مرض اللشمانيا من أشهر الأمراض التي تحدث بسبب بعض أنواع الذباب، فما هو هذا المرض؟ وهل هو خطير أم يمكن علاجه؟ في الفقرات التالية نقدم لكم معلومات شاملة وتفصيلية عن هذا المرض وكيفية انتقاله وعلامات الإصابة به، بالإضافة لطرق العلاج والوقاية ومتى يجب الرجوع للطبيب، فاحرصوا على متابعة التالي.
ما هو مرض اللشمانيا؟
اللشمانيا أو الليشمانيا أو داء الليشمانيات (بالإنجليزية Leishmaniasis) هو مرض طفيلي يحدث نتيجة طفيلي الليشمانيا الذي يعيش بشكل أساسي داخل إحدى ذبابات الرمل، ويتم الإصابة بهذا المرض في حالة التعرض للدغ أو القرص من ذبابة رملية مصابة. ويمكن أن يتسبب هذا المرض في حدوث تشوهات جلدية وأمراض خطيرة تهدد الحياة.
وعادة ما يؤثر هذا المرض على الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية داخل الأقاليم الاستوائية أو المناطق التي تعاني من عدم كفاءة الصرف الصحي، كما أن الأشخاص المصابين بفيروس HIV أو أي حالات أخرى تُضعف الجهاز المناعي قد يكونون عرضة أيضاً للإصابة بهذه العدوى. كما يمكن الإصابة بهذا المرض مرة أخرى في حالة الإصابة به من قبل.
ونظراً لأن العديد من الأشخاص قد يعانون من هذا المرض بدون ظهور أي أعراض جسدية واضحة، فمن الصعب أحياناً معرفة مدى انتشار هذا المرض، ولكن يقدر العديد من الخبراء أن ما يقرب من مليون ونصف أو مليوني شخص قد يُصابون بهذا المرض وتظهر عليهم الأعراض حول العالم كل سنة.
ويتواجد هذا المرض في أكثر من 90 دولة حول العالم، وأنواع مختلفة من مرض اللشمانيا يمكن أن تتواجد في مناطق مختلفة من العالم مثل أجزاء معينة من قارة آسيا وأجزاء معينة من أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا الوسطى والجنوبية وغيرهم.
كم أنه وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يُعتبر الفقر من العوامل الأساسية لحدوث هذا المرض، فعادة ما يظهر في المناطق التي يتوفر فيها العوامل التالية:
- سوء التغذية.
- المجاعات.
- نقص الموارد المالية.
أنواع الليشمانيا
يمكن تصنيف مرض الليشمانيا إلى 3 فئات وهم:
1- اللشمانيا الجلدية Cutaneous leishmaniasis
داء الليشمانيات الجلدي أو اللشمانيا الجلدية هو التهاب أو عدوى تُصيب الجلد بعد التعرض للدغ من ذبابة رملية ويتسبب في ظهور نتوءات أو انتفاخات تتحول إلى قرح كبيرة بمرور الوقت. وقد تحتاج هذه القرح وقت طويل حتى تشفى من تلقاء نفسها.
وعادة ما تبدأ أعراض هذا النوع في الظهور خلال عدة أسابيع أو شهور بعد التعرض للدغ. وفي حالات ناردة للغاية قد تظهر الانتفاخات أو القرح في أماكن جلدية مختلفة، وقد تعاود هذه القرح في الظهور بشكل متكرر حتى مع الخضوع للعلاج.
2- اللشمانيا المخاطية Mucosal leishmaniasis
داء الليشمانيات المخاطي عادة ما يكون إحدى المضاعفات الناتجة عن اللشمانيا الجلدية وتظهر القرح عادة في الأنف والفم أو الحلق (الأماكن التي تحتوي على أغشية مخاطية)، ونادراً ما يتحسن هذا النوع من تلقاء نفسه ويُصبح مرض مميت في حالة عدم العلاج، كما يمكن أن يتسبب في حدوث تشوهات في الوجه.
3- داء الليشمانيات الحشوي Visceral leishmaniasis
داء الليشمانيات الحشوي أو الكلازار أو الحمى السوداء هو نوع خطير من مرض اللشمانيا يحدث نتيجة أنواع معينة من طفيليات اللشمانيا، ويؤثر على الأعضاء الداخلية مثل الطحال والكبد، وعادة ما يتطلب الأمر عدة شهور أو سنة (شهرين إلى 8 أشهر) لظهور الأعراض بعد التعرض للقرص من إحدى الذبابات الرملية المصابة. وقد يتسبب هذا النوع في حدوث أمراض حادة بشكل سريع ويؤدي للوفاة في حالة عدم علاجه.
كيف ينتقل مرض اللشمانيا؟
تنتقل اللشمانيا من خلال التعرض للدغة من إحدى الذبابات الرملية (الأنثى) التي قامت بعض أو لدغ إنسان أو حيوان مصاب، ثم تقوم بلدغ شخص آخر سليم مسببة دخول الطفيلي للجسم. وتوجد بعض الطرق الأخرى التي قد تكون أقل شيوعاً لانتقال هذا المرض ومنها:
- مشاركة الإبر.
- خلال عملية نقل الدم.
- من الأم الحامل للجنين.
وجدير بالذكر أن العديد من الأشخاص لا يلاحظون وجود الذبابة الرملية لأنها عادة لا تصدر أي ضوضاء وصغيرة الحجم (ربع حجم البعوضة أو أصغر) وقد لا يمكن ملاحظة اللدغة فقد تكون مؤلمة أو قد لا يصدر عنها أي ألم.
هل اللشمانيا معدية؟
لا يوجد ما يُشير إلى أن هذا المرض معدي من شخص لآخر، وتُعتبر الطريقة الأساسية للإصابة بهذا المرض هو التعرض للدغ من ذبابة رملية مصابة بالطفيلي نتيجة امتصاص الدم من شخص أو حيوان مصاب، إلى جانب بعض الطرق الأخرى السابق ذكرها.
أعراض اللشمانيا
قد يُصاب الشخص بهذا المرض بدون ظهور أي أعراض لفترات طويلة، وتعتمد الأعراض التي تظهر على نوع المرض الموجود بالجسم، فيمكن أن تتضمن أعراض اللشمانيا الجلدية ما يلي:
- ظهور انتفاخ أو نتوء على الجلد مكان اللدغة.
- تكون قشرة مكان اللدغة.
- تحول النتوء إلى قرحة لها حواف صلبة.
وفد يتسبب النوع المخاطي في ظهور التالي:
- تقرحات في الأنف والفم أو الحلق.
- قرحة أو أكثر على الجلد تظهر في نفس وقت ظهور القرح في المناطق ذات الأغشية المخاطية أو قبلها.
- سيلان أو احتقان الأنف.
- نزيف الأنف.
- صعوبة التنفس.
بينما تتضمن أعراض اللشمانيا الحشوية ما يلي:
- حمى، يمكن أن تظهر بشكل مفاجيء أو تظهر وتختفي لعدة أسابيع.
- رعشة.
- عرق بارد.
- تورم العقد الليمفاوية.
- تورم البطن نتيجة تضخم الطحال.
- تضخم الكبد.
- فقدان الوزن.
- الشعور بالتعب.
- الضعف.
- ظهور بقع جلدية داكنة اللون أو مشوهة الشكل.
- انخفاض إنتاج خلايا الدم.
- النزيف.
- التهابات أخرى.
شكل حبة اللشمانيا بالصور
هكذا تبدو شكل حبة اللشمانيا أو التقرحات التي تظهر على الجلد:
كيفية تشخيص مرض اللشمانيا
يقوم الطبيب بالسماع عن الأعراض التي تعاني منها والقيام بفحص جسدي (وخاصة الجلد) لتقييم الحالة، وفي حالة الشك بالإصابة بهذا المرض قد يقوم بطلب الفحوصات التالية:
- خزعة الإبرة Needle biopsy: يتم استخدام إبرة لجمع عينة من النسيج من الطحال والغدد الليمفاوية أو نخاع العظم، ثم يقوم تقني المعمل بالبحث عن الطفيلي المسبب لهذا المرض. وتُعتبر هذه الطريقة أفضل طريقة لتشخيص النوع الحشوي.
- خزعة الجلد Skin biopsy: يتم جمع عنية من النسيج من القرحة الموجودة على الجلد أو الأنف أو الفم، ويتم فحص العينة في المعمل.
- فحوصات الدم Blood tests: أحياناً قد يتم طلب هذه الفحوصات للبحث عن علامات العدوى أو الالتهاب في الدم، ولكن لا تُعتبر هذه الفحوصات دقيقة للغاية لتشخيص هذا المرض.
علاج اللشمانيا
عادة ما يتم اللجوء للأدوية كإحدى الطرق الأولية لعلاج اللشمانيا، وخاصة الأدوية المضادة للطفيليات، والنوع المحدد يتم وصفه وفقاً لنوع المرض الموجود، وقد تأتي هذه الأدوية في عدة صورة مختلفة منها:
- حبوب فموية.
- كريم أو لوشن يتم وضعه على الجلد.
- سوائل يتم إدخالها للجسم عن طريق قسطرة وريدية.
وتتضمن بعض أمثلة دواء اللشمانيا التي يمكن استخدامها ما يلي:
- أمفوتريسين Amphotericin.
- ميلتيفوسين Miltefosine.
- بارومومايسين Paromomycin.
وفي حالة اللشمانيا الجلدية يمكن أن يلجأ الطبيب لبعض الخيارات العلاجية الأخرى للقضاء على الطفيليات المسببة للمرض والمساعدة في علاج الجرح أو القرح الناتجة عنها، ومنها:
- العلاج بالحرارة Thermotherapy: يتم تطبيق الحرارة على القرحة والمنطقة المحيطة بها.
- العلاج بالتبريد Cryotherapy: يقوم الطبيب بتبريد القرحة والمنطقة المحيطة بها لمدة 10 إلى 30 ثانية.
- العلاج بالليزر Laser therapy: يتم استخدام جهاز يتم جمله باليد لتسليط الليزر على القرحة والمنطقة المحيطة بها.
هل تشفى اللشمانيا بدون علاج؟
في العديد من الحالات يمكن أن تختفي القرح الناتجة عن النوع الجلدي بدون الخضوع لعلاج، ولكن يمكن أن يساعد العلاج في تسريع عملية الشفاء وتقليل فرصة حدوث أي ندوب وتقليل خطر الإصابة بأي مشاكل صحية أخرى. ولكن في حالة النوع المخاطي والحشوي لا تختفي التقرحات من تلقاء نفسها ولا بد من الخضوع للعلاج في الحالتين، حيث أن عدم العلاج عند الإصابة بهذه الحالات يزيد من خطر حدوث الوفاة.
مضاعفات اللشمانيا
في حالة عدم علاج هذه المشكلة الصحية، قد تحدث بعض المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تهدد الحياة، خاصة عند الإصابة بالنوع الخلوي أو المخاطي. وتتضمن المضاعفات المحتملة ما يلي:
- الالتهابات البكتيرية.
- حدوث ندوب دائمة ومشوهة للجلد.
- عودة المرض مرة أخرى.
- حدوث ثقب في أنسجة الحاجز الأنفي.
- الالتهاب الرئوي.
- التهابات الجهاز الهضمي.
- النزيف الحاد.
- داء البلعمة Hemophagocytic lymphohistiocytosis.
- تعفن الدم.
هل يمكن الوقاية من مرض اللشمانيا؟
لا يتوفر لقاح أو دواء للوقاية من هذا المرض، وتُعتبر الطريقة الوحيدة للوقاية هي تجنب التعرض للذبابة الناقلة للطفيلي في حالة التواجد في مكان انتشارها، ويمكن أن تساعد الخطوات والطرق التالية في تحقيق هذا:
- ارتداء ملابس تغطي أكبر قدر من المناطق الجلدية مثل البناطيل الطويلة والقمصان ذات الأكمام الطويلة مع الحرص على إدخالها داخل البنطلون والجوارب طويلة العنق وغيرهم.
- استخدام طارد للحشرات على أي منطقة جلدية مكشوفة في نهاية البنطلون أو أكمام القميص.
- رش المناطق الداخلية المستخدمة للنوم بالمبيدات الحشرية.
- النوم في أعلى طابق من البناء المستخدم، حيث لا تستطيع الحشرات المسببة لهذا المرض الطيران بشكل جيد.
- تجنب الخروج للخارج ما بين فترة الغسق والفجر، حيث تُعتبر هذه الفترة هي الفترة الأكثر نشاطاً لهذه الحشرات.
- استخدام مكيفات الهواء باستمرار إن أمكن.
- النوم تحت ناموسية، ويُفضل رشها أيضاً بمبيد حشري.
كما يجب الحرص على شراء شبكات السرير (الناموسية) والمبيدات الحشرية وطارد الحشرات قبل السفر للأماكن المعروفة بانتشار هذه الحشرات بشكل كبير.
متى يجب استشارة طبيب؟
يجب استشارة الطبيب في الحالات التالية:
- العيش في منطقة ينتشر بها هذا المرض والتعرض لأعراض قد تُشير للإصابة.
- وجود جرح يستغرق وقت طويل في الشفاء.
- في حالة ضعف المناعة ووجود أي علامات لعدوى أو التهاب.
ويجب الذهاب للطوارئ على الفور في حالات ظهور أعراض خطيرة مثل:
- حمى مرتفعة لا تنخفض.
- صعوبة في التنفس.
- تورم ملحوظ في البطن.
- اصفرار الجلد أو العينين.
- ازرقاق الجلد أو الشفاه أو الأظافر.