جرعات موسـيقية تغيّب الوعي ! .. موسيقى صاخبة توحي بنشوة التعاطي بين المراهقين ! … المخدرات الرقمية وحش جديد يفتك بالشباب !
بدأت هذه العناوين في الإنتشار مؤخراً على العديد من المواقع الإخبارية العربية لتثير الإنتباه إلى خطر جديد يهدد الشباب و هو خطر المخدرات الرقمية … لكن هل هذا الخطر هو خطر حقيقي ؟ أم أن الأمر يشوبه بعض المبالغة ؟ هذا ما سنعرفه تفصيلاً في جولتنا مع السر وراء المخدرات الرقمية . . .
– ما هي المخدرات الرقمية ؟
المقصود بالمخدرات الرقمية وفقاً للأخبار المتداولة هو نوع خاص من الموسيقى ذات الترددات المميزة و التي يعتقد أن لها تأثير على درجة نشاط المخ و استقباله للألم و إدراكه للبيئة المحيطة .
– كيف تؤثر المخدرات الرقمية على المخ ؟
النظرية الخاصة بعمل المخدرات الرقمية تشبه مجموعتين من الحقائق و الملاحظات المعملية اللتان تقفان على طرفي جسر . . .
– المجموعة الأولى :
1 – هناك أجزاء من مخ الإنسان خاصة بتميز فرق الترددات بين الأصوات الصادرة من الأذنين .
2 – إدخال أصوات بترددات ذات فرق طفيف بين الأذنين يجعل منطقة المخ الخاصة بتمييز الترددات تشعر بهذا الفرق في التردد بين الأذنين .
3 – من هنا يأتي شعور الإنسان بهذا التردد الثالث ( الفرق بين الترددين ) و كأنه صادر من داخل الدماغ نفسها و ليس من خارجها .
– المجموعة الثانية :
1 – إرسال إشارات عصبية بتردد ثابت يؤدي إلى أن تصدر الأعصاب إشارات كهربية بنفس التردد .
2 – كل نشاط من أنشطة الجسم ( استرخاء ، تركيز ، سعادة ، الخ ) يصاحبه موجات كهربية من المخ بترددات معينة يمكن تسجيلها بجهاز رسم المخ.
3 – المخ مجموعة الشبكات العصبية المترابطة ، لذا فإن تحفيز جزء من المخ بشكل متكرر لمدة كافية يمكن أن يؤثر على نشاط باقي أجزاء المخ.
– تلتقى هاتان المجموعتان من الحقائق لتشكل افتراض يشكل أساس المخدرات الرقمية و هو أن :
تحفيز منطقة المخ المتخصصة بتمييز الترددات بشكل متكرر لمدة زمنية كافية يؤدي إلى أن تصدر الأعصاب المرتبطة بهذه المنطقة إشارات كهربية بنفس التردد لباقي أجزاء المخ . و من هنا يمكن إنتاج ترددات للنشاط الكهربي داخل المخ تحاكي شعور المخ بالاحساسيس المختلفة مثل السعادة أو الاسترخاء أو التركيز الخ .
– مثال :
1 – تعطي أحد الأذنين أصوات بتردد 400 هرتز ، و الأذن الأخرى أصوات بتردد 410 هرتز .
2 – تستقبل منطقة المخ الخاصة بتمييز الترددات الفرق بين الأصوات في الأذنين (10 هرتز) .
3 – مع تكرار هذه الأصوات يستمر تحفيز منطقة المخ المتخصصة هذه بنفس التردد .
4 – بعد وقت كافي تبدأ الأعصاب المخية المرتبطة بهذه المنطقة من المخ بإصدار موجات كهربية عصبية بنفس التردد تنتشر لباقي أجزاء المخ .
5 – يصبح هذا التردد (10 هرتز) المنتشر لباقي أجزاء المخ سبباً لمحاكاة الوضع العصبي للمخ في حالة معينة ( سعادة ، استرخاء ، تركيز ، الخ) .
6 – هكذا يمكن الحصول على شعور زائف مصدره المخ نفسه بالسعادة مثلاً .
هذا هو الافتراض النظري وراء المخدرات الرقمية … فماذا عن الحقيقة الفعلية في عالم الواقع ؟
تعرف على حقيقة المخدرات الرقمية :
حقيقة المخدرات الرقمية تتمثل في عدة حقائق علمية بناء على الدراسات الفعلية التي تم إجراؤها على المتطوعين، و هذه الحقائق هي :
1 – النقر متباين التردد على الأذنين ( الاسم العلمي للمخدرات الرقمية) ، هو ظاهرة علمية معروفة من أكثر من قرن ، و قد ظلت لفترة طويلة داخل معامل الأبحاث العصبية و الصوتيات .
2 – استخدام النقر متباين التردد على الأذنين ( الاسم العلمي للمخدرات الرقمية) يخضع لمعايير و أدوات معملية دقيقة للغاية للحصول على فروق التردد المضبوطة بين الأذنين .
3 – هناك مواصفات معينة للنقر متباين التردد على الأذنين ( الاسم العلمي للمخدرات الرقمية) ، الأصوات الموجهة على الأذنين تكون في حدود 400 هرتز ، و فرق التردد لا يزيد عن 35 هرتز ، و الخروج عن هذه المواصفات بأقل درجة يمكن أن يؤدي لأضرار جسيمة للجهاز السمعي و العصبي لا سيما مع الاستخدام المتكرر .
4 – من الصعب (إن لم يكن مستحيل ) أن يتم ضبط ترددات الأصوات بهذه الدقة في الأدوات المنزلية مهما كانت درجة تقدمها ، لاسيما مع غياب وجود أدوات إضافية لقياس الموجات و الترددات المنتجة النهائية .
5 – الاختلافات بين الموجات المختلفة للمخ هي اختلافات طفيفة تصل في بعض الأحيان إلى 1 هرتز ، لذا فإن أقل تغيير في التردد يمكن أن يؤدي لنتيجة مختلفة تماماً فيما يخص تحفيز المخ .
6 – الدراسات البحثية الخاصة باستخدام النقر متباين التردد على الأذنين ( الاسم العلمي للمخدرات الرقمية ) من اجل الاسترخاء و تحسين القدرات الذهنية مازالت أبحاث محدودة للغاية من حيث العدد و من حيث حجم العينات الخاضعة للتجربة .
- اقرأ ايضاً : الصوت العالي.. سموم من نوع آخر!!
– المخدرات الرقمية و تأثيرها الخطير على المتعاطين :
1 – يؤدي استخدام النقر متباين التردد على الأذنين ( الاسم العلمي للمخدرات الرقمية ) إلى انخفاض في كفاءة الذاكرة قصيرة المدى الخاصة بالاسترجاع السريع للمعلومات ، وفقاً لبعض التجارب التي أجريت .
2 – وجدت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين خضعوا لتقنية النقر متباين التردد على الأذنين ( الاسم العلمي للمخدرات الرقمية ) قد زادت لديهم معدلات الاكتئاب بعد فترة من الوقت .
3 – الاستخدام المنزلي لتقنية النقر متباين التردد على الأذنين ( الاسم العلمي للمخدرات الرقمية ) يرتبط بخطر حدوث خلل في الجهاز السمعي لا سيما مع عدم نجاح الشخص في الحصول على تأثير انتشائي ، مما يدفعه إلى زيادة درجة الصوت و قوة الترددات ، و هو ما ينعكس سلباً على الجهاز السمعي .
4 – استخدام النقر متباين التردد على الأذنين ( الاسم العلمي للمخدرات الرقمية ) من قبل الأشخاص اللذين يتمتعون بمستويات جيدة من التركيز و القدرة على الإبداع يؤدي لتدهور قدرات هؤلاء الأشخاص ، وفقاً للتجارب المتوافرة.
– ما خطر المخدرات الرقمية على الشباب ؟
1 – انعزال الشاب عن عالم الواقع و السعي لنشوة زائفة لا يوجد حتى دليل علمي مؤكد على وجودها .
2 – حدوث عطب بالجهاز السمعي بسبب الاستماع لأصوات بترددات غير صحية و بشدة صوت كبيرة .
3 – انخفاض الكفاءة الإنتاجية للشخص بسبب انفصاله عن الواقع .
4 – حدوث إدمان نفسي ( و ليس إدمان فعلي ) لهذا النوع من الأصوات ، و ما يصاحبه من دفع نقود من اجل شرائها على الانترنت.
– صور المخدرات الرقمية :
المخدرات الرقمية تتطلب بيئة خاصة ، يمكن اعتبارها بجدارة البيئة المثالية للاسترخاء و خلق وهم النشوة :
1 – وضع سماعات عالية الجودة في الأذنين .
2 – الإسترخاء تماماً و ارتداء ملابس فضفاضة .
3 – الجلوس في غرفة ذات إضاءة خافتة .
4 – الحرص على عدم تعرض جلسة الإستماع إلى أي مقاطعة خارجية .
5 – صوت موسيقى هادئة –غالباً- مصاحب لأصوات النقر ذات الترددات الخاصة .
- اختبر نفسك: هل تتقن الإستماع لصوت الألوان؟
من هنا يمكن الجزم أن هذه الطقوس تمثل السر الحقيقي وراء أي شعور بالاسترخاء أو الانتشاء يصل إليه الشباب الذين يقومون بتجربة هذا النوع من المخدرات الرقمية ، و هو ما يسمي بتأثير الإيحاء النفسي.
– المخدرات الرقمية .. سعر الجرعة :
يمكن شراء الملفات الصوتية التي يتم الترويج لها كمخدرات رقمية من خلال بعض مواقع الإنترنت بتكلفة زهيدة قد تكون في بعض الأحيان في حدود عشرة دولارات ، لكن هل هذا هو فعلاً سعر الجرعة ؟
لا اعتقد ذلك . . . فسعر الجرعة الحقيقة يدفعه الشباب من وقتهم في وهم لا طائل من ورائه ، وهم يضيع عليهم فرصة الإستفادة من أثمن أوقات حياتهم و هو وقت الشباب و الصحة و الطموح . . كما يدفع الشباب سعر الجرعة من صحة جهازهم السمعي الذي يتلف و يتدهور يوم وراء يوم من جراء هذه الموجات الصوتية الغير صحية .
– هل المخدرات الرقمية أشد فتكاً من المخدرات التقليدية ؟
من الناحية العضوية لا يمكن القول أن هذا النوع من المخدرات الرقمية أخطر من المخدرات التقليدية ؛ حيث أن للمخدرات التقليدية آثارها المؤكدة و المثبتة علمياً بنسبة 100% على كافة أعضاء الجسم ، بينما هذه المخدرات الرقمية مازالت تفتقد حتى للدليل العلمي المؤكد على فاعليتها في الوصول للشعور بانتشاء قريب من هذا المصاحب للمخدرات التقليدية .
أما من الناحية الإجتماعية فإن المخدرات الرقمية فعلاً أشد خطراً من المخدرات التقليدية للأسباب التالية :
1 – سهولة الحصول عليها من خلال شبكة الإنترنت .
2 – انخفاض تكلفتها المادية مما يصعب على الآباء ملاحظتها .
3 – عدم وجود أعراض جسمانية واضحة .
4 – إمكان الحصول عليها في أي سن ، فكل ما يتطلبه الأمر جهاز حاسوب في الغرفة .
5 – عدم وجود بنية قانونية لمطاردة و مكافحة هذا النوع من السموم الصوتية .
-إجراءات لمكافحة المخدرات الرقمية:
1 – يجب عدم وقع جهاز الحاسوب في غرفة الأطفال الصغار ، بل يجب أن يكون في مكان مفتوح سهل الرقابة.
2 – يجب تشجيع الأبناء على الإندماج في أنشطة اجتماعية و تطوعية تفرغ طاقاتهم بشكل إيجابي و تمنحهم شعور بتقدير الذات .
3 – يجب بناء روابط إنسانية مع الأبناء خاصة في فترة المراهقة بما يضمن مصارحتهم لكم لتجاربهم الغير أمنة بدون خوف من العقاب .
4 – يجب توعية الشباب بان موضوع المخدرات الرقمية هو مجرد وهم يؤدي لفقدان المال و إضرار الجهاز السمعي ليس أكثر .
5 – يجب تشجيع الشباب على الإندماج في أنشطة بناءة على أرض الواقع بدلاً من الغرق في بحور العالم الإفتراضي ، لا سيماً في الجانب المظلم منه.
– احذروا من تعاطي المخدرات الرقمية . . .
أخيرا لا يسعنا سوى أن ندعو الله أن يحمي شباب أمتنا من كل وهم يضيعون فيه أعز سنوات عمرهم بحثاً عن نشوة زائفة ، تاركين ورائهم أمة فقدت حضارتها و غاب عنها شبابها فجلست تنعي حظها في ذيل الأمم!!
الفيديو
اخترنا لك أيضاً:
إعداد د. كريم عادل مكاوي
فريق كل يوم معلومة طبية
اقرأ المزيد في قسم الصحة العامة