رغم شدة انحدار طريق إدمان المخدرات مثل إدمان الهيروين، وسرعة السقوط إلى الهاوية، يستفيق بعض مدمني هذا المخدر إما من تلقاء أنفسهم بعد إدراك خطورة ما يفعلونه، أو بمساعدة ذويهم وأصدقائهم، ويحاولون التوقف بشتى الطرق، وننصح بأهمية علاج إدمان الهيروين في المراكز المتخصصة لعلاج هذه السموم نظرًا لتفهمهم طبيعة الإدمان وأعراض انسحاب الهيروين المترتبة وكيفية التعامل معها. في السطور التالية، سنتعرف على كل ما يخص مرحلة ما بعد إيقاف هذا المخدر وعلاجه.
قرار علاج ادمان الهيروين
يبدأ قرار علاج إدمان الهيروين باستيعاب المتعاطي خطورة ما يفعله، إذ يبحث عن مركز متخصص، ويبدأ رحلة العلاج. ويجب العلم أنه لا يوجد علاج محدد بمجرد تناوله يُشفى المدمن من إدمانه، ولكنها سلسلة من العلاجات المترابطة سواء أكانت علاجات دوائية أو علاجات نفسية تساعده في الشفاء، ويعتمد كل من مدة التعافي من الهيروين وتحديد العلاجات المناسبة على:
- إرادة الشخص ورغبته في التخلص من الإدمان.
- مقدار الهيروين الذي يتعاطاه وطول مدة الإدمان.
- إذا كان يتعاطى أي مخدرات أخرى أو يتناول الكحول.
- إذا كان يعاني من أي أمراض مزمنة، أو أي مشكلات نفسية.
- إذا كان لديه تاريخ سابق من إدمان أي مخدر.
طريقة علاج ادمان الهيروين
يسعى الفريق الطبي لعلاج ادمان الهيروين عن طريق العديد من الطرق وفقًا لطبيعة كل حالة مثل طرده من الجسم “Detox” بالعلاج الدوائي، ويلزمه العلاج السلوكي بعد ذلك، وكلا الطريقتين تساعدان في استعادة وظائف الدماغ واسترجاع التصرفات الطبيعية، وقد يحتاج المدمن إلى الخضوع لإعادة التأهيل إذا كان يعاني من أي أمراض مزمنة أو مشكلات نفسية وعقلية أو إدمان شيء آخر.
أساليب علاج الادمان على الهيروين
توجد خيارات متعددة لعلاج إدمان الهيروين كما أوضحنا لك مُسبقًا وتنطوي على العلاجات الدوائية والعلاجات النفسية والسلوكية، إذ يعتمد كلاهما على استرجاع وظائف الدماغ والسلوكيات إلى درجاتها الطبيعية، وهو ما يساعد الشخص في الرجوع للانخراط في المجتمع مرة أخرى ويزيد من إنتاجيته، وكذلك يقلل من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري والالتهاب الكبدي، كما يحد من السلوكيات الإجرامية المرتبطة بإدمان المخدرات.
ووفقًا لأحد المصادر، توضح الأبحاث أن الجمع بين كلا أسلوبي العلاج ذو تأثير فعال، وفيما يلي بعض المعلومات عن هذه العلاجات.
علاج ادمان الهيروين الدوائي
يعاني مدمني الهيروين عند إيقاف المخدر فجأة من ظهور أعراض انسحابية -نذكرها لاحقًا-، وقد تكون هذه الأعراض شديدة، ولتجنب شدة هذه الأعراض، قد تكون بعض الأدوية الموصوفة مساعدة في مرحلة طرد الهيروين من الجسم، ورغم أن هذه المرحلة ليست علاجًا للإدمان نفسه، إلا أنها تعد أولى الخطوات الهامة في العلاج.
وتنقسم الأدوية إلى ثلاثة أنواع وهم الأدوية الناهضة التي تنشط مستقبلات الأفيون في الدماغ، والناهضات الجزئية التي تنشط المستقبلات لكن مع إعطاء استجابة أقل، والمضادات التي تمنع المستقبلات الأفيونية، وفيما يلي أمثلة لبعض المواد الفعالة المستخدمة المذكورة في المصادر:
- ميثادون Methadone: وهو من الأدوية الناهضة لمستقبلات الأفيونات، ويعطيه المتخصصون في مراكز علاج الإدمان للمريض في شكل أقراص تؤخذ عن طريق الفم مما يجعله يصل إلى الدماغ بصورة أبطأ، وبالتالي تحجيم الشعور بالنشوة بمجرد الحصول على جرعة الهيروين بطرق التعاطي الأخرى.
- نالتريكسون Naltrexone: وهو من مضادات المستقبلات الأفيونية، وهو لا يسبب الإدمان والاعتماد الجسدي، ويواجه المرضى صعوبة في الامتثال للعلاج كما يوضح أحد المصادر نظرًا لاحتمالية تسببه في أعراض انسحابية شديدة في حال كان المخدر لا يزال في الجسم، وقد أدى ذلك إلى الحد من فاعليته، ويوضح أحد المصادر أنه تم اعتماد الحقن ممتدة المفعول منه في عام 2010 كعلاج وقائي لمنع الانتكاس بعد طرد الهيروين من الجسم.
- كلونيدين Clonidine: وهو يُستخدم لتخفيف الأعراض الانسحابية مثل القلق والتهيج والتعرق، ولكنه لا يساعد في الحد من الرغبة الملحة للحصول على جرعة المخدر.
- بوبرينورفين Buprenorphine: ويُستخدم لعلاج الأعراض الانسحابية أيضًا، ويستخدم كالميثادون في طرد الهيروين من الجسم، وعادة ما يتم استخدامه مع دواء نالوكسون Naloxone الذي يساعد في منع الاعتمادية أو إدمان الدواء.
العلاج السلوكي
يعد هذا النوع من العلاجات فعالًا في علاج ادمان الهيروين، وقد يتضمن العلاج الفردي أو العلاج الجماعي، وكذلك تحفيز المرضى على عدم الرجوع للمخدر مجددًا، ويساعد في:
- التعرف على محفزات الإدمان.
- تعلم مهارات التعامل والتأقلم مع مواجهة الرغبة الشديدة.
- تعلم كيفية التعامل مع الانتكاس.
- التعامل مع المشكلات التي قد تؤثر في العاطفة.
وإضافة إلى ما سبق، يناقش الفريق الطبي أسرة الشخص الخاضع للعلاج ويعلمونهم كيفية التعامل معه ودعمه نفسيًا لمنع العودة والانتكاس، وكذلك يخضع المريض للفحوصات الطبية الأخرى للكشف عن الإصابة بأي أمراض أو عدوى فيروسية.
مدة خروج الهيروين من الجسم بعد آخر جرعة
يؤثر الهيروين في العديد من خلايا الجسم، وتختلف فترة خروج الهيروين من الجسم حسب طبيعة الاختبار الذي يخضع له المريض، إذ وافقت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية على اختبار وجود الهيروين سواء عن طريق الدم أو اللعاب أو البول أو بصيلات الشعر، وفيما يلي مدة خروج البودرة من الجسم المتوقعة وفقًا لأحد المصادر:
- الدم واللعاب: يظل الهيروين في الدم لمدة قد تصل إلى 6 ساعات، وفي أنواع معينة من الاختبارات قد يصل إلى يومين.
- مدة بقاء الهيروين في البول: يظل الهيروين في البول لمدة 48 ساعة، وقد يصل في بعض الاختبارات الأخرى لمدة تصل إلى 7 أيام.
- الشعر: وهو أكثر مكان في الجسم من حيث مدة بقاء الهيروين فيه، إذ تصل إلى ما يزيد عن ثلاثة أشهر.
أعراض انسحاب الهيروين من الجسم
نظرًا لكوْن الهيروين من المخدرات التي تسبب اعتمادية الجسم، فقد يظهر على المتعاطي أعراض انسحابية بعد عدة ساعات من إيقافه، وتختلف اعتمادية الجسم للدواء من شخص لآخر، ومن الأعراض الانسحابية المبكرة للهيروين:
- الهياج، والرغبة الشديدة والملحة في الحصول على الجرعة.
- القلق والاكتئاب.
- ألم العضلات.
- زيادة الدموع.
- الشعور بالغثيان والقيء.
- الأرق واضطرابات النوم.
- تقلصات البطن.
- اتساع حدقة العين.
- سيلان الأنف.
- التعرق.
- التثاؤب.
- ضعف الانتباه وصعوبات في اتخاذ القرار.
- فقدان الرغبة في فعل أنشطة كانت ممتعة بالنسبة له سابقًا.
- مشكلات في الذاكرة قصيرة المدى.
وعلى الرغم من أن هذه الأعراض مزعجة للغاية، فإنها لا تهدد الحياة، وتبدأ عادة بعد حوالي 12 ساعة من آخر تعاطي لجرعة الهيروين.
خلاصة القول تختلف مدة التعافي من الهيروين بين شخص وآخر وفقًا للعديد من العوامل، ويُستخدم العلاج الدوائي والعلاج السلوكي في مراكز علاج الإدمان، ويجب حصول المدمن على الدعم من أقاربه وأصدقائه في أثناء تلقيه العلاج لمنع الانتكاس مجددًا.
كلمة أخيرة
إن طريق الإدمان يبدأ بفضول، برغبة مُلحة لتجربة جديدة اعتقادًا من الشخص -خطئًا- بأنها مجرد تجربة لمرة واحدة فقط، ويا لها من مرة! إذ ينساق وراء شعور النشوة الذي تسببه، ثم ينتهي به المطاف إلى الحاجة الملحة للمخدر وتقديم تنازلات من أجل الحصول على جرعة واحدة، فاحرص -كل الحرص- على عدم الانسياق وراء هذه الرغبة، وانتقي أصدقائك بعناية.