إبتسامتها الدائمة وحبها للحياة وإيمانها بقدرة الله عزّ وجل جعلوها تنتصر على مرض السرطان ؛ “كل يوم معلومة طبية” تدعوكم للتعرف على قصة جديدة لـ “محارِبة سرطان” لم تستلم يوماً للمرض ولم تيأس من العلاج…
بداية عرفينا بنفسك..
اسمي سحر شعبان، مديرة مؤسسة كيان مصر للتنميه والتدريب ودعم المشاركة المجتمعية.
أعمل استشاري تدريب وبناء قدرات المرأة والشباب، وأشارك في مجال التنمية منذ حوالي 15 عام مع فئات المجتمع المختلفة وحديثا “محارِبة سرطان” وبقوة، أقيم في مدينة نصر بمحافظة القاهرة، مع بناتي الاثنتين خلود وندى.
إحكي لنا كيف أكتشفتي إصابتك بالسرطان وتجربتك الأولى مع المرض؟
إكتشفت إصابتي بالسرطان من خلال ملاحظة وجود ورم صغير في الثدي وبدأت على الفور عمل الفحصوصات اللازمة بداية من زيارة الطبيب ثم إجراء أشعة الماموجرام والتحاليل ثم زيارة الطبيب الجراح وأخذ العينة، وبعد التأكد من أنه ورم سرطاني واكتشاف وجود خلايا سرطانية متشعبه بسبب تأخر الإجراءات اللازمة، وأخيرا تمت الجراحة اللازمة في أسرع وقت حسب تعليمات الطبيب الجراح.
تجربتي مع مرض سرطان الثدي كانت صعبة كلها توتر وترقب مع كل نتيجة أو أشعة أو تحليل أو عينة من الورم. ولكن رغم التوتر والقلق كان بداخلي إيمان كبير برحمة ربنا سبحانه وتعالى وإنه مجرد اختبار من الله ليرى إن كنت سأصبر أم لا، هذا ما كنت أقوله لنفسي طول الوقت وصممت على جتياز الاختبار وعدم الاستسلام.
أغلب الناس يقولون إن السرطان محنة صعبة على كل مريض سرطان، ولكن أنا رأيت أنه منحة كبيرة من الله وليس محنة ويجب استغلالها لأن هذه المنح لن تتكرر كثيرا في الحياة فكان لابد أن أكسب منها رضا الله سبحانه وتعالى وأشياء أخرى كثيرة في الحياة.
متى فكرتي في العلاج؟
بصراحة فكرت في العلاج منذ أول لحظة ولكن الخطوات كانت بطيئة جدا لظروف خاصة وبدأت في إجراءات العلاج بعد فترة من اكتشاف المرض ولهذا السبب ظهرت خلايا سرطانية متشعبة بجوار الورم الأساسي الذي أصبح ورم كبير هو الآخر.
ما هو نوع العلاج الذي خضعتي له؟
خضعت لعلاج كيميائي مركز وعلاج هرموني لمده 5 سنوات ثم علاج لبعض أثار الكيماوي السلبية في الجسم وفي صدد الخضوع لجلسات العلاج الإشعاعي.
صفي لنا شعورك بعد أول جلسة علاج..
أول جلسة علاج كيمائي كانت في بدايتها عادية، ورغم أنني كنت خائفة من التعليمات والآثار السلبية التي نبهني لها الطبيب قبل الجلسة لكن رغم ذلك كنت مبتسمة وكنت أتقبل من الطبيب كل الملاحظات بروح مرحة مثلا قال لي أن شعري سيسقط، فقلت له وقتها “مش مهم من زمان كان نفسي ألبس باروكة” أيضا قال لي أنني سأفقد القليل من وزني فقلت له ” أنا هخس ببلاش إحنا بنروح عند دكتورة الرجيم وندفع فلوس علشان نخس” وكان الطبيب سعيدا بذلك ومتعجبا في ذات الوقت من ردوردي.
لكن بصراحة بمجرد أن دخلت غرفة العلاج لأخذ أول جرعة كيماوي خفت وتسارعت نبضات قلبي فأنا لا أعلم ما هذا الذي سيدخل إلى جسمي وماذا سيفعل به، لكن أثناء العلاج في هذه الجلسة لم أشعر بأي شئ غريب وكأني أخذت محلول فقط، ثم ذهبت إلى البيت، لكن بعد مرور حوالي 4 ساعات فقط انقلب الحال وتحولت لشخص آخر وبدأت أشعر بألم فظيع وغثيان وقئء وهزلان في الجسم مع عدم تقبل الطعام بأي شكل و أي نوع ومن هنا علمت أن الموضوع ليس بالسهل لكن ظل تساؤل في بالي هل سأكون حقا على قدر التحدي أم لا؟.
هل فكرتي يوما بالاستسلام للأمر الواقع والتوقف عن أخذ العلاج؟
لم أستسلم مطلقا لأنني من اللحظة الأولى كنت أعلم أنني سأخوض حربا قوية مع السرطان. وكان عندي إصرار وتحدي على الانتصار. لكن بصراحة ذات مرة كنت في أقصى درجات الألم وتحديدا بعد الجلسة الثالثة من العلاج وكان جهاز المناعة قد ضعف جدا وهناك نقص في الصفائح الدموية مما ضاعف الألم، في هذه اللحظة شعرت أن السرطان أقوى مني ولكن الله سبحانه وتعالى كان معي طول الوقت وفي اليوم الثاني الحمد لله استمديت قوتي وأصررت على الانتصار، وهذا ما يميز شخصيتي فأنا متفائل ومبتسمة بطبعي ومحبة للحياة، والحمد لله لم أفكر ولو للحظة في إيقاف العلاج .
ما هي العوامل التي ساعدتك على عبور مرحلة المرض والتعافي منه؟
هناك عوامل كثيرة أولا منها إيماني بأن الله معي دائما وأنني في رعايته وأنه يحب عباده وخصوصا الضعفاء منهم فلم أشعر بقلق والله يقف بجانبي.
وبعد إجراء العملية كانت العوامل المساعدة كثيرة ومنها دعوات أبي وأمي الدائمة ومساعدتهم لي. لكن بما أن مشوار العلاج طويل كان من الصعب أن يستمر الدعم وتستمر مساعدة الأسرة كما في البداية وبدأ التخلي الحقيقي والمؤلم الذي كان أقوي من ألم السرطان.
وهذه فرصة مناسبة لأقول فيها لكل أسرة لديها مريض سرطان أرجوكم لا تتخلو عنه لآخر لحظة في حياته لأنه حقا يحتاج إليكم. مرض السرطان صعب جدا ولكن يمكن التغلب عليه ونصفه علاج والنصف الآخر دعم نفسي للمريض بكل الطرق لمنحه القوة والإرادة، وأنا أصدقائي كانوا هم من أستمد منهم قوتي وإرادتي الحقيقية وإلى جانبهم خلود وندى بناتي، ومهما قلت لن أوفيهم حقهم.
لديكِ مبادرة لمساعدة مرضى السرطان في مصر نرجوا أن تحدثينا عنها..
بعد تجربتي مع المرض اكتشفت أمور كثيرة يحتاجها مريض السرطان أهم من العلاج الكيميائي والإشعاعي ومنها الدعم النفسي للمريض للتغلب على المرض، وجدت أن الحالة النفسية تساعد في التغلب على ألم جرعة العلاج الكيميائي وتساعد على تقوية جهاز المناعة وزيادة القوة والإرادة والتحدي والتفاؤل والأمل بالشفاء.
وأيضا اكتشفت أن الدعم النفسي ليس لمريض السرطان فقط ولكن لأسرته أو من يرافقه في رحلة العلاج مثلا أنا بناتي رافقوني في رحلة علاجي وعاشوا معي كل آثار الكيماوي المؤلمة والعلاج الهرموني مثلما شعرت بها أنا.
ومن هنا جاءت فكرتي في مساعدة المرضي من النساء المصابات بمرض سرطان الثدي وأسرهم .فأطلقت مبادرة “كوني الاقوي ..كوني سحر” لدعم مريضات سرطان الثدي وأسرهن، وذلك من خلال “مؤسسة كيان مصر للتنمية والتدريب ودعم المشاركة المجتمعية” التي قامت بعدة مبادرات ناجحة قبل ذلك ولها خبرات كبيرة في العمل المجتمعي والحقوقي وخصوصا مع النساء.
لو طلبنا منك توجيه رسالة لمريضات السرطان ماذا ستكون؟
“أحب قول لكل ست لو كان عندك سرطان أو خايفة يجيلك سرطان . تأكدي أنك أقوى منه بكل المقايس لأن اللي بتعمليه في حياتك من مسئوليات تجاه الأسرة والمجتمع يقول أن السرطان أضعف بكتير من قوتك. ودايما قولي لنفسك أنا أقوى من السرطان”.