هل وجدت نفسك تقضي معظم أوقاتك في المنزل حتى أثناء فترة العمل بعد انتشار فيروس كورونا، وتتعرض لمشتتات كثيرة تُفقدك تركيزك؟ لست وحدك! فقد يجد البالغون الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ADHD صعوبة في التركيز مع وجود مثل هذه المشتتات أكثر من غيرهم. ومن العلاجات المقترحة للحفاظ على تركيز هؤلاء الأشخاص لفترات طويلة أثناء القيام بمهامهم هي الضوضاء البيضاء، فما مدى تأثيرها في الحفاظ على التركيز؟ اقرأ السطور التالية لمزيد من التفاصيل.
العلاقة بين الضوضاء البيضاء و ADHD
قام الباحثون بربط المعلومات الموجودة بالفعل عن الضوضاء البيضاء، وربطها مع مفهوم يسمى stochastic resonance، وترجمته الحرفية “الرنين العشوائي” ويشير إلى الصوت أو الضوضاء العشوائية التي تزيد من إرسال الإشارات، ثم بعد ذلك قاموا بربط هذه المعلومات مع إشارات الخلايا العصبية في المخ.
يعاني الأشخاص الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بمعدلات أقل في تنقل الإشارات العصبية في المخ مقارنة بغير المصابين، وتساءل هؤلاء الباحثون حول إمكانية تأثير أنواع معينة من الأصوات على هذه الإشارات وتحسين الأعراض، وقاموا بالعديد من الأبحاث بشأن هذا المفهوم.
إن معظم الأبحاث التي تم إجرائها ركزت بصفة أساسية على الأطفال في المراحل الابتدائية، والمتوسطة من الدراسة، ومع ذلك يبدو أن نتائج هذه الأبحاث يمكن تطبيقها على المراهقين، والبالغين أيضًا، ويرجح وجود فائدة للضوضاء البيضاء لزيادة تركيز هؤلاء الأشخاص أثناء القيام بالمهام الهامة في المنزل.
أبحاث داعمة للنظرية
هذه بعض الأبحاث التي تمت على الأطفال والمراهقين الذين يعانون من فرط الحركة وتشتت الانتباه وتأثير الضوضاء البيضاء عليهم:
تأثير الضوضاء البيضاء على تشتت الانتباه وفرط الحركة
في دراسة بلجيكية صغيرة على 30 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 7 و 12، ويعاني 13 طفل منهم من اضطراب فرط الحركة، بينما 17 لا يعانون منه، وتم إعطاء هؤلاء الأطفال مجموعة من المهام المعتمدة على الذاكرة والتلفظ memory and verbal tasks بحيث تتم هذه المهام مع تشغيل الضوضاء المقصودة، وأخرى لم يتم تشغيل أي نوع من الأصوات.
أظهرت نتائج هذه الدراسة ما يلي:
- الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه قاموا بتأدية المهام المطلوبة منهم أثناء فترة تشغيل الضوضاء البيضاء بصورة أفضل عن الفترة الهادئة.
- الأطفال الذين لا يعانون من ADHD أظهروا العكس، حيث أدّوا المهام في فترة الهدوء بصورة أفضل.
وبناء على النتائج السابقة، استنتج الباحثون وجود فائدة للضوضاء البيضاء في تحسين أداء أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه في المهام الموكلة إليهم، بالإضافة إلى ملاحظة التحسن في أولئك الذين كانوا يتناولون الأدوية لعلاج الاضطراب، والذين لا يتناولون الدواء.
كما وجدوا أن تأثير هذه الضوضاء هو تحسين الانتباه فقط، ولكنه لم يؤثر على فرط النشاط.
تأثير الضوضاء البيضاء على التركيز الدراسي
قامت دراسة صغيرة أخرى لمعرفة مدى تأثير هذا النوع من الضوضاء على مدى تركيز الأطفال الذين يعانون من ADHD أثناء الدراسة من دون القيام بأي سلوكيات أو أنشطة جانبية، حيث استمع الطلاب للضوضاء من خلال سماعات الأذن، ولوحظ استمرارهم في القيام بالمهام الدراسية من دون سلوكيات جانبية كثيرة، على عكس ارتداء السماعات فقط لحجب الأصوات الخارجية.
تأثير أنواع مختلفة من الضوضاء على الأداء الدراسي للمراهقين
وفي هذه الدراسة، اختبر الباحثون قدرات 52 مراهق على دقة القراءة، والكتابة مع التعرض لأنواع مختلفة من الضوضاء، سواء الضوضاء البيضاء، أو أصوات ثرثرة، ووجدوا النتائج الآتية:
- تحسن أداء المراهقين الذين استمعوا لضوضاء بيضاء، إذ استغرقوا وقتًا أقل لقراءة المهمة وكتبوا المزيد من الكلمات للمقالة، ومع ذلك لم تحسن الضوضاء الدقة الأكاديمية (جودة وصحة المعلومات).
- وجد المراهقون الذين استمعوا لأصوات الثرثرة صعوبات في قراءة المهام، والقيام بها.
وبناء على النتائج، وجد الباحثون أن الضوضاء البيضاء حسنت من وقت القراءة، والقدرة على الكتابة، ولكنها لم تحسن من الدقة الأكاديمية.
الضوضاء البيضاء في حياتنا اليومية
نستنتج مما ذُكر في هذا المقال، أن الضوضاء البيضاء قد تكون فعالة في استعادة التركيز للأشخاص الذين يعانون من فرط الحركة وتشتت الانتباه في مواقف ومهام معينة، ويمكنهم الحصول على هذه الأصوات من مصادر مختلفة مثل الأجهزة المحيطة، أو تطبيقات الهاتف، أو المقاطع الصوتية المنتشرة على الإنترنت.
ومع ذلك إذا وجدت صعوبات في التركيز حتى مع وجود ضوضاء بيضاء، فقم بإيقافها ولا تُجبر نفسك على ما لا تجده مريحًا بالنسبة لك، وابحث عن أي أمور أخرى تساعدك على التركيز بصورة أفضل.