من منّا لا يسعى للنوم بعمق، وللاسترخاء، وحياة أكثر إنتاجية بعيدًا عن الضوضاء المحيطة والمشتتات المختلفة؟ هل شغلت من قبل أصوات هادئة مثل صوت شلال مياه، أو صوت جهاز كهربائي أثناء قيامك بأعمال تتطلب تركيز، أو قبل الخلود للنوم؟ تُسمى هذه الأصوات بالضوضاء البيضاء، فما هي؟ وما هي فوائدها؟ وهل حقًا تساعد في الاسترخاء والنوم؟ اقرأ السطور التالية لمزيد من التفاصيل.
ما هي الضوضاء البيضاء؟
تسمى أيضا الضجيج الأبيض، وبالإنجليزية White noise، هي عبارة عن أصوات منخفضة، ومتوسطة، وعالية التردد على نفس مستوى الحدة.
تُقاس الموجات الصوتية بوحدتين وهما “التردد Frequency” ويشير إلى سرعة اهتزاز الموجات في الثانية ويقاس بالهرتز Hertz، و “السعة amplitude” أو القوة وهي تشير إلى حجم الموجات وتقاس بالديسيبل decibels.
وتستخدم العلاقة بين تردد وسعة الموجات الصوتية إلى معرفة “لون” الضوضاء، والتي تتشارك مع خصائص موجات الضوء. ولإنتاج الضجيج الأبيض، يتم تشغيل كل تردد يمكن للإنسان سماعه على نفس السعة، مما ينتج عنه صوت تشويش وهو نفس الصوت الذي تستمع إليه عند الانتقال من محطة لأخرى على الراديو أو التليفزيون، وهو يشبه تمامًا الضوء الأبيض الذي يتكون من جميع الأطوال الموجية للألوان الأخرى، لذلك يُعتقد بأن الضوضاء البيضاء تتكون من ترددات مختلفة.
أما ما يُطلق عليه مصطلح “الضوضاء السوداء” فهو يعني الصمت المطلق.
أمثلة صوت الضوضاء البيضاء
إضافة إلى صوت الراديو المذكور في الفقرة السابقة، هناك العديد من الأصوات الأخرى مثل:
- صوت المروحة.
- صوت الاستشوار.
- صوت الثلاجة.
- صوت المكنسة.
- صوت جهاز المكيف.
فوائد الضوضاء البيضاء الصحية
تظهر فوائد الضجيج الأبيض في أنه يساعد على تغطية الأصوات المحيطة مما يساعد الاسترخاء، وعلاج بعض المشاكل، كما يلي:
الضوضاء البيضاء للنوم
في دراسة أجريت عام 2021، وجدت أن استخدام أصوات الضجيج الأبيض حسّن من القدرة على النوم للأشخاص الذين يعانون من الصعوبات نتيجة الضوضاء من البيئة المحيطة، واستنتج الباحثون أن استخدام هذه الأصوات قد يكون مفيدًا للنوم وخاصة في المناطق الحضرية، وللأشخاص الساكنين بالقرب من الطرق، والزحام.
ووجد الباحثون أيضًا أنها لا تساعد فقط على النوم، بل تساعد أيضًا على الاستمرار فيه، فقد لا تسبب الأصوات العالية مثل غلق الباب استيقاظك من النوم بالضرورة لأنها عالية، بل قد يكون التغير في تناسق الأصوات من منخفض إلى مرتفع قويًا بما يكفي لمقاطعة النوم، أما الضوضاء البيضاء فهي تخلق حالة من تغطية الصوت التي تغطي تغيرات الأصوات المفاجئة، لذلك فقد تكون مفيدة للأشخاص الذين لا يحبون النوم في بيئة صامتة تمامًا.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد الأشخاص الذين يعملون في الفترات المسائية، ويحتاجون للنوم في فترة الصباح.
الضوضاء البيضاء للأطفال والرضع
يشجع هذا النوع من الأصوات على نوم الأطفال الرضع كما يساعد في نوم الكبار.
ففي دراسة نُشرت عام 1990، وجدت أن الضوضاء البيضاء مفيدة للأطفال الرضع وحديثي الولادة، إذ قامت هذه الدراسة على 40 طفل، ووجدت أن حوالي 80% من هؤلاء الأطفال ناموا بعد حوالي 5 دقائق من الاستماع لأصوات الضوضاء البيضاء.
الضوضاء البيضاء لطنين الأذن
قد تستخدم هذه التقنية كأحد الأساليب العلاجية لطنين الأذن تحت مسمى “المعالجة بالأصوات Sound therapy”، وهو عبارة عن استخدام أصوات خارجية كي تساعد المريض على تغيير تصوره عن طنين الأذن، أو رد فعله تجاهه. وهو لا يعالج الطنين، ولكنه يساعد في تخفيف شدته عن طريق تغطية الصوت إما كليًا أو جرئيًا.
تساعد على التركيز
إضافة إلى الفوائد السابقة، يمكن استخدام الأصوات الصادرة من الضوضاء البيضاء للتركيز في المهام التي تتطلب الانتباه الشديد، وهناك العديد من الدراسات التي أجريت في هذا الشأن، وخصوصًا على مرضى اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD سواء الكبار أو الأطفال.
كيف يمكن الحصول على الضوضاء البيضاء؟
توجد العديد من المصادر المتوفرة التي يمكن الحصول على هذه الأصوات من خلالها، وتتضمن:
- أصوات الأجهزة المحيطة.
- أجهزة الضوضاء البيضاء، وهي أجهزة صممت خصيصًا لهذا الغرض.
- يمكنك البحث عن تطبيق الضوضاء البيضاء على الهاتف المحمول.
- مصادر صوتية أو مرئية مختلفة من الإنترنت.
أضرار الضوضاء البيضاء
رغم فوائدها، إلا أنه لابد من الحرص على ضبط درجة الصوت Sound volume الصادر من جهاز الضوضاء البيضاء، أو من المصادر الأخرى، وخصوصًا عند استخدامها مع الأطفال، ففي دراسة عام 2014 وجدت أن مستويات الصوت العالية قد تسبب تلف السمع عند الرضع، كما أنها قد تؤثر على بعض جوانت التطور مثل الكلام، أو اللغة، لذلك يجب مراعاة الآتي عند ضبط مصدر الصوت:
- ضبط أقل درجة صوت يمكن الاستفادة منها.
- تشغيلها لفترات قصيرة من الوقت.
- مراعاة وجود مسافة كافية بين مصدر الصوت، وبين الطفل النائم.
- يمكن إغلاق مصدر الصوت بمجرد نوم الطفل.
وبخصوص الكبار، لا يجب أن تتجاوز سعة الصوت 70 كما تشير المصادر، إذ قد تتسبب الأصوات الأعلى من 85 تلف السمع مع مرور الوقت.
الفرق بين الضوضاء البيضاء والضوضاء الوردية
كما أوضحنا لك، يستخدم الضجيج الأبيض مزيجًا من ترددات الأصوات لخلق صوت واحد ثابت، ويمكن أن يكون مكثفًا، وعالي النبرة كالمروحة أو المكنسة.
أما الضوضاء الوردية، فتستخدم ترددًا ثابتًا أو نغمات لخلق صوت متناسق، ومسطح مثل صوت هطول الأمطار المستمرة، أو صوت أوراق الأشجار مع الرياح، أو صوت الأمواج، وهي أعمق إلى حد ما، وأقل انخفاضًا في الموجات الصوتية، وبالتالي تعمل على تصفية الأصوات الأعلى مما يساعد على الاسترخاء.