كثيراً ما شاهدنا أفلام تعرض شخصية رجل أو فتاة متلعثمة، يقابلوا الكثير من المشاكل في حياتهم الاجتماعية رغم نبوغ قدارتهم العقلية، بسبب عجزهم عن بناء تواصل لفظي جيد مع الآخرين لإصابتهم بخلل في طريقة الحديث و الكلام، لكن ما لا يعلمه أغلبنا أن التأتأة عند الاطفال مشكلة طبية لها مواصفات خاصة و لها حلول عديدة لعلاجها بمستويات مختلفة، و هذا هو ما سنراه في جولتنا العلمية في هذا المقال
ما تعريف التأتأة عند الاطفال ؟
- التأتأة أو التلعثم هي اضطراب في طريقة التخاطب اللفظي، حيث يتقطع التدفق الطبيعي للكلمات بفعل تكرار بعض المقاطع أو إطالة زمن نطق بعض المقاطع الصوتية و الكلمات و الحروف بسبب عدم قدرة الشخص على نطق كلمة.
- قد يتزامن مع ذلك تزايد معدل غلق العين أو تحريك الشفاة أو الفك و غيرها من التعبيرات الوجهية التي تعبر عن محاولة الشخص مقاومة تقطع كلماته و إتمام حديثة بشكل متتابع.
- قد يزيد من التأتأة عند الاطفال بعض المواقف مثل التحدث أمام جمهور من الناس أو التحدث في الهاتف، بينما قد يساعد على التخفيف من حدة اللعثمة بعض المواقف الأخرى مثل الغناء أو الحديث وحيداً.
- اللعثمة قد تصيب الأشخاص في جميع الأعمار لكنها أكثر شيوعاً في السن الصغير خاصة من 2 إلى 6 سنوات، كذلك نسبة إصابة الأولاد هي 3 أضعاف نسبة إصابة البنات، رغم ذلك فأن أغلب الأطفال المصابين باللعثمة يتخلصوا منها تدريجياً مع النمو في العمر حتى تتقلص نسبتها في البالغين إلى حوالي 1% فقط.
- من أشهر الشخصيات العامة التي يقال أنها كانت مصابة باللعثمة ونستون تشرشل رئيس وزارء بريطانيا في فترة الحرب العالمية و الممثلين مارلين مونروا و بروس ويلز.
كيف نتحدث بدون لعثمة ؟
- بداية يجب أن نعلم أن الحديث هو أحد الوظائف المتقدمة التي يؤديها الإنسان بفضل التناسق العصبي الحركي بين كل من المخ، اللسان، الأحبال الصوتية، الحنجرة، عضلات الحنجرة صغيرة الحجم و كذلك بعض المكونات الدقيقة الأخرى.
- في بداية الحديث نأخذ شهيق لأدخال هواء داخل الرئة، ثم نبدأ في إصدار أول صوت عن طريق مرور الهواء بين الأحبال الصوتية المشدودة مصدراً نغمة، ثم يتوالى إصدار النغمات من الأحبال الصوتية بشكل متتابع لينتج عنها الكلمات و الجمل الطويلة التي نستعملها.
- تتجلى هنا أهمية الحروف في كل لغة حيث أن الحروف تمثل مجموعة تمرينات و حركات صغيرة لعضلات الأحبال الصوتية، تمرنها على إصدار النغمات المختلفة، و بتعلمنا جميع الحروف نصبح قادرين على إصدار جميع النغمات الصوتية التي نحتاجها لنطق الكلمات.
أين المشكلة في التأتأة عند الاطفال
على أساس السبب يقسم العلماء اضطراب التخاطب اللفظي إلى 3 أنواع:
1- لعثمة التطور و النمو
يمثل تطور مهارات التخاطب جزء أساسي من مراحل نمو الأطفال، و قد يصاب الطفل في هذه المرحلة باللعثمة نظراً لأن مهارات التواصل و التعامل لدى الطفل تكون سابقة لاكتمال مهارات اللغة، مما يدفع الطفل لمحاولة البحث عن كلمات و ألفاظ تعبر عن رغباته، و هذا النوع من اللعثمة غالباً ما يختفي بمجرد اكتمال التطور اللغوي للطفل.
2- التأتأة عند الاطفال العصبية
كما سبق أن ذكرنا أن التخاطب اللفظي يتطلب تناغم عضلي، عصبي عالي المستوى، لذلك فأن أي خلل في الأعصاب أو نقل إشاراتها للمخ فيما يخص أجزاء المخ المختصة بالكلام يؤدي إلى عجز المخ عن التنسيق السليم لخروج الأصوات بالترتيب و الفواصل الزمنية الصحيحة، غالباً ما يحدث هذا النوع بعد إصابات المخ و السكتات الدماغية.
3- التأتأة عند الاطفال لأسباب نفسية
هناك أنواع أخرى من اللعثمة يتم إرجاع سببها إلى عوامل نفسية، و بينما كانت هذه الأنواع تعتبر في وقت سابق هي أكثر الأنواع شيوعاً إلا أنها تعتبر نسبة قليلة حالياً، و يجب في هذا أن نفرق بين أن يكون سبب التأتأة عند الاطفال نفسي و بين التأثيرات النفسية التي قد تسببها اللعثمة نتيجة مشاكل التواصل و الخجل الزائد و الخوف من مواجهة جمهور.
قد تصيب اللعثمة النفسية الأشخاص الذين تعرضوا لمرض نفسي، أو الأشخاص الذين خضعوا لضغوط نفسية قوية، هناك ما يدفع العلماء إلى الاعتقاد أن اللعثمة قد تكون مرتبطة بجينات معينة و لها نمط ظهور في العائلات المصابة بها، لكن ينقصهم الدلائل القادرة على إثبات هذه النظرية حتى الآن.
كيف تتجنب التأتأة عند الاطفال ؟
- توفير بيئة هادئة في المنزل تتيح للطفل فرصة جيدة للحديث بهدوء.
- تخصيص الآباء لوقت يومي للتفرغ للجلوس مع الطفل و التحدث معه بحرية.
- تجنب انتقاد طريقة كلام الطفل أو توبيخه على حديثه المتقطع.
- تجنب تشجيع الطفل على استبدال التخاطب اللفظي مع الناس بأفعال توفر عليه الكلام و شجعه على التعبير بكلمات أولاً.
- استمع بانتباه لحديث طفلك و إعطه اهتمامك.
- تحدث الآباء أمام الطفل بهدوء و بطئ يعطي الطفل فرصة لتعلم الحديث الهادئ.
- انتظر الطفل حتى ينهي كلماته ولا تحاول مقاطعته و تخمين كلماته.
- تحدث للطفل ببساطة عن اللعثمة إذا تطرق إلى الموضوع و طمأنه.
كيف تقلل من آثار التأتأة عند الاطفال ؟
أغلب برامج علاج اللعثمة هي برامج سلوكية تعتمد على تدريب الشخص على مهارات تساعده في التغلب على مشاكل التواصل اللفظي مثل:
- التمرن على مراقبة معدل الكلمات و التحكم فيه بشكل يساعد على نطق جميع الكلمات بسلاسة.
- التمرن على نطق الكلمات بأسلوب هادئ و أكثر بطئاً و أقل حدة من الناحية الجسدية.
- التمرن على التحكم في التنفس بشكل يساعد على خروج الكلمات بسلاسة.
- بدء التمرينات بجمل قصيرة و معدلات بطيئة جدا لتسهيل المهمة، ثم الزيادة التدريجية في طول الجمل و سرعة التحدث بها.
- الحفاظ على المتابعة الدائمة لهذه التمارين لتجنب حدوث تراجع في المهارات.
كيف تتعامل مع التأتأة عند الاطفال ؟
- الشخص المتلعثم يريدك أن تعامله بشكل طبيعي جدا مثل أي شخص آخر.
- الشخص المتلعثم يعلم أنه يعاني مشكلة، لذا لا تدفعه للتوتر حتى تستطيع أن تفهمه.
- أظهار الضيق أو نفاذ الصبر أو السخرية يمكنه فقط أن يزيد الأمور سوءاً.
- أعطيه الوقت و الهدوء ليعبر عما يريد قوله.
- لا تقوم بإنهاء جملة أو تخمين كلماته المتقطعة.
- اقتراحات مثل ” اهدأ ” أو ” لا تستعجل ” قد تزيد من قلق المتحدث لذا لا داعي لقولها.
في النهاية وبعد معرفتك المزيد عن التأتأة عند الاطفال ، إذا كان لديك المزيد من التساؤلات أو الاستفسارات، يمكنك استشارة أحد أطبائنا من هنا.