تختلف طرق التربية الحديثة للأبناء عن تلك التي تربى عليها الآباء والأجداد في العقود الماضية، هذا ما تحاول منظمة اليونيسيف للطفولة، والمجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر تسليط الضوء علية من خلال حملة إعلامية تهدف لوقف العنف ضد الأطفال .
الاحتواء عند الخطأ بدلا من التعنيف، والتشجيع على النجاح بدلا من المقارنة بينهم وبين الآخرين، وتجنب الشجار أمام الأبناء، قواعد تربوية تحاول حملة “بالهداوة مش بالقساوة” إرسائها لدى الأسرة المصرية عند تربية أبنائها.
فعلي بعض القنوات الفضائية المصرية تنشر الحملة التي يرعاها الاتحاد الاوروبي، منذ شهر ديسمبر الماضي، سلسلة مشاهد تمثيلية توضح الفرق بين التربية بالضرب والصراخ، والتربية الإيجابية، أما على وسائل التواصل الاجتماعي نشرت الحملة نصائح وتوجيهات موجهة للآباء عن التربية الحديثة تحت هاشتاج #بالهداوة_مش_بالقساوة، ولم تخلو الشوارع كذلك من إعلانات الحملة حيث حملت صورا وتعليقات تعبر عن أهادف الحملة الهادفة إلى وقف العنف ضد الأطفال .
ولا تقتصر الحملة على التوعية وتوجيه النصائح للآباء والأمهات فقط، إذ تدعوا كل من يواجه مشكلة في تربية أبنائه إلى التواصل معهم وطلب المشورة عن طريق الخط الساخن بالاتصال على رقمي 16000 و 160211 مجاناً، أو إرسال سؤاله إلى صفحة المجلس القومي للطفولة والأمومة على الفيس بوك .
ويعتقد بعض الآباء والأمهات أن العنف وسيلة فعالة للتربية، في حين يرى الخبراء أن التربية بالعنف لها سلبياتها الخطيرة على نفسية الطفل وثقته في نفسه.
يقول الدكتور رشاد لاشين الخبير التربوي واستشاري الأطفال: “الطفولة هي مرحلة التربية وهذه المرحلة لا يجوز فيها اللجوء الي العنف أي كان السبب لأن العنف يدمر الجهاز العصبي للطفل، الذي يزداد نموه بالتشجيع والثناء والتحفيز، والعكس بالعكس. ويمكننا القول ان العنف سواء كان لفظيا أو جسديا يؤخر نمو كل أعضاء الجسم ويدمر العلاقات بين الأهل والطفل.
والأذي الناجم عن الصوت العالي أثره أكبر بخمسة عشر مرة من من العنف الجسدي، فهو يهز الثقة بالنفس والطفل الذي إهتزت ثقته بنفسه غير قادر علي تطوير مهاراته، فلا مبرر للجوء لأي نوع من انواع العنف تجاه الطفل.
ويضيف الخبير التربوي، هناك فرق بين دور المربي والمعلم ودور الجندي والشرطي والقاضي ومنفذ الاحكام، والوقاية من العنف عند الطفل تتطلب صنع مفاهيم صحيحة عند الأب والأم أولاً. ويجب أن يعي المربي أن مرحلة الطفولة تتطلب بذل العطاء العاطفي بنسبة 80% في حين لا يتجاوز التعامل العقلي والمنطقي مع الطفل نسبة 20%، فهي مرحلة لا بد أن يكون فيها تغاضي وتجاهل عن أخطاء الطفل وسحب الإنتباه عنها.
يقول أحمد السيد الشافعي أخصائي الصحة النفسية: الآباء و حتى المدرسون يلجأون في أحيان كثيرة في إلى الضرب لإخضاع الأطفال لقلة صبرهم، فيولد الضرب العناد وكراهية الأسرة والتعليم على حد سواء، بل و يقتل روح الابداع و الابتكار لدى الطفل و ينزع الثقه بالنفس، و يعلم الكذب و النفاق خوفا من الأذى. ويري أن الضرب مرتبط بقلة ثقافة الأسرة، فكلما قلت معرفة الآباء والأمهات بطريقة التربية السليمة زاد ضربهم للأطفال.
ووفقا لدراسة كمية مشتركة أجراها المجلس القومي للأمومة والطفولة، ومنظمة اليونيسيف عام 2015 حول العنف الجسدي والنفسي والنوعي الذي يتعرض له الأطفال ما بين 13-17 عام في ثلاث محافظات هي: القاهرة والإسكندرية وأسيوط، وُجد أن ثلاثة أرباع الفتيان والفتيات المشاركين في الدراسة تعرضوا في العام السابق للدراسة للعنف الجسدي، كما كان 87 %من إجمالي الأطفال ضحايا للعنف النفسى. كذلك كشفت الدراسة عن النسبة العالية للغاية لضحايا ختان الإناث. وأوصت الدراسة بضرورة التدخل العاجل للتعامل مع المعدلات العالية لـ العنف ضد الأطفال في مصر ولمواجهة المواقف التي تسمح بانتشار واستمرار هذا العنف .