعد الإسلام و أشهر إسلامه و عاصر الرسول عليه الصلاة والسلام في آخر حياته وكان الحارث زوج خالة النبي.
و يعتبر الحارث بن كلدة أول طبيب عربي و أول طبيب في الإسلام ، و يُروى عن سعد بن أبي وقاص أنه مرض في مكة مرضاً شديدا، فزاره الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال أدعوا له الحارث بن كلدة فإنه رجل يتطبب فلما عاده الحارث نظر إليه وقال ليس عليه بأس “اتخذوا له فريقة بشيء من تمر عجوة وحلبة يطبخان” فلما إحتساها بُرئ وشُفي.