الانسحاب معركة الإدمان الأخيرة من مذكرات مدمن سابق

معركة الإدمان الأخيرة من مذكرات مدمن سابق 1

ADVERTISEMENT

الأمر كله بدأ على نحو غير متوقع أثناء زيارتي لأحد الأصدقاء في المصحة النفسية التي يعمل بها كطبيب مقيم، ليفاجئني بعثوره على هذه المذكرات الخاصة بأحد المدمنين في غرفة الأمانات، وقد تصفحها على أمل أن يجب ما يعبر عن شخصية صاحبها، ولكن ما وجده كان مفاجأة!

لم يجد ما يعبر عمن كتب هذه المذكرات، ولكنه وجد في محتواها وصفًا دقيقًا لما يمر به محارب يخوض معارك شرسة ضد الإدمان! معارك ضارية، تم وصفها في مجموعة قصاصات!

ADVERTISEMENT

 

القصاصة الأولى:

 

ADVERTISEMENT

(اليوم الأول)

 

هذا يكفي ..

ADVERTISEMENT

لم يكن هذا المقال الذي قرأته منذ شهور ليجبرني على اتخاذ قرار كهذا، رغم أن كلماته ظلت تتردد في عقلي، على أي حال، فإنني لست هذا الشخص الذي تحركه الكلمات ليتخذ قرارًا بهذه الصعوبة .

ليتني كنت شخصًا تحركه الكلمات، حينها لم أكن لأحتاج أن أخسر اثنين من أصدقائي نتيجة جرعات زائدة من المخدرات في خلال شهر واحد، لكنني للأسف لم أتحرك إلا عندما رأيت تلك النظرة الأخيرة في أعينهم، حتى تلك النظرة رغم بشاعتها لم تؤثر في من أول مرة، يبدو أن عقلي يتآكل وإدراكي لهول الكارثة منقوص بفعل هذه السموم التي تسير في دمي.

 

ADVERTISEMENT

الآن فقط قررت أن أتوقف!

 

 

ADVERTISEMENT

القصاصة الثانية:

 

أعراض انسحاب المخدرات، — اكتب اليوم من تحت القصف ..

 

ADVERTISEMENT

السموم اللعينة ترفض أن تنسحب في صمت، وكأنها إخطبوط شرير لا يرضيه إلا أن يبتلع كافة فرائسه، ألا يكفي هذين الصديقين لإشباع نهمه للموت و الخراب ؟! لماذا ينشب مخالبه في رقبتي بهذه الضراوة؟

لا أبالغ عندما أقول إنني أشعر بكل الأعراض التي يمكن أن يشعر بها إنسان، يبدو أن انسحاب المخدرات من جسدي وضعه تحت ضغط شديد مما أدى إلى زيادة إفراز الأدرينالين بصورة عنيفة –هكذا شرح لي طبيبي-.

 

أعراض انسحاب المخدرات من الجسم تشمل:

– قلق وتوتر نفسي شديدين.

– تقلصات عضلية مؤلمة في كافة أنحاء الجسم.

– إرهاق عام.

– غثيان وقيء.

– إسهال.

– أرق.

– إفرازات مخاطية زائدة من الأنف.

– إفرازات دمعية زائدة من العين.

– تعرق شديد.

– عصبية شديدة و عنف تجاه الآخرين.

– صداع.

– رعشة.

– تسارع في نبضات القلب.

 

كما أن هناك بعض الأعراض التي تمثل تهديد لحياة الإنسان و تشمل :

– التشنجات.

– الأزمات القلبية.

– الجلطات.

– الهلاوس القوية.

– الخلل الإدراكي المتقدم .

 

 

القصاصة الثالثة:

 

علاج أعراض انسحاب المخدرات من الجسم، لقد وعدني طبيبي أن يعطيني أدوية تساعد على تخفيف أعراض الانسحاب، لكن المشكلة أنني – حتى الآن – لم أعطه وصفًا دقيقًا لنوع المخدرات التي كنت أتناولها، ففي الفترة الأخيرة وصلت لدرجة سيئة للغاية؛ حيث كنت أتناول العديد من التركيبات في نفس الوقت بما تحتويه من أنواع متعددة من المخدرات.

 

لكل نوع من المخدرات خطة علاجية خاصة بأعراض الانسحاب تتوقف على نوع المخدر والآلية التي يعمل بها على المخ و الجهاز العصبي، والمبدأ العام هو أن أدوية علاج أعراض الانسحاب تنقسم إلى :

 

– أدوية مضادة للمخدر : و هي الأدوية التي تستهدف نفس المستقبلات العصبية التي يعمل من خلالها المخدر ؛ بحيث تمنع المخدر من الوصول لهذه المستقبلات .

لقراءة المزيد من التفاصيل عن الأدوية المخصصة لكل نوع من الإدمان راجع مقالات : علاج إدمان الهيروينعلاج إدمان الكبتاجونعلاج إدمان الترامادولعلاج إدمان الكحول .

 

– أدوية مهدئة مساعدة : وهي أدوية تساعد في تخفيف الأعراض النفسية للمريض من خلال جرعات صغيرة تحت الإشراف الطبي المباشر.

– أدوية للأعراض العضوية: وهي عبارة عن أدوية تستهدف تخفيف الأعراض العضوية مثل الألم والقيء والإسهال، وذلك من خلال الأدوية التي تتعامل مع هذه الأعراض.

 

القصاصة الرابعة:

 

كم مدة علاج أعراض انسحاب المخدرات من الجسم ؟ إلى متى سيستمر هذا العذاب ؟؟

 

كان هذا هو سؤالي الأول لهذا الطبيب الأحمق الذي وعدني أن ينتهي الأمر في أسرع وقت !!

 

لقد مر أسبوع حتى الآن وما زالت هذه السموم اللعينة تضرب جسدي بضراوة.

 

حديثه عن أن الأمر يختلف من شخص لآخر وفقًا لكثير من العوامل مثل فترة الإدمان، وأنواع المخدرات، والحالة الصحية والنفسية للمريض .. كل هذا كان يبدو منطقيًا لو كنت في حالتي الطبيعية، لكن في ظروفي الحالية لا استطيع إلا أن أرى هذا الكلام مجرد تبرير لقضائي مزيدًا من الوقت تحت وطأة هذا العذاب.

 

أعراض انسحاب المخدرات من الجسم تنقسم زمنياً لمرحلتين:

– مرحلة الأعراض الانسحابية الحادة:

وهي المرحلة التي يختبر فيها المريض أعراضًا جسدية شديدة، وغالبًا تستمر فترة في حدود 14 يومًا.

 

– مرحلة الأعراض الانسحابية مابعد الحادة:

وهي المرحلة التي تأتي بعد خفوت حدة الأعراض الجسدية  وتتضمن هذه المرحلة أعراضًا نفسية في المقام الأول خاصة بالاشتياق الشديد للشعور بالانتشاء الذي يصاحب تناول المخدرات، بالإضافة إلى بعض الأعراض العضوية.

 

القصاصة الخامسة:

 

مرحلة شهر العسل في علاج إدمان المخدرات، هل هو انتصار أم الهدوء الذي يسبق العاصفة ؟

 

هذا السؤال تردد في ذهني طوال الأسبوع الماضي – ثالث أسابيع حربي ضد الإدمان – لقد تحسنت الأعراض الفظيعة الخاصة بالمراحل الأولى من الانسحاب.

 

أشعر اليوم بثقة وفخر بنفسي لم أشعر بهم من قبل .. أنا متفائل للغاية ومتأكد من أنني سأنتصر على هذا الوحش اللعين!

 

علاج الإدمان ينقسم لعدة مراحل هي (مراحل علاج الإدمان):

 

1 – مرحلة الانسحاب:

و هي عبارة عن الأيام الأولى بعد الامتناع عن المخدر، وتتضمن العديد من الأعراض الجسمانية.

 

2 – مرحلة شهر العسل:

بعد تخطي المدمن للفترة الأولى الخاصة بانسحاب المخدر، وتتضمن هذه المرحلة شعور المريض بسعادة كبيرة لانتهاء المعاناة الخاصة بأعراض الانسحاب، بجانب ارتفاع ثقة المريض في نفسه وتقديره لذاته.

 

3 – مرحلة الواقعية:

بعد مرور فترة على مرحلة شهر العسل، يبدأ المريض في الاحتكاك بالواقع بوعي أكبر لم يكن يتثنى له خلال إدمانه للمخدرات؛ مما يؤدي إلى إدراكه للتحديات المتعددة التي يقابلها في الحياة وأن مشوار التوقف عن الإدمان ما زال في بدايته، من هنا يبدأ المريض في الشعور بالقلق والاكتئاب.

 

4 – مرحلة التأقلم:

يصل المريض إلى هذه المرحلة عندما يستطيع التأقلم الإيجابي مع الواقع بفضل إصراره وعزيمته بجانب انتظامه على خطة العلاج والمتابعة مع طبيبه.

 

5 – مرحلة التعافي:

في هذه المرحلة يصبح الشخص قادرًا على استكمال حياته مع استبعاد أي تفكير داخله للعودة إلى المخدر تحت أي ظرف، وعند وصول الشخص لهذه المرحلة بشكل صادق وطويل المدى يتم اعتباره قد وصل لمرحلة التعافي النهائي من إدمان المخدرات.

 

 

القصاصة السادسة:

 

الاكتئاب وعلاج الإدمان، ما هذا الواقع المزري؟

لا أدري ماذا يحدث !! أين ذهب تفاؤلي وثقتي في قدرتي على الانتصار ؟؟ يا لهذا الوحش الخبيث، لقد تركني منتشيًا بانتصاري في المعركة الماضية وذهب هو ليحضر لجولة جديدة.

 

جولة الاصطدام بالواقع .. وليس أسوا من واقعي كشخص مدمن بكل ما فيه من نظرة متدنية للمجتمع تجاهي، وسنوات تأخرت فيها عن رفاقي في العمل والدراسة، وحياة اجتماعية منهارة، ومتطلبات مادية يجب أن أوفي بها!! كيف سأواجه كل هذا و أحارب الإدمان في نفس الوقت.

 

لا أريد أن استسلم مرة أخرى لهذا الوحش، ولكن مواجهة الواقع لا تقل ضراوة .. ورود خواطر العودة لعالم الوهم الجميل تثير فزعي، ولكنها تراودني بشدة!!

 

نصائح اجتياز مراحل ما بعد انسحاب المخدرات:

 

– الصبر :

الصبر مفتاح الفرج .. هذا المبدأ المغروس في تراثنا يعتبر أحد المبادئ الأساسية للمريض لتخطي مراحل ما بعد انسحاب المخدر.

من الطبيعي أن يشعر المريض برغبة شديدة في اجتياز مراحل علاج الإدمان بأقصى سرعة ممكنة، وهنا ينبغي التفرقة بين الحماس والإصرار و بين التسرع الأهوج؛ فالأول هو مفتاح النجاة والثاني هو مفتاح الهلاك.

 

يجب الانتباه لأن الجسم في هذه المرحلة يكون هشًا للغاية، والمخ يكبت داخله الرغبة في العودة إلى المخدرات، ولكن هذه الرغبة تتحين الفرصة للانقضاض مرة أخرى، لذا فإن التسرع الأهوج في مراحل ما بعد انسحاب المخدرات يؤدي إلى إنهاك الجسم والعقل بشكل زائد عن قدرة احتمال المريض، وهنا تكون اللحظة الذهبية لأفكار العودة للمخدرات للهجوم.

 

–  البعد عن السخط:

من الطبيعي أن تمر على المدمن خلال مراحل العلاج فترات صعبة سواء من الناحية العضوية أو النفسية أو الاجتماعية، لكن ما لا يعرفه جميع الناس أن السخط على الذات وعدم تقبل هذه الفترات يؤدي إلى تفاقم تأثيرها السلبي؛ لذا يجب على المدمن الحرص على التعايش مع المراحل المختلفة من علاج الإدمان؛ حيث ستمر عليه أيام جيدة يجب أن يستمتع بها ويعيشها لأقصى ما فيها، وأيضًا ستمر عليه أيام صعبة ينبغي عليه فيها أن يقلل من أنشطته نسبيًا لتخفيف الضغط النفسي.

 

– تحفيز الذات:

يجب على المريض خلال مراحل ما بعد انسحاب المخدر أن يحرص دائمًا على تذكير نفسه بالتقدم الذي حققه، وأن يكافئ نفسه بشكل إيجابي من حين لآخر، القسوة على النفس وجلد الذات أكثر من اللازم يضر أكثر مما يفيد؛ لذا لا داعي لها.

 

– الانسحاب ليس آخر التحديات:

لا ينبغي على المدمن أن يفكر أن انتهاء الأسبوع الخاص بأعراض الانسحاب هو نهاية المطاف؛ حيث إنه من الوارد في أغلبية الحالات أن يستيقظ بعد بضعة أسابيع ليفاجأ أنه يعاني من صداع وعدم قدرة على النوم مع توتر نفسي غير معتاد، هذه الأعراض الانسحابية قد تعود من حين لآخر خلال السنتين اللتين تليان التوقف عن المخدرات.

 

ربما يكون التفكير في أن هذا لن يحدث أمرًا مريحًا على المدى القصير، لكنه يجعل المريض أقل جاهزية لمواجهة العدو من جديد، على عكس استعداد المريض نفسيًا للمرور بمثل هذه التجربة لبضعة أيام من حين لآخر؛ حيث سيكون مدركًا لما سوف يواجهه و بالتالي قادرًا على الانتصار بإذن الله.

 

– الهدوء مفتاح ذهبي:

التوتر والعصبية الزائدة تجاه مراحل التعافي من الإدمان لها تأثير سلبي على المخرج النهائي، على عكس الهدوء الذي يساعد في عدم تضخيم الأعراض المختلفة أثناء مراحل ما بعد الانسحاب.

 

وهذا الهدوء يتم الوصول إليه من خلال عدة طرق من أهمها الوعي بمراحل التعافي من الإدمان، والاندماج في أنشطة روحانية مطمئنة للنفس، والبعد عن العوامل المثيرة للتوتر بشكل عام.

 

القصاصة السابعة:

 

لن أستسلم !

 

أكتب اليوم آخر صفحات نضالي ضد المخدرات من داخل المصحة النفسية التي خضعت فيها للعلاج.

 

لقد بدأت تراودني شكوك وقلاقل عن كون الأدوية التي أتناولها داخل المصحة سوف تسبب لي نوعًا بديلاً عن الإدمان عليها، ولكن صديقي الطبيب طمأنني بهذا الشأن، وفي المقابل فقد وعدته بالانتظام على خطة العلاج الدوائي وعدم التأخر عن مواعيد جلسات العلاج النفسي والمتابعة الدورية إن شاء الله.

 

أتطلع إلى استعادة حياتي، لكنني من بعيد أرى شبح المعركة الأخيرة ضد ما يسمى بالانتكاسة.

 

أدرك أن هذه المعركة سوف تكون الأكثر ضراوة من أي معركة سبقتها، لكنها المعركة الأخيرة حيث فرصتي في إعلان انتصاري النهائي في هذه الحرب.

 

أنا مستعد لخوض هذه المعركة بكل شراسة، وأدعو الله أن يلهمني الصبر والقوة.

 

لن أستسلم بعد أن ذقتُ طعم الانتصار!

 

 

يبدو عزيزي القارئ أنك قد عشتَ، تلك القصاصات التي تركها ذلك المتعافي، الذي أسأل الله أن يثبته على جلده ومثابرته، أنت أيضًا أخبرنا عن رأيك في تلك الأوراق، وإن كانت لديك قصة شبيهة، فنرجو أن تخبرنا بها…

 

 

اخترنا لك أيضًا:

 

 

إعداد د. كريم عادل مكاوي

التدقيق اللغوي. محمد عصام

فــريــق كل يوم معلومة طبية

اقرأ المزيد في قسم صحة عامة

 

ADVERTISEMENT

هل كان هذا المحتوى مفيدا؟

جار التحميل...
كتب بواسطة كل يوم معلومة طبية - المراجعة والتدقيق: طاقم ديلي ميديكال انفو
تاريخ النشر: تاريخ التحديث:
قد يعجبك أيضا
هذا الموقع يستخدم الكوكيز لتقديم أفضل تجربة تصفح اعرف المزيد