ما هو سرطان البروستاتا؟ وما هي العوامل المساعدة على ظهوره؟ وهل نستطيع أن نقي أنفسنا من هذا المرض الخبيث؟ وكيف يمكن الكشف عنه في مرحلة مبكرة؟ وكيف تعالج المراحل المبكرة؟ وهل يمكن علاج المرض في مراحله المتقدمة؟
غدة البروستاتا «صحتك» عرضت هذه الأسئلة وسواها على أحد الاستشاريين والباحثين من المهتمين بهذا المجال، وهو الدكتور أشرف جمال أبو سمرة استشاري جراحة المسالك البولية وأورام المسالك البولية رئيس قسم أورام المسالك البولية بمدينة الملك عبد العزيز الطبية ومركز الأميرة نورة للأورام بجدة، فكان لنا معه هذا الحوار:
* ما هي غدة البروستاتا؟
– هي إحدى مكونات الجهاز التناسلي للرجل، تقع أمام المستقيم وتحت المثانة البولية، يمر وسطها المجرى البولي، وفي داخل البروستاتا يلتقي مجرى البول والمني ليكونا مجرى واحدا. لذلك فإن أي التهاب أو تضخم أو ورم في البروستاتا ينعكس سلبا على كفاءة الوظيفة الجنسية للرجل، وكذلك أعراض تأخر وضعف سريان البول.
وفي حالة سرطان البروستاتا، تنمو الخلايا وتنقسم وتتكاثر بشكل غير مرغوب، مكونة ورما في البروستاتا، وإذا لم يكتشف هذا الورم مبكرا فإن هذه الخلايا السرطانية تنتقل إلى أعضاء أخرى كالعظام والرئة والكبد مكونة أوراما أخرى في هذه الأعضاء بما يعرف بسرطان البروستاتا المنتشر، وهي حالة أخطر مقارنة بوجود الورم في البروستاتا فقط. تضخم حميد وسرطاني
* ما هو الفرق بين تضخم البروستاتا الحميد وسرطان البروستاتا؟
– تضخم البروستاتا الحميد هو حالة تظهر عند جميع الرجال ممن تعدى عمرهم الخمسين سنة حيث تتضخم غدة البروستاتا محدثة أعراضا مثل ضعف سريان واندفاع البول وتكراره وخاصة أثناء الليل، وهي حالة حميدة تكاد تكون من الأمور المتلازمة مع الشيخوخة. وتختلف حالة تضخم البروستاتا الحميد اختلافا كاملا عن سرطان البروستاتا حيث إن الخلايا في تضخم البروستاتا الحميد لا تنقسم وإنما يزداد حجمها فقط، كما لا ينتشر المرض إلى أعضاء أخرى كما هو الحال في سرطان البروستاتا.
علامات وأسباب السرطان
* ولا تظهر أي أعراض أو علامات عند كثير من مرضى سرطان البروستاتا، ولا يكتشف المرض عندهم إلا في حالات متأخرة حين يكون الورم قد تقدم أو انتقل إلى أعضاء أخرى في الجسم. وهناك مرضى آخرون تظهر عندهم أعراض وعلامات مثل وجود دم في البول أو المني، والحاجة المتكررة للتبول وخاصة أثناء الليل، وضعف اندفاع ونزول البول، وألم مستمر في أسفل الظهر وأعلى الفخذين.
* ما هو سبب سرطان البروستاتا؟
– لم يكتشف العلم حتى الآن أسبابا مباشرة لسرطان البروستاتا؛ إلا أن الأبحاث العلمية تركز على محورين: الأول دراسة العوامل المساعدة لظهور سرطان البروستاتا، والمحور الثاني الأساليب والطرق التي تساعد في الكشف المبكر عن هذا المرض أو تقلل من نسبة ظهوره.
وقد وجدت الدراسات العوامل المساعدة التالية لسرطان البروستاتا:
* السن: هو عامل الخطر الرئيسي لسرطان البروستاتا، فهذا المرض نادر في الرجال الذين تقل أعمارهم عن 45 سنة، ومعظم الرجال المصابين بسرطان البروستاتا يبلغون من العمر أكثر من 60 سنة.
* تاريخ الأسرة: خطر الإصابة أعلى إذا كان الأب أو الأخ مصابا بسرطان البروستاتا.
* العرق: سرطان البروستاتا أكثر شيوعا لدى الرجال ذوي البشرة السمراء.
* النظام الغذائي: تشير الدراسات إلى أن الرجال الذين يتناولون وجبات مرتفعة في الدهون الحيوانية أو اللحوم قد يكونون في خطر متزايد لسرطان البروستاتا. أما الذين يتناولون وجبات غنية بالفواكه والخضراوات فتقل لديهم هذه المخاطر.
* هل هناك برنامج لفحص البروستاتا؟
– سرطان البروستاتا يبدأ بالظهور بعد سن الأربعين حيث يصيب في هذا السن 1 من كل 2500 شخص، وفي سن الخمسين يصيب 1 من كل 470 شخصا، وهكذا تزداد النسبة كلما زاد عمر الإنسان كما ذكرنا سابقا، لهذا السبب وضع برنامج للفحص المنتظم لهؤلاء الرجال لغرض الكشف المبكر عن سرطان البروستاتا.
ويتمثل هذا البرنامج أولا بالفحص السريري المنتظم من قبل طبيب المسالك البولية لكل رجل تعدى سن 40 سنة. أما الفحص الثاني فيتم فيه قياس نسبة مادة بروتينية خاصة توجد في الدم وتفرز من البروستاتا PSA ويعتبر زيادتها عن المستوى الطبيعي (أكثر من 2.5) مؤشرا أوليا لاحتمالية إصابة البروستاتا بالسرطان.
وكلا الفحصين لا يعطيان التشخيص النهائي في حالة وجود سرطان البروستاتا، وإنما يتم تحويل المريض إلى طبيب مسالك بولية مختص بالأورام، في حالة كون نتائج أحد هذين الفحصين غير طبيعية. ويوجد في السعودية أطباء مختصون بأورام المسالك البولية منتشرون في 5 مراكز طبية في الرياض وجدة.
* كيف يرصد السرطان؟
– خزعة البروستاتا، هي الطريقة الوحيدة المؤكدة لتشخيص سرطان البروستاتا. تؤخذ فيها عينات صغيرة من أنسجة البروستاتا من مناطق متعددة (عادة 12) للبحث عن الخلايا السرطانية، يقوم بها مختص بأورام البروستاتا، ويستخدم الموجات فوق الصوتية في أخذ الخزعات تحت المخدر الموضعي.
إذا لم يتم العثور على السرطان، وإذا كان الفحص السريري ونتائج الاختبارات لا تؤكد الإصابة بالسرطان، قد يقترح الطبيب دواء للحد من الأعراض الناجمة عن تضخم البروستاتا، كالجراحة فيمكنها تخفيف هذه الأعراض. وهناك أيضا دواءان أثبتا نجاحهما في تقليل الخطر المستقبلي للإصابة بسرطان البروستاتا.
أما إذا تم العثور على السرطان، فيحتاج الطبيب إلى معرفة مرحلة المرض (مبكرة، متقدمة في الحوض، منتشر إلى أعضاء أخرى) باستخدام الإشعاعات (طبقية، رنين، ذرية) وذلك لوضع خطة العلاج الخاصة بكل مريض.
قبل بدء العلاج قد يرغب المريض بأخذ رأي ثان حول التشخيص وخطة العلاج. قد يستغرق ذلك بعض الوقت والجهد لجمع وترتيب السجلات الطبية لرؤية طبيب آخر، وعادة تأخير العلاج لعدة أسابيع للحصول على رأي ثان لا يشكل مشكلة، فإن التأخر في بدء العلاج لن يجعله أقل فعالية، وإن كان بعض الرجال المصابين بسرطان البروستاتا يحتاجون إلى بدء العلاج على الفور.
* ما هي الخيارات العلاجية؟
– الرجال المصابون بسرطان البروستاتا لديهم الكثير من الخيارات العلاجية لكن لا تتوفر كلها إلا عند طبيب مسالك بولية مختص بالأورام. والعلاج الأفضل لرجل قد لا يكون أفضل لآخر.
قد يشمل العلاج الجراحة والعلاج الإشعاعي أو العلاج الهرموني. وقد يوصي طبيبك بالانتظار اليقظ حيث يتم رصد الورم عن كثب والتدخل عند الحاجة. وعلاج السرطان بالجراحة والعلاج بالإشعاع هما الوسيلتان الوحيدتان لإزالة أو تدمير سرطان البروستاتا في المرحلة المبكرة والمتقدمة في الحوض.
ويمكن اختيار الانتظار اليقظ إذا كانت المخاطر والآثار الجانبية المحتملة من العلاج تفوق الفوائد المحتملة. وقد يقترح الطبيب أيضا الانتظار اليقظ إذا أظهر التشخيص أن سرطان البروستاتا في المرحلة المبكرة ويبدو أنه ينمو ببطء.
عند انتشار سرطان البروستاتا إلى أجزاء أخرى من الجسم يتم العلاج بالهرمونات بالإضافة في بعض الأحيان إلى الجراحة أو الإشعاع. والعلاج بالهرمونات يمنع الخلايا السرطانية في البروستاتا من الحصول على هرمونات الذكورة (الأندروجين) التي تحتاج إليها لتنمو، والخصيتان هما المصدر الرئيسي لهرمون الذكورة. يمكن للأطباء عادة السيطرة على سرطان البروستاتا الذي انتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم بالعلاج الهرموني لعدة سنوات. يمكن لأي علاج هرموني أن يضعف العظام (هشاشة العظام)، ويجب أن يقترح الطبيب الأدوية أو المكملات الغذائية التي يمكن أن تقلل من خطر كسور العظام.
ولكن مع الوقت يمكن لمعظم أورام البروستاتا مقاومة العلاج بالهرمونات. في ذلك الوقت، قد يقترح الطبيب العلاج الكيميائي. فقد شهدت السنوات القليلة الماضية تطورا كبيرا في الاستراتيجيات العلاجية للمرضى الذين يعانون من سرطان البروستاتا المقاوم للعلاج بالهرمون. وأحد مستجدات العلاج الكيميائي هما عقارا docetaxel وcabazitaxel اللذان أثبتا أنهما يطيلان حياة المصابين بسرطان البروستاتا ويحسنان المعيشة لباقي العمر. وهناك نقطة محورية لقرار أطباء المسالك البولية الذين يعالجون المرضى الذين يعانون من حالات سرطان البروستاتا المتقدمة وهو توقيت إحالة المريض إلى طبيب الأورام للعلاج الكيميائي.
وأخيرا فإن المتابعة والرعاية المستمرة والمنتظمة بعد العلاج من سرطان البروستاتا هما الأهم في كل المراحل حتى عندما يبدو أن السرطان قد أزيل أو دمر تماما، فهذا المرض يعود في بعض الأحيان حتى بعد سنوات.