من يراه يعتقد أنه رجل عادي مبتور الساق، ولكن من يقترب منه يكتشف في الحقيقة أنه يقوم بربط ساقه اليمنى ويضمدها كما لو كانت مبتورة ويستخدم العكاز للمشي، كما فعل كل ما في وسعه ليجعل الأطباء يقطعون ساقه تماما حيث يدعي أن هذه الساق ليست ملكه!
الحقيقة المؤلمة أن نيك أوهالوران – معلم في الـ 29 من عمره – مصاب بمرض عصبي نادر جدا يسمى مرض biid أو اضطراب هوية الجسم الكاملة (body integrity identity disorder (BIID أو ما يسمى أيضا بـ مرض الطرف الغريب، وهي حالة عصبية نادرة تجعل المريض مقتنع تماما بأن أجزاء معينة من جسمه لا تخصه وليست جزء منه، و بعض المصابين بهذا المرض يفضلون أن يصبحوا مشلولين، أو يفضلون إصابتهم بالعمى، و كانت حالة نيك هي عدم مقدرته على التعرف على جزء من ساقه اليمنى على أنها جزء من جسده.
صرح نيك قائلا : ” لن يستطيع أحد منعي من تحقيق رغبتي في بتر الساق اليمنى ، حيث أنها الوسيلة الوحيدة التي تمكنني من رؤية مستقبل أعيش فيه براحة وسعادة ” ، وأضاف أيضا : ” إنني أعرف أن ما أقوله شاذ للغاية بالنسبة للآخرين ، لكن ماذا أفعل فهذا ما أشعر به حقا ” ، و أصر نيك على أن آخر 3 بوصات من فخذه الأيمن وحتى قدمه ليست جزء من جسده ولا تخصه تماما.
و قد عبر نيك عن مدى معاناته مع الساق اليمنى منذ الصغر قائلا : ” أنا أتذكر جيدا ما كنت أشعر به وأنا في العاشرة من عمري، كنت أشعر أن هناك شيء خاطئ في جسدي ولا أعرف ما هو بالتحديد، كل ما كنت أعرفه هو أنني أشمئز من ساقي اليمنى جدا، بالإضافة إلى الحكة التي تصيبني باستمرار فيها التي قد تصل إلى خدش وجرح ساقي حتى إسالة الدماء منها، حتى كبرت ودرست علم النفس في الجامعة أدركت حينها أن الحالة المرضية التي أعاني منها تسمى مرض biid ” .
و أضاف نيك أيضا “عندما أدركت ما كنت أعاني منه قررت الذهاب للأطباء، لكن لم ينفعوني في شيء حيث لم يتم تشخيصي بـ مرض biid وتم تشخيص مرضي على أنه الوسواس القهري أو الاكتئاب، واستمر ذلك الشعور داخلي ولم ينتهي، فذهبت للعديد من الأطباء للخضوع لجراحة بتر الساق، لكن رفض كل الأطباء القيام ببترها، لذلك حاولت عدة محاولات لإجبارهم على بترها مثل حقن ساقي ببعض الكحول لإتلافها وإلحاق الضرر بها، أو بوضعها على قضبان القطار، ولكن فشلت كل تلك المحاولات”.
علقت الأستاذة المساعدة في علم النفس وأحد الباحثين أيضا في مجال (BIID) ، الدكتورة آنا سيدا Anna Sedda – وهي القائمة على علاج نيك حاليا – قائلة : ” إننا ندرك أن أجسامنا تتكون من رأس واحدة و ذراعين و ساقين، وهذا بسبب الخريطة الداخلية التي تقع في مناطق من الدماغ لكن إذا حدث خلل في خلايا الدماغ في تلك المناطق يحدث الخلل الوظيفي الذي يسبب تلك المشاكل الإدراكية، وهذا هو السبب الرئيسي في حدوث هذا المرض الذي غالبا يصاب به الأشخاص منذ الولادة ”
و أضافت الدكتورة آنا، أنها الآن تطبق سلسة متواصلة من الأساليب التقنية العلاجية التي تحاكي عمل الدماغ، وتأمل أن يتم علاج نيك بالفعل وأن تساعده على التخلص من هذا الشعور الذي يدفعه ويلح عليه بقوة حتى يقوم ببتر ساقه، و أخيرا أوضح نيك أنه يشاركنا معاناته مع هذا المرض على أمل رفع وعي الناس والأطباء بهذا المرض، ومن أجل إعطاء المصابين بهذا الاضطراب الشجاعة للتحدث وطلب المساعدة من الأطباء المتخصصين.